في حضورها الحيوي ترتج أعمدة الكلية.. كالفراشة تحلق فوق صفوف المقاعد فيحاول كلٌ اقتناصها بوسيلته. أشعر بالغيظ.. فيصرخ قلبي.. هي لي وشباككم ممزقة ونتعارك.. كالقطط البرية.. وكسمكة رشيقة تنسل من سخافاتنا.. وتختفي. يتلفت القلب حوله .. ونعثر عليها أنا وهو.. تحت ظل تلك الشجرة. وتحتها.. نهذي كثيراً ونضحك.. وحين تبكي السماء نجني ثمار الحب والحياة من ذلك الظل.. حين تغيب.. أجثو على بساط أخضر تحت قصرها الأسطوري.. تتسمّر عيناي عند تلك النافذة.. يناديها القلب (أين أنت يا جوليتي السمراء) وما من مجيب! تدلف روحي المتعبة من النافذة وأصل وهي نائمة على فراشها الوثير، أتلمسها.. وأخشى أن تشعر بصقيع الروح فّي إن طال شوقي وترحل روحي بشيء من دفئها عائدة إلى قواعدها بسلام. قالت لي يوماً : أين دارك؟ قلت: هنا أو هناك. تغيبت عن الكلية ثلاثة أيام.. أتعبني تلفت هذا القلب وتوقف حين شيح عن يقين ما.. ويأتي اليقين.. وهي.. بوجه آخر وشحوب آخر - أين أنت؟ -ما بك؟! هل حدث لوالديك مكروه؟ وانفجرت ببكاء زلزل الكرة الأرضية. فتفرقت الأوطان وتشتت من عليها.. خشيت أن أمسح بأصابعي هذه عينيها فاجرحها - أريحيني.. فباحت بالخبر .. هي لي ..كنت أدرك ما أقول هدأت.. وقالت: - كرهتهما.. لماذا يخفيان عني كل هذا الوقت؟! - خوف فقدانك.. ويجب عليك أن.. - أن ماذا؟!.. ألم تقل أنهما يشبهاني.. ثم هذه الورقة القديمة -أحرقيها..فقلبك بارد وندي - كفّ.. أنا لن أعود إليهما -يا ناكر المعروف.. -ماذا؟ -أقول: كوني لي .. جميلة هي.. حتى في سخطها وبؤسها كما في شموخها ومرحها.. وشعاع هذه الشمس البرونزية ولون البحر الأزرق يضفيان على عينيها بريقاً عجيباً لمعانهما يقلقني..! ! فأصرخ من أعماقي أنت لي وتثور مياه البحر بعنف عند أقدامنا العاريتين.. همهماته مغرية.. يحتضنها ويهمس لها هذا النابض العنيد داخلي (كوني لي). ونذوب معا في ملح البحر ترتعش الأمواج.. لتدفعنا إلى حيث الشاطئ.. وتنسل هي من بيني. نعم قد أرهقتها برجاء قلبي.. وصقيع ثوبي فرحلت مع الطريق عدت خائباً إلى مقري.. ولكن لم أجده بحثت.. ولا زلزال يعيد مواقع المساقط كما كانت! ركضت إلى آخر نقطة في الدائرة صرخت بقوة.. أنت أيها الطريق.