يحاول جاهداً استرجاع تفاصيل ما حدث له، في ذلك المكان، حيث التقاها، وجهاً لوجه، صعقته الدهشة، والمفاجأة من التطابق لتقاسيم وملامح وجهها، مع ما هو مسكون في ذاكرته لها قبل أن يلتقيها، أراد أن يشرح لها.. أنه يعرفها قبل أن يراها، استحضر قاموس لغته الذي يفاخر به دائماً، لكنه أصيب بالجمود والتبلد. حين غادرته، غارقاً في هواجسه التي ظلت تؤرقه، ويود ثانية لو يحظى بفرصة سانحة، تتيح له التقائها، مرة أخرى كتلك المرة التي لم يستغلها في تعريفها بمعرفته بها قبل أن يلتقيها.. كحقيقة مطابقة لما هي عليه في أحلامه المتكررة.. الدهشة ما زالت تلازمه، وتؤرقه، ولا مناص له إلا أن يحاول تكرار الذهاب والوقوف في ذلك المكان، يُمني نفسه، بمصادفة أخرى تجمعه بها، ويستحضر المفردات والمعاني التي سيشرح بها، كيف أنها تسكن حلمه، ولم يكن يدري أنها موجودة حقيقة على الواقع كما شاهدها.. هكذا سيوضح لها، قال لنفسه وهو واقف في ذلك المكان الذي تركته فيه في تلك المرة أجهد ذاكرته في استرجاعها. مسه الذعر والخوف حين لم تأت حتى في حلمه.. وبينما هو في حيرته وذعره وخوفه، ظهرت فجأة من منعطف مرت من أمامه، ولتقف لبرهة ثم تغادره وليبقى متسمراً في وقفته، فلم يستطع اللحاق بها، وقد تجمدت لسانه، فلم تستطع مناداتها، وكيف يناديها وهو لم يعرف إلا وجهها، ولا يعرف اسمها.. استبد به الخوف والقلق، من حالة الجمود والشلل للسانه وجسده في عدم مناداتها واللحاق بها..أُصيب بالاختناق وتصاعدت أنفاسه، بتسارع شديد، ولم يوقف حالته تلك، إلا ارتفاع صوت منبه الساعة الذي أيقظه من النوم.