قدَّم فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - إلى إخوانه قادة الأقطار العربية المشاركين في أعمال القمة العربية (قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة)، المنعقدة حالياً في دولة الكويت الشقيقة، مشروعاً أعدته اليمن لإنشاء اتحاد الدول العربية. وقال فخامة الأخ الرئيس في كلمة ألقاها أمس في الجلسة المسائية للقمة: إن اليمن تقدمت بهذا المشروع لإنشاء اتحاد الدول العربية إدراكاً منها أن المتغيرات والتحديات التي يواجهها الوطن العربي تفرض على الجميع العمل من أجل تغيير منظومة العمل العربي المشترك في ضوء المستجدات الدولية والإقليمية. موضحاً أن إنشاء هذا الاتحاد سيكفل تحقيق التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي والثقافي والأمني والدفاعي بين الدول الأعضاء، وبما يخدم أمن ومصالح الأمة العربية. وتابع الأخ الرئيس قائلاً: لدينا من الإمكانات الاقتصادية والبشرية والعسكرية ما يمكننا من الدفاع عن عقيدتنا وأوطاننا وهويتنا العربية والإسلامية، ويحافظ على حقوقنا وكرامتنا. وشدد الأخ رئيس الجمهورية على أهمية أن تخرج قمة الكويت بقرارات تترجم آمال وتطلعات أمتنا العربية، وتعزز من وحدة الصف والتضامن العربي، وتكون عند مستوى التحديات التي تواجه الأمة.. مؤكداً في ذات الوقت أن الظروف والتطورات الراهنة تفرض على الجميع نبذ الخلافات والتطلع نحو مستقبل عربي أفضل. وفيما يلي نص الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. الأخ العزيز سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح - أمير دولة الكويت الشقيقة.. الإخوة القادة .. الحاضرون جميعاً .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل لدولة الكويت أميراً وحكومة وشعباً على الإعداد الجيد لهذه القمة التي نأمل أن تكون قمة تاريخية حاسمة وناجحة بما سيصدر عنها من قرارات مصيرية حول القضايا السياسية والاقتصادية المدرجة في جدول أعمالها، خاصة وأنها تنعقد في ظروف بالغة الأهمية والتعقيد إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان بربري همجي ومجازر وحشية من قبل الكيان الصهيوني. حيث تزهق الأرواح، وتتمزق أجساد الأطفال والنساء والشيوخ أشلاء في ظل صمت دولي ووضع عربي متردٍّ، وانقسامات خطيرة في الصف العربي، استطاع الكيان الصهيوني استثمارها واستغلالها، سواء في مواصلة عدوانه أو في ضرب كل مبادرة لإحياء التضامن العربي المنشود. ونحُيِّي صمود أبناء الشعب الفلسطيني في غزة الذين لم تنكسر إرادتهم أمام الصلف والغطرسة الصهيونية، ونترحم على أرواح الشهداء من أبناء غزة الذين سقطوا ضحايا تلك المحرقة الصهيونية. ونحن إذ نبارك الجهود التي بُذلت في القمم التي انعقدت في شرم الشيخ والدوحة والرياض من أجل وقف العدوان، وإنهاء الحصار، وفتح المعابر، وانسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة، إلا أننا نعتبر المبادرة العربية والتي أقرتها الدول العربية بالإجماع خياراً عربياً للسلام، ووسيلة لفضح نوايا إسرائيل أمام العالم لرفضها كل جهود تحقيق السلام العادل والشامل، وقيام الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، وإنهاء الاحتلال للأراضي العربية المحتلة. الإخوة القادة .. لقد تمكن الكيان الصهيوني من إحباط التضامن العربي، وتمزيق الوحدة الفلسطينية بدعم من بعض القوى التي ظلَّت تدعمه. إن مسئولياتنا الوطنية والقومية تفرض علينا أن نعمل بكل الطرق والوسائل لانتشال الوضع العربي مما هو عليه.. وأن نتخذ مواقف شجاعة تجبر الكيان الصهيوني على وقف عدوانه الغاشم، وكسر جبروته، والإذعان لإرادة الحق والعدالة والشرائع السماوية والشرعية الدولية.. وأن تتبنَّى قمتنا هذه قرارات فاعلة تضع حداً للحرب الظالمة التي تشنها إسرائيل ضد العزَّل من أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة، بل وضد الأمة العربية بأسرها، وأن نخرج بأقل مما يجب علينا إزاء أمتنا العربية، والتي تتطلع إلى قمتنا هذه بكل الأمل لتكون قمة متميزة بقراراتها ونتائجها من حيث الشجاعة والصراحة والموضوعية، وأن تتبنَّى القرارات الآتية: - الانسحاب الفوري والشامل للقوات الإسرائيلية من غزة. - فتح كافة المعابر. - إنهاء الحصار على غزة. - إلزام الكيان الصهيوني بتعويض الشعب الفلسطيني عمَّا لحق به بسبب المحرقة التي ارتكبها في غزة ضد الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهدم المنازل والمنشآت العامة والخاصة والبنية التحتية. - تقديم القادة الصهاينة المسئولين عن المذابح والمجازر النازية الصهيونية الجديدة ضد شعبنا الفلسطيني للمحاكمة. - مطالبة المجتمع الدولي بفرض الحصار الاقتصادي والعسكري على إسرائيل حتى تنصاع لقرارات الشرعية الدولية. - العمل على توظيف علاقات الدول العربية، وبخاصة مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي..وإذا لم يستجب الكيان الصهيوني لكل هذه المطالب فإن علينا اتخاذ موقف حاسم لمواجهة تعنت الكيان الصهيوني، وأن لا نظل ندعو الشعب الفلسطيني للصمود حتى آخر طفل وامرأة وشيخ، بينما نحن في بلداننا متفرجون. الإخوة قادة الأمة العربية .. إن غطرسة العدو الصهيوني، وعدم استجابته لخيارات السلام والالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية توجب علينا تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك كخيار أخير إزاء التعنت الصهيوني للحفاظ على كرامة الأمة العربية ومقدراتها وحاضرها ومستقبلها. وفي هذه المناسبة ندعو الإخوة في كل من حركة فتح وحركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية إلى الالتزام بالاتفاقات الموقَّعة بينهم لضمان وحدة الصف الفلسطيني، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتشكيل حكومة وفاق وطني من كل القوى الفلسطينية تعمل على التحضير لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية متزامنة، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية تتبع الشرعية الدستورية، بعيداً عن الحزبية والفئوية، وذلك برعاية كريمة من كل من: مصر وسوريا وتركيا لما لهذه الدول من تأثيرات على مختلف الأطراف الفلسطينية. الإخوة القادة .. إن المتغيرات والتحديات تفرض علينا في الوطن العربي أن نعمل على تغيير منظومة العمل العربي المشترك في ضوء المستجدات الدولية والإقليمية، وقد تقدمت اليمن بمشروع لإنشاء اتحاد الدول العربية لتحقيق التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي والثقافي والأمني والدفاعي، وبما يخدم أمن ومصالح الأمة العربية.. فلدينا من الإمكانات الاقتصادية والبشرية والعسكرية ما يمكننا من الدفاع عن عقيدتنا وأوطاننا وهويتنا العربية والإسلامية، ويحافظ على حقوقنا وكرامتنا. وما من شك فإن الظروف والتطورات الراهنة تفرض علينا نبذ الخلافات والتطلع نحو مستقبل عربي أفضل، وهناك تحديات في الجانب الاقتصادي في ظل الأزمة المالية العالمية، وتفاقم معدلات الفقر، وتواضع حجم التبادل التجاري والاستثماري بين أقطارنا العربية، بالإضافة إلى هجرة رؤوس الأموال والكفاءات العربية للخارج، وعدم انتقال العمالة العربية في الأسواق العربية بعضها البعض. وعلينا في هذه القمة العمل بكل ما من شأنه تلبية تطلعات شعوب أمتنا العربية في التكامل والوحدة والرخاء والتقدم. في الختام .. أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في الكويت.. متمنياً لقمتنا هذه النجاح والتوفيق، وأن تخرج بقرارات تترجم آمال وتطلعات أمتنا العربية، وتعزز من وحدة الصف والتضامن العربي، وتكون عند مستوى التحديات التي تواجه الأمة.