احتفلت اليمن مع سائر الشعوب العربية والإسلامية أمس بذكرى الهجرة النبوية الشريفة وحلول العام الهجري الجديد 1430ه على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم. وأحيت عدد من المساجد في مختلف محافظات الجمهورية هذه المناسبة الدينية الجليلة بإلقاء الخطب والمواعظ المعبرة عن الأهمية البالغة والأبعاد المؤثرة للهجرة باعتبارها المنعطف الحاسم في تاريخ الإسلام والمسلمين، مستنبطة منها العبر والدلالات. ففي العاصمة صنعاء نظمت وزارة الأوقاف والإرشاد مساء أمس في جامع الصالح احتفالاً دينياً بالمناسبة بدأ بآي من الذكر الحكيم للشيخ الحافظ يحيى أحمد الحليلي.. وألقى وكيل وزارة الأوقاف لقطاع الإرشاد الشيخ حسين محمد الهدار وخطيب جامع الشهداء الشيخ محمد العيسوي وعميد المعهد العالي للتوجيه والإرشاد الدكتور مقبل الكدهي كلمات بالمناسبة، أكدت أهمية الاحتفال بهذه المناسبة واستلهام الدروس والعبر منها، وضرورة الاستفادة من دروس الهجرة النبوية للرسول صلى عليه وسلم والصحابة في التعامل الأخلاقي بين المسلمين واتباع نهجه وسيرته العطرة..وتناولت الكلمات الذكرى العطرة ودلالاتها وأهمتيها في حياة الأمة والبشرية بشكل عام والنتائج الهامة التي ترتبت على حدث الهجرة الشريفة في ترسيخ مداميك المجتمع الجديد، القائم على الأخوة الصادقة ورابطة الدين والعقيدة ومبادئ الوحدة والنصرة والتكافل والمحبة والتسامح. وأكدت أن الهجرة النبوية مثلت مرحلة هامة وحاسمة في تأريخ الإنسانية وأعلنت ميلاد عهد جديد عنوانه تحرير النفوس من أمراض الجهالة وتسلط الطواغيت إلى نور العلم والإيمان في ظل قيم المحبة والتسامح بين كافة أفراد المجتمع. ونوه أصحاب الفضيلة العلماء إلى عظمة الحدث والدروس المستفادة من سيرة الرسول الأعظم وأصحابه في تبليغ الدعوة وتربية النفوس على الصبر في سبيل الدين والعقيدة، وما لقيه عليه الصلاة والسلام وأصحابه من أذى في سبيل نشر الدعوة الإسلامية. واعتبر أصحاب الفضيلة العلماء وخطباء المساجد في أمانة العاصمة ومختلف محافظات الجمهورية أن الهجرة تمثل منهج حياة وعقيدة إلى قيام الساعة، يجب العمل على ترسيخ مبادئها في نفوس المؤمنين وتطبيقها في واقع الحياة، والتحذير من اليأس والإحباط وهجر القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. وتطرقوا إلى واقع الأمة اليوم ووجوب التوحد فيما بين المسلمين، كون الإسلام دين عزة وكرامة وإخاء وتسامح يدعو إلى وحدة الصف ولم الشمل ويحض على نبذ الفرقة بمختلف أشكالها، والتي يسعى من خلالها الأعداء إلى تفتيت أوصال الأمة ليسهل لهم الاستحواذ على مقدراتها وبث الضعف والوهن في صفوفها ومن ثم الاستسلام لليأس والإحباط. كما تطرق العلماء إلى المأساة الإنسانية والكارثة التي يعيشها قطاع غزة والحصار الظالم لقوات الاحتلال الصهيوني والمجازر التي ترتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل.. منوهين إلى ما يعانيه اليوم أبناء هذا الشعب القوي في إيمانه، القوي في صبره، من أعمال قتل وإبادة وتشريد على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي وحكومتها الإرهابية. وطالب العلماء الزعماء العرب والمسلمين والمجتمع الدولي إلى نصرة الشعب الفلسطيني ومده بالمعونات اللازمة والمساعدات الإنسانية العاجلة، باعتبار ذلك واجباً دينياً وشرعياً ووطنياً، حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، قائلاً: «المؤمن للمؤمن كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضاً». كما دعت الكلمات قادة الأمة العربية والإسلامية إلى التضامن ونبذ كافة أشكال الفرقة والخلافات، والاستفادة من دروس الماضي لمواجهة التحديات الراهنة التي تحاول النيل من الإسلام والمسلمين، والعمل بروح المسئولية في مواجهة التحديات التي تحيط بالأمة العربية. وأكدوا أهمية المعاني العظيمة لرسالة الإسلام، وما تحقق للأمة في ظلها من عزة ورفعة وسيادة، وانتقلت المجتمعات في ضوئها من ظلام الجهل إلى نور الإيمان والعلم ومن الذلة إلى العزة، وانتشلت الأمة من الضياع والشتات الذي كانت تعيشه إلى الحضور الفعال، وتقدم ركب الحضارة من خلال انتهاج العدل والمساواة وتكريم الإنسان واحترام ماله وعرضه وحقه في الحياة بتعامل يرقى بالنفس إلى أسمى مراتب الاحترام. منوهين إلى أهمية تفعيل دور المساجد في توعية المجتمعات بأهمية رسالة الإسلام وأخلاقه الفاضلة، وما تضمنته من معانٍ إنسانية شاملة وسامية يعيش في ظلها الناس متمتعين بكل الحقوق.