تحبذ الثقافة اليمنية الزواج المبكر بل تدعو إليه حيث نجد الرجل اليمني إذا أراد أن يتزوج لا تستهويه الفتاة التي في سن العشرين وما فوق بل تستهويه الطفلة التي في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة وإذا كبرت لا مانع أن تكون في الثامنة عشرة، وليس هذا فقط فالأغاني الشعبية تمجد ذلك الزواج وكذلك الموروث الشعبي ونسمع أمثلة كثيرة حول هذا الموضوع، حيث تشيع في بعض المناطق كريف محافظة حجة مثل التفكير في تزويج البنت وهي في الرابعة من عمرها وكذلك ريف معظم مناطق اليمن. 1 - مشاهد من الواقع في ريف حجة يبدأ التفكير بتزويج البنت منذ أربع سنوات من عمرها وعندما نزلنا أثناء بحث ميداني لم نجد فتيات بلا زواج بل معظمهن متزوجات ومعهن أطفال وبعضهن مطلقات وفي الطريق إلى الزواج مرة أخرى. ونجد ظاهرة أخرى ملازمة لتلك الصورة وهي ظاهرة تأخر سن الزواج في المدينة نتيجة لتحول المجتمع اليمني من الأنماط الزراعية إلى التجارة والخدمات الصناعية وغير الصناعية وانتقال السكان من الريف إلى الحضر ودخول العلاقات شبه الرأسمالية إلى المجتمع اليمني ذلك رافقه غلاء في الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة وشيوع عادات وأنماط استهلاكية لم يكن المجتمع اليمني يعرفها من قبل، لازم ذلك كله ارتفاع سن الزواج المصاحب للتعليم وخاصة الفتيات حيث يقضي الإنسان كان ذكرا أو أنثى مدة 23 سنة من عمره قبل الزواج، معنى ذلك أن المجتمع اليمني بثقافته السائدة والتي لا تحبذ الزواج للبنت هي أكثر من سن العشرين فيفضل كثير من الآباء وخاصة الأمهات زواج بناتهن قبل أن تصل إلى ذلك السن خوفا عليها من عدم الزواج فيما بعد. فتربى الفتاة على أنها ستصبح زوجة وأما في المستقبل منذ بداية إدراكها لذاتها ومن حولها ولذلك تتحول اهتماماتها إلى الزواج وإعدادها له، ويتناسى المجتمع أنه بحاجة إلى تعليمها قبل زواجها وتربيتها حتى تستطيع أن تكون أسرة تواكب الحياة ومطالبها الزوجية. يتطلب الزواج التوافق العاطفي، قال تعالى: (وجعل بينكم مودة ورحمة) “الروم/21”. حيث قرن الإسلام بين المودة والرحمة وهي الشعور الطيب بالحب نحو الزواج أو الزوجة ودوام العشرة والرحمة، والعطاء المستمر لاستمرارية الأسرة فإذا ما تزوجت الفتاة صغيرة السن ماذا ستعطي من حب وود للزوج وللأطفال. 2 - تؤكد على عدم صلاحية الأمومة المبكرة قالت إحدى السيدات: لم أشعر بالأمومة مع ابني البكر على الإطلاق كنت أبكي طوال الليل لا أريد ذلك الطفل أنني طفلة صغيرة لم أشعر بالأمومة إلا مع أبنائي الصغار. وكذلك الزواج يتطلب التوافق الجنسي، ويعتبر الزواج هو السبيل الوحيد المشروع للوصول إليه وهو الطريق الذي يقره الدين والمجتمع ومن المهم أن يكون الفرد المقبل على الزواج لائقاً جنسياً من حيث التكوين النفسي والجسمي ولديه الاستعداد الفكري والثقافي الذي يؤهله للدور الذي يلعبه في الحياة الزوجيه، وكم من زوجات لم يكتب لهن النجاح نتيجة لمثل هذا الزواج المبكر، فالعلاقة الزوجية بين طفلة لم تستكمل النمو قاصرة جسدياً ونفسيا مع رجل ربما سبق له الزواج، أو أكبر سنا منها وبالتالي لا يتم لهؤلاء الزوجات النجاح، وترتبط بالجانبين السابقين متطلبات التوافق المادي والاقتصادي وكذلك الثقافي حيث تشير كثير من الدراسات إلى أهميتها في استمرار الزواج أو فشله. ومن واقع الحياة الاجتماعية أن كثير من الأزواج بعد أن تكبر زوجته يكافئها بزوجة أخرى وعندما نتساءل لماذا؟ يجاب علينا أنها لم تعد تفهمه أو مشغولة بالأولاد وأنها كبرت ولم تعد قادرة على تلبية المتطلبات الزوجية متناسيا ذلك الرجل بأنه أيضاً كبر ولم يعد كما كان، ويبدأ بالتفكير في حياة جديدة مع طفلة أخرى بحسب المثل الشعبي القائل “يجدد شبابه”. أستاذ علم الاجتماع المساعد - جامعة صنعاء