ثمة عيوب فنية كثيرة شاخصة في الطرق جراء عشوائية تنفيذها دون المواصفات المطلوبة، معها تتزايد أعداد السيارات المختلفة وتزدحم الخطوط نظراً لعدم ازدواجيتها أيضاً.. فيتهور السائقون دون الالتزام بقواعد السير، حينها يجهل المسافرون وهم آخذون مقاعدهم على المركبة أنهم باتجاه الطريق إلى الموت.. في العام 1908م شكلت الملكة البريطانية لجنة لدراسة مخاطر الاختراع الجديد المسمى «سيارة» وبعد دراسة مستفيضة توصلت اللجنة إلى أن مخاطر التكنولوجيا الحديثة «السيارة» تكمن في إثارة غبار الطرق، اليوم يلقى ملايين البشر مصرعهم بسبب حوادث سير ، فقد توفي خلال العام «2007م» في بلادنا«7292»شخصاً نتيجة حوادث مرورية. اختلالات طرق ومعظم هذه الحوادث تحصل على طرقات أنشئت في سبعينيات القرن الماضي عندما كان عدد المركبات لا يتجاوز«01%» مما هو موجود حالياً إلى جانب أن هذه الطرقات أصلاً تفتقر لأدنى معايير السلامة التي يفترض تواجدها على الخطوط الطويلة، الأمر الذي قد يجعل الخطأ الأول فيها هو الخطأ الأخير، وبالرغم من أن الدولة تخصص مئات المليارات لإنشاء الطرق وتحديث شبكة الطرق التي تربط بين المحافظات ،إلا أن عملية تنفيذ هذه الطرق تتم بشكل عشوائي وغير مدروس حيث إن الذين يقومون بوضع الدراسات من غير المتخصصين عادة والذين يقومون بعملية التنفيذ غير متخصصين أيضاً ويفتقرون للقدرة اللازمة لتنفيذ إنشاء الطرق، ومحصلة هذه العيوب في التصميم والعيوب في التنفيذ والتلاعب بالمواصفات يؤدي إلى حدوث انتفاخات وتصدعات بالإسفلت وحدوث حفر تسبب بوقوع نسبة كبيرة من الحوادث بحسب آراء سائقين محترفين . أما سوء التنفيذ فإنه يتم عند إنشاء المنحنيات التي يتم وضعها بشكل أبعد مايكون عن المعايير المحددة لضمان الأمان والسلامة في الطرق، وهي كثيراً ما تفاجئ السائقين وينتج عنها حوادث يمكن تجنبها. أما المنحدرات أو الطرق التي يوجدفيها صعود وهبوط فإنها تمثل الجزء الأخطر في بلادنا حيث يلاحظ أن معظم الحوادث تقع على مثل هذا الجزء من الطريق،ويرى اختصاصيون في مجال الطرقات أن العمل في طريق المنحدرات لا يراعي أبسط القواعد التي يجب أن تتبع في إنشاء مثل هذه الطرق، من حيث المواصفات والتنفيذ، فهي تتطلب خلطة اسفلتية خاصة تجعل السيارة فيها أكثر تماسكاً وليست عرضة للإنزلاق، كما أن مستوى المنحدر إذا كان سيمثل «01%»من مسافة «001» متر فهو يعد خطيراً جداً وغير متوافق مع معايير السلامة المطلوبة، أما المواد المستخدمة عند تشييد طرق المنحدرات عادة فهي مواد اعتيادية مثل التي تستخدم في الطرق المنبسطة ،وعندما تتعرض للحرارة والأمطار تصبح زلقة وما يشهده طريق السياني القاعدة من حوادث دليل كاف على مستوى سوء تنفيذ الطرقات.. أما المداخل من الخطوط الطويلة إلى داخل المدن فإنها تفاجئ السائقين وتنعدم فيها الرؤية وهذا يضاف إلى جملة الأسباب المهمة المؤدية لكثرة الحوادث بحسب المختصين والمعنيين، وهي أسباب يمكن تلافيها والسيطرة عليها.
وزارة الأشغال العامة رفضت التعليق أو التعاطي مع الموضوع من الأساس، حيث قال المسئول الإعلامي في الوزارة إنهم بحاجة إلى مذكرة من الصحيفة حتى يتسنى لهم الرد على أي استفسارات حول الموضوع ، وإن الحجة في ذلك الإزعاج الذي تتعرض له الوزارة من قبل الصحفيين فأرواح الناس لاتشكل أمراً يستحق التجاوب نظراً لحجم المسئولية الواقعة على عاتق الوزارة في هذه القضية. حفريات مميتة السائق يحيى محمد الصوفي «84» عاماً يعمل منذ عام 2791م على خط صنعاءتعز عدد أسباب وقوع الحوادث وخصوصاً في فترة العيد والتي منها التجاوزات غير الصحيحة في الطرق الضيقة، إضافة إلى الحفريات التي تقوم بها الشركات على طرق الخطوط الطويلة لأغراض مد شبكات المياه والهاتف وغير ذلك حيث إن هذه الشركات لاتقوم بوضع أي لوحات أو شواخص تحذر السائق قبل أن يقع في حفرة أو يصطدم بمعدات عمل الحفريات إلى جانب ضرورة توفير الإشارات الضوئية وإشارات الخطوط الطويلة التي تدل السائق على المنعطفات والطرق التي يوجد فيها انخفاض وارتفاع مفاجئ إضافة إلى المطبات المستحدثة، وانعدام أعمال الصيانة وأن تجاوز هذه الاختلالات سيؤدي إلى انخفاض كبير بنسبة الحوادث وأشار الصوفي من خلال خبرته إلى أن فتح التراخيص لقيادة السيارات أصبحت تمنح لأناس لا يفقهون أصول القيادة وهو عامل مهم في ارتفاع نسبة الحوادث لافتاً إلى أن معظم الحوادث تقع مع أصحاب الحافلات الذين يستغلون فترة ازدحام المسافرين في العيد للعمل في الخطوط الطويلة. وفي ختام حديثه وجه الصوفي نصيحة إلى المسافرين إذا وجدوا السائق متهوراً أن يبلغوا أقرب نقطة. القديم والجديد المهندس علي القباطي متخصص في مجال الطرقات قال إنه يمكن تدارك الاختلالات المؤدية للحوادث في الخطوط الطويلة والتخفيف من حدتها وذلك عن طريق إرشادات السلامة والأمان المتمثلة في إيجاد اللوحات والشواخص التي تعرف السائق بطبيعة الطريق والخطوط على وجه الطريق والقطع الفسفورية إلى جانب تحسين المنعطفات أو المنحنيات وجعلها أقل خطورة مما هي عليه الآن، إلى جانب ضرورة تخفيف السرعات، كما يجب تحديد مواعيد خاصة لمرور الناقلات الكبيرة في أوقات محددة كالليل مثلاً مما سيؤدي إلى تخفيف الزحام في الطرقات التي لاتحتمل الزحام. وحول تقييم مستوى العمل في إنشاء الطرقات قال القباطي: إن العمل في إنشاء الطرقات مازال عشوائياً، وبدون مراعاة إرشادات السلامة، حيث لابد أن توجد طرق تحويلات لدخول المدن تتوافر فيها إرشادات السلامة. إضافة إلى غياب تام للمواصفات والجودة والواقع يشهد على ذلك وكل ما علينا هو عمل مقارنة بين الطرقات القديمة والجديدة إلى جانب أنه لا يوجد كادر مؤهل للمقاييس والمعايير ومراقبة الجودة والتي تتطلب اختبار المواد عن طريق مهندسين متخصصين ، كما أن تحديد المنعطفات يتم بشكل غير مدروس ومن قبل غير المتخصصين وهذه المنعطفات العشوائية تؤدي إلى كثير من الحوادث والمفترض أن يتم التعامل مع المنحنيات عن طريق دراسات صحيحة بواسطة المختصين. عمر جديد شهاب المهدي «93» عاماً ألقى بالمسئولية الرئيسية لوقوع الحوادث على السائقين موضحاً أن السائق الملتزم بالقواعد سيجيد التعامل مع الطرقات السيئة وأضاف قائلاً: إن السائقين يصابون بحالة هلع أثناءالأعياد حيث يرفعون أجرة الراكب إلى الضعف مستغلين زحمة المسافرين الأمر الذي يجعلهم يقودون بسرعات جنونية، حتى يتمكنوا من العودة وتحميل الركاب والقيام برحلة ثانية في زمن قياسي متجاهلين مسألة سلامتهم وسلامة الركاب الذين معهم، إن السائقين يعانون أثناء فترة العيد من الارهاق وقلة النوم نتيجة لكثرة الرحلات، الأمر الذي يجعلهم عصبيين وفاقدي التركيز المطلوب للقيادة في خطوط طويلة مزدحمة بالحركة مثل أيام الأعياد ،وأشار شهاب إلى أنه منذ «81» عاماً وهو يتنقل بين صنعاءوتعز وفي كثير من الأحيان وخصوصاً إجازة العيد لاتمر الرحلة من دون أن ينشب خلاف بين الركاب والسائق الذي يبدي استهتاراً ولا يأخذ ملاحظات المسافرين معه بعين الاعتبار. واختتم حديثه بالقول: إن السفر من صنعاء إلى تعز لقضاء إجازة العيد بين الأهل يعد مجازفة غير مضمونة النتائج فقد تكون الرحلة الأخيرة، وإذا وصلت سالماً فإن ذلك يعني أنه قد كتب لك عمر جديد، وأنه يجب وضع حد للسائقين المستهترين وتحسين أحوال الطرق حتى تصبح أكثر أماناً. ورغم أن عدد ضحايا الحوادث المرورية مرشح للزيادة كل عام إلا أن الملاحظ أنه لايوجد هناك أي تنسيق أو تعاون بين الجهات المعنية للحد من حجم الكارثة حيث يرى السائق محمد بجاش «34» عاماً أن مستوى الخدمات الإسعافية لحوادث الطرق غائب تماماً مع أن الخدمات الإسعافية الأولية ستساهم في إنقاذ الكثير من الأرواح، يقول بجاش «عند وقوع الحوادث يقوم المتطوعون من المسافرين بمحاولات الإسعاف وهناك حالات من المصابين تتعرض للضرر أكثر جراء المساعدة التي تفتقر للخبرة». وعلى مايبدو أن أرواح المصابين في الحوادث متروكة لمبادرة وضمير المسافرين فطريق مثل صنعاءتعز لاتوجد فيه سوى نقطتي إسعاف تصل عادة بعد فوات الأوان. كما أن الأمر يستدعي تسيير دوريات على طرق الخطوط الطويلة، بشكل متواصل حتى تقوم بضبط السائقين المخالفين، حيث يرى السائق عماد الوعيلي «13» عاماً أن المسألة مرتبطة بكل من يستخدمون الطريق، وفي كثير من الحالات يقوم سائقون مستهترون بالتسبب في الحوادث لغيرهم من المركبات والسيارات، ووجود دوريات سيخفف من حجم المشكلة وسيوفر الانضباط في الطريق. خسائر غير منظورة عادة ماتحسب الخسائر المادية عندنا بالنتائج المباشرة للحوادث والمتمثلة بالمركبات المدمرة بينما تتجاوز الخسائر حقيقة ذلك بكثير فهناك الإصابات التي يعاني أصحابها من إعاقات دائمة تمنعهم من مواصلة حياتهم بشكل طبيعي إضافة إلى تكاليف العلاج وخسائر أخرى كثيرة غير منظورة،هذا طبعاً يضاف إلى الخسائر الأهم وهي خسائر الأرواح والتي ينتج عنها آلاف الأيتام والثكالى، وكل هذا يحدث ونحن قادرون على تقليل نسبة هذه الخسائر، فإذا كانت الحوادث ضريبة تدفعها البشرية للتطور، فإنه من الممكن تخفيض عددها وخسائرها.. فقط إن توفرت النوايا الصادقة.