منذ يومين وأنا أتهرب من الجلوس في الغرفة كالمعتاد يومياً فالروتين وعبء المسئولية انهكاني حقاً .. أريد الرحيل.. ماذا لو طالبت بحقي من إجازة سنوية .. يومان فقط لا أكثر . أحشو هذه الحقيبة بهمومي ، وأهرب دون قيود .. وأغادر نحو منطقة مهجورة تبلعني حيث لا بشر ولا زمن، فقط صمت وبحر أخلو معه .. فكم يكون الإنسان سعيداً ويشعر بالارتياح عندما يلاقي خبراً يفرحه ويرتبط به أو بمن يكن له قدراً من المحبة والاحترام. فلحظات السعادة لا تفارق مبسمه .. كظمأ العطشان والتائه في البيداء يجعل صاحبه ذا بشاشة ووجه متحدث في مجلسه يستمع إلى ذلك وذاك مقدماً أفضل الحلول بنظره وغير آبه بمشاكله المخفية لوجود المسكن لها في تلك اللحظات. في حين أن وقوفه لحظة ما أمام تلك المشاكل قد يجعل موجاته السعيدة تنقلب إلى دوامة مظلمة لا يعلم مصيرها. ومن هنا نجد أن للشقاوة نصيباً يقاسم السعادة وحاضرا يأخذ ذلك القسم نصيب الأسد وذلك بسبب ازدراء الوضع الاقتصادي في معظم الاقطار العربية. فيصعب تقديم الحلول التي يريدها السائل فلا يجد أمامه إلا مساءلة نفسه أو الصمت الذي يجده الكثير الطريقة السليمة للخروج من مأزق التساؤلات لاحتوائه على فوائد وهذا هو لب موضوعي الذي أريدكم الاطلاع عليه.. فالمبدع لا تنفتح بداخله مساحات الدهشة ولا الإبداع إلا في حال الصمت والبعد عن ضجيج العالم المتزايد يوماً بعد يوم فكم يكون العالم سعيداً إذا كان الصمت أكثر من الكلام !؟. فلحظة صمت لا تعني خلوة دائمة ، كما يقول المتصوفة والزهاد وإنما هي انسجام مؤقت من صخب العالم نحو هدوء الداخل وفي لحظاته نعيش حزننا إلى آخر مداه. فدعونا نتفق أن الدعوة إلى لحظة صمت هي الحل الأمثل لما نعانيه أو إني أرى من يميلون إلى أولئك الذين يرون من الضحيح علامة على الطاقة والتقدم المستمر !. إنني أتأمل في عيونكم من بعيد وأجدكم تميلون إلى الرأي الأول لأن العارفين يؤكدون أن الضجيج ما هو إلا شكل من أشكال التلوث الذي يصيب الروح في المقتل بينما لحظات الصمت التي أريدكم ان تعيشوها ستجدون فيها لحظات السعادة الحقة والتي ستفوق لحظات الأخبار السعيدة كما ذكرنا سابقاً. لأننا نجد فيها متنفساً نعبر فيه عن آلامنا وآهاتنا ونجد فيها الحلول السليمة بدلاً عن العنف والفوضى ونستطيع التأمل فيها فنجد الراحة والاستقرار والتفكير في نعم الله فنحمده تعالى على ما أنعم علينا وما نحن فيه وإن مشاكلنا لا تمثل شيئاً أمام تلك التي يعانيها البعض والذين لا يجدون قوت يومهم الا بصعوبة في كثير من الأحيان. والاكثار من العبادات والطاعات التي تملأ حياتنا بنفحات إيمانية تقربنا إلى الله عز وجل نحن بحاجة اليها أكثر في تلك اللحظات لأن في ذلك عدم اليأس من الظروف والمشكلات التي تحيط بنا بل نجد قاربنا في البحث عن الحلول بالاعتماد على الله وحده. لذا فاحفظ الله يحفظك.