لم يعد مرض الجذام بذلك الشكل المخيف..اليوم استطاع العلم أن يضع له حداً وبالتالي لم يعد الجذام يمثل مشكلة صحية بل مشكلة اجتماعية من خلال نظرة المجتمع إلى مريض الجذام الأمر الذي يستدعي تغيير هذه النظرة ولن يتأتى ذلك إلا من خلال نشر الوعي بالمرض وأسبابه وطرق انتقال العدوى.. هنا نسلط الضوء على آخر ماتوصل إليه العلم في طرق وأساليب المعالجة وكيفية الغاء الوصمة الاجتماعية من خلال لقاءاتنا مع عدد من المشاركين في حلقة العمل التدريبية التي نظمها البرنامج الوطني للتخلص من الجذام مؤخراً والتي شارك فيها ست عشرة دولة من دول اقليم شرق المتوسط ذات التوطن الخفيف للمرض. وصمة تاريخية الدكتور.عبدالرحيم عبدالرحمن السامعي مدير البرنامج تحدث بداية عن الوصمة بقوله: إن الجذام من الأمراض التي تلتصق فيه الوصمة الاجتماعية نتيجة للتشوهات التي تظهر على المريض ولكن الحقيقة أن الوصمة تراكمت تاريخياً من خلال قرون عديدة نتيجة لعدم وجود العلاج وبالتالي كان المرضى يصلون إلى مرحلة التشوه الأمر الذي يثير الخوف لدى الناس فالوصمة نتيجة تراكم تاريخي وحتى بعد أن وجد الدواء في العام 2891م وتم تعميمه على دول العالم إلا أنه لم يسعف دول العالم والمنظمات والبرامج الصحية في إزالة الوصمة وبالتالي لابد من تركيز الجهود لنشر الثقافة الصحية حول المرض حتى تتم المعالجة قبل الوصول إلى مرحلة التشوهات. اليمن سباقة وحول أهمية اختيار اليمن لعقد مثل هذه الحلقة الاقليمية أشار إلى أن اليمن سباقة في تراكم خبرات مكافحة الجذام وبالتالي يعتبر اليمن من أوائل الدول التي حققت نتائج جيدة في مجال المكافحة في اقليم شرق المتوسط وبالتالي الاختيار كان بعد أن تم اختيار البرنامج الوطني كمركز تعاوني مع منظمة الصحة العالمية وبالتالي فإن المركز سوف يحتضن وينفذ العديد من الورش العملية والتدريبية كمركز تعاوني لمنظمة الصحة العالمية. فريق عمل توعوي وعن الدور التوعوي للبرنامج قال الدكتور عبدالرحيم: في الحقيقة يجب أن يكون هناك اعلام صحي للتعريف بالمرض وطرق العدوى والمعالجة فدور البرنامج في التوعية دور متميز فنحن نقوم بالتوعية عن طريق فريق العمل الذي يجوب كل محافظات الجمهورية طوال العام وينفذ العديد من الفعاليات التوعوية عن طريق المساجد وعن طريق المدارس والتجمعات المختلفة. نطالب بإعلام مجاني لكن فيما يتعلق بالإعلام نحن نعاني كثيراً وكانت هناك خمس دقائق شهرياً مخصصة لمرض الجذام في اطار برنامج التثقيف الصحي والغيت ولم نعد نستطيع الحصول عليها منذ سنوات وكلما طالبنا بخمس دقائق يطلب منا مبالغ خيالية وهذا موثق لدينا ولدينا مذكرات متبادلة مع برنامج التثقيف الصحي بالوزارة وعندما نطلب تخصيص ساعة مباشرة على الهواء باليوم العالمي للتضامن مع مرضى الجذام يطلب منا على أقل تقدير مائة ألف ريال وهذا فوق طاقة البرنامج وفوق طاقة الجمعية. جهل مجتمعي الدكتور ياسين عبدالعليم القباطي، مستشار وزير الصحة عضو لجنة المستشارين بمنظمة الصحة العالمية من جانبه يقول فيما يخص الوصمة وأسبابها: إنها نتيجة الجهل لدى المجتمع ولدى المرضى ولدى الأطباء في كيفية انتقال المرض والإصابة به بسبب عدم وجود البحث العلمي، مشيراً إلى أنه في الماضي كان لايعرف شيئ عن المرض وكان الخوف مبرراً ولذلك لم يكن من الممكن معرفة من أين تنتقل العدوى منوهاً أن الامكانيات الحديثة وتطور العلم جعلنا نعرف من أين أتت العدوى وذلك عن طريق الهندسة الوراثية. تفسير خاطئ للحديث وفيما يتعلق بالدين يقول الدكتور ياسين: إن هناك تفسيراً خاطئاً للأحاديث فيقول ابن حجر العسقلاني في فتح الباري في شرح صحيح البخاري ان الرسول «صلى الله عليه وسلم» يقول لاهامة ولاطيرة ولاصفر وفر من المجذوم فرارك من الأسد فمن اعدى الأول .الحديث صحيح ولكنه مبتتر.. وحول مشكلة الوصمة اشار إلى أن المشكلة الحقيقية أن هناك توجهاً عالمياً لعزل مريض الجذام ونحن في منظمة الصحة العالمية لدينا اجتماع في ابريل القادم لمناقشة هذا التوجه فهناك خلاف هل يعزل المريض أو لايعزل، موضحاً أن تواجد المرضى في مدينة النور بتعز ليس من أجل العزل بل متواجدون هنا لأنهم يأكلون مجاناً وقد حصلوا على أراض مجاناً وبنيت لهم مساكن أي أن وجودهم بإرادتهم وبإمكانهم أن ينتقلوا بإراداتهم. مشروع ناجح وعن الحد من زيادة الحالات يشير القباطي إلى أن زيادة اكتشاف الحالات يعني زيادة النشاط ،يعني أن هناك جهوداً تبذل لكن لو قلت الحالات معناه أن التغذية تحسنت وهذا غير صحيح وأن دخل الفرد تحسن وهذا غير صحيح وأن الظروف الصحية تحسنت وهذا غير صحيح فهناك انتشار لرقعة الفقر وصعوبة الوصول إلى المناطق النائية والاكتشاف يزيد معناه أن المشروع ناجح. بحاجة إلى جهود مشتركة الدكتورة فادية معماري مدير برنامج مكافحة الجذام بسوريا من جهتها قالت: إن أسباب الوصمة لم تعد مرتبطة بمرضى الجذام فقلة الوعي بالمرض أدت إلى ظهور الوصمة فمريض السل أيضاً يعاني من الوصمة والأمر بحاجة إلى جهود تثقيفية مجتمعية مشتركة ولاتقتصر على جهة بعينها وإنما برنامج المكافحة ووزارة الصحة عليها العبء الأكبر ولذلك يجب أن يكون هناك دور توعوي شامل يهدف إلى دمج المريض بالمجتمع ليمارس حياته بشكل طبيعي من خلال التركيز على إزالة اللبس والمفاهيم الخاطئة لدى الآخرين وبالذات العادات والتقاليد الغير صحيحة مشددة على ضرورة تعريف الناس بأن مريض الجذام مثله مثل أي مريض آخر مؤكدة أن المسؤولية مجتمعية متكاملة في هذا الجانب. وتؤكد فادية أن هناك نوعين من المرض فهناك مرض قليل العصيات وكثير العصيات ففيما يتعلق بقليل العصيات فالعلاج لايتعدى ستة أشهر وسنة للمريض بكثير العصيات أما عن العدوى فتتوقف عند بداية تناول العلاج اذا لم توجد جروح مفتوحة. خدمات جيدة وأشادت مديرة برنامج المكافحة بسوريا بالتجربة اليمنية في مكافحة الجذام وقالت: إن التجربة اليمنية جيدة ولديهم خدمات صحية جيدة جداً ولديهم مستشفيات والأدوية متوفرة على كل المستويات اضافة إلى الخدمات التي تقدم للمرضى فهناك رعاية خاصة حيث يؤمن لهم العمل بالمستشفى وكذلك التأهيل ومنع المضاعفات والإعاقات. وعن مستوى انتشار المرض في سوريا تقول إن المرض في سوريا غير مستوطن وهناك حالات قليلة جداً وقديمة وقد تم شفاؤها ويوجد مشفى واحد هو مشفى دوما وأغلب الحالات فيه من خارج سوريا ويعيشون ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي جداً. تجربة متقدمة الدكتور علي إسماعيل جابر رئيس مصلحة الصحة بمحافظة جنوبلبنان يتحدث عن التجربة اليمنية بقوله: إن التجربة اليمنية متقدمة جداً في هذا الجانب وهناك كوادر كفوءة وخدمات طيبة تقدم للمرضى ضافة إلى العلاج وهناك برنامج تثقيفي عال جداً.