الإعلان عن حصيلة ضحايا العدوان على الحديدة وباجل    أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    الامارات العربية تضمّد جراح عدن وتنير ظلامها    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    ودافة يا بن بريك    إيران تكشف عن حجم الخسائر الأولية لانفجار ميناء رجائي    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    إسرائيل لا تخفي أهدافها: تفكيك سوريا شرط لنهاية الحرب    طيران العدوان الأمريكي يجدد استهداف صنعاء ورأس عيسى    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    الحذر من استغلال العليمي مبررات (إصلاح الخدمات) في ضرب خصومه وأبرزهم الانتقالي    أعنف هجوم إسرائيلي على اليمن يدمر ميناء الحديدة    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    مرض الفشل الكلوي (3)    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكثر من ألف نزيل في السجن المركزي بإب على ذمة قضايا القتل !
بسبب التنازع على أراضٍ بعضها للأوقاف
نشر في الجمهورية يوم 22 - 03 - 2009

في محافظة كمحافظة إب يبدو حمل السلاح مظهراً مقززاً تشمئز منه النفوس ويستهجنه الغالبية العظمى من أفراد المجتمع، لكن ما يبدو أكثر مدعاة للاستهجان انتشار القتل بشكل سافر، والأدهى من ذلك أن تعلم أن في السجن المركزي للمحافظة يقبع أكثر من ألف نزيل محكومين أو موقوفين على ذمة ارتكاب جرائم القتل، وعند هذه النقطة توقف بي الذهن..
القتلة المأجورون
• وكانت البداية مع الأخ أمين علي الورافي الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة إب الذي تحدث موجزاً أسباب القتل في محافظة إب بقوله:
إن السلطة المحلية تبذل جهداً بالقدر المتاح لها في الحد من النزاعات التي تؤدي إلى ارتفاع الاعتداءات والقتل، ومن وجهة نظرنا ومن خلال ملامستنا للواقع نجد ان التنازع على الأراضي سبب من أسباب ارتفاع جرائم القتل، كما ان الاستعانة بأشخاص من خارج المحافظة يؤدي إلى ارتفاع حوادث القتل لأن الذي يأتي من خارج المحافظة بدعوة من أحد الطرفين المتنازعين لا يهمه مصلحة المحافظة أو مصلحة صاحب الحق إنما يؤدي مهمته وقد يكون مأجوراً فيرتكب جريمته ومن ثم يصبح فاراً من وجه العدالة.
نزاعات الأراضي
وفي تفسيره للكيفية التي قادت إلى رفع معدل ارتكاب جرائم القتل يقول الورافي:
لقد برزت في الآونة الأخيرة مشاكل الأراضي ولا شك أن هذا يعود بشكل أساسي إلى النهضة التنموية التي شهدتها المحافظة والتي مثلت قفزة كبيرة وأدت إلى ارتفاع كبير وجنوني في أسعار الأراضي، بالإضافة إلى أن عدم قيام المواطنين بتوثيق وثائق ملكيتهم الشرعية أو ما نسميه بالبصائر في الأجهزة الرسمية ممثلة في المحاكم وأراضي وعقارات الدولة وفي الضرائب وغيرها وهو ما يؤدي إلى حدوث خلل وتدخل بعض الأشخاص الذين يطمعون في الأراضي كونها أصبحت في محافظة إب من أغلى الأراضي في الجمهورية اليمنية وهذا سبب قوي يؤدي لأطماع كبيرة، وقد يؤدي إلى طمع شخصي، فقد يبيع شخص ما أرضه الخاصة ويأتي بعد عشر أو خمس عشرة سنة ويجد أن ثمنها قد تضاعف آلاف المرات، فيبدأ بالدخول في مداخل غير قانونية واضعاً نصب عينيه إمكانية الحصول على مبلغ مالي أو يستعين بأشخاص يوهمهم ببساطة ارتكابهم الأفعال التي يريدها ليتمكن من الاستيلاء على الأرض التي يعدهم بتقاسمها بالنصف وهذه الأساليب برزت في الآونة الأخيرة وقادت إلى مشكلات كبيرة.
أراضي الأوقاف
كما أن أراضي الأوقاف تثير العديد من المنازعات التي تؤدي إلى مشاكل كبيرة لأن مستأجر الأرض من مكتب الأوقاف يفاجأ بأن شخصاً آخر قد حصل على تنازل من شريك الأرض التي يقوم بزراعتها، وهذه تؤدي إلى مشكلات بين طرفين الأول من معه تنازل من شريك الوقف والطرف الثاني من لديه وثيقة استئجار رسمية من مكتب الأوقاف وبالتالي فإن تلك المشكلات تدفع في بعض الأحيان إلى ارتكاب جريمة القتل.
الثأر
وقلّل أمين محلي محافظة إب من أهمية الثأر كمسبب للقتل حيث قال:
المحافظة لا نستطيع أن نقول بأن لديها ظاهرة الثأر وإن كانت محصورة في مناطق معينة كمديريتي يريم والقفر، ولكنها عموماً غير موجودة بالشكل الموجود في بعض المحافظات النائية، أما بشأن النوع الآخر من قضايا الثأر فلا يوجد ثأر سياسي في محافظة إب مطلقاً سواء في فترة التشطير ام بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، حتى في أيام وجود الجبهة لم يكن لدينا أي من قضايا الثأر السياسي في المحافظة ولا يمكننا أن ننسب لأنفسنا ما لم نقم به، ولذلك فلا يمكن الحديث عن معالجة قضايا الثأر السياسي لأنها ليست موجودة في الأصل بمحافظة إب.
الإجراءات القضائية
ويرى الأمين العام للمجلس المحلي بحافظة إب أن عدم البت في الأحكام وعدم السرعة في إجراءات التقاضي يلعب دوراً في الدفع نحو ارتكاب جريمة القتل وفي هذا السياق يقول: بعض الأطراف قد يلجأ إلى القتل لأن المرء بعد أن يقضي سنوات طويلة في التقاضي والترافع أمام الجهات القضائية دون أن يحصل على حقه فإنه بالطبع ينهار وتتقطع به السبل وينفد صبره فيلجأ إلى إجراءات غير شرعية وغير قانونية ومنها القتل، وهذه لاشك تمثل عبئاً على الدولة والسلطة المحلية وأجهزة الأمن، وحقيقة نحن نعتبر أن المسؤولية جماعية تتحملها أجهزة الأمن والسلطة المحلية وصاحب الشأن الذي يستعين بأشخاص من خارج المحافظة بدلاً من أن يستعين بالنظام والقانون وأجهزة الدولة، حتى وإن كان مدفوعاً بالرغبة في سرعة البت في قضيته فيلجأ إلى مثل هذه المظاهر التي تسيء إلينا كمجتمع محلي والدولة لا تسمح بهذه المظاهر وتقوم بتتبع الجناة بشكل كبير.
تأثيرات إعلامية
أما انعكاسات ارتفاع معدل جرائم القتل على الاستثمار والسياحة في إب فيوجزها الورافي بقوله:
لا نستطيع القول: إنها غير مؤثرة فبالتأكيد هي مؤثرة ولكن تأثيرها لا يصل إلى المستوى الذي يمكننا تصوره، فالاستثمار السياحي والتنموي جانب مستقل والسلطة المحلية تحاول جذب المستثمرين على أساس أن الأراضي التي تسهل لهم الحصول عليها خالية من أي مشاكل ومعظمها أراضٍ تتبع عقارات الدولة أو تتبع مكتب الأوقاف وبعض المستثمرين يشترون أراضي خالية من أي مشاكل، وبالتالي فإن كان للظاهرة من تأثير فهو التأثير المعنوي أو الإعلامي كون المستثمرين يسمعون عن وجود حوادث قتل بسبب الأراضي فقد يكون هذا سبباً من أسباب إحجام البعض عن القدوم.
إجراءات السلطة المحلية
وعن جهود السلطة المحلية بالمحافظة في الحد من ظاهرة القتل يقول الورافي:
إن السلطة المحلية برئاسة الأخ القاضي أحمد عبدالله الحجري محافظ المحافظة عقدت عدة لقاءات مع الإخوة في الأجهزة الأمنية والقضائية والنيابة وتم فيها التأكيد على سرعة ضبط أي اختلالات أمنية ومنع تدخل أي شخص من خارج المحافظة ذي وجاهة في مجلس النواب أو الشخصيات الاجتماعية وإنهاء المظاهر المسلحة والتي تمثل سبباً رئيسياً في المشكلة، كما تم حث أجهزة القضاء والنيابة على سرعة البت في القضايا العالقة خصوصاً ما يتصل منها بالأراضي، بالإضافة إلى اتخاذ بعض الإجراءات المناسبة للقضايا المنظورة.
البرلمانيون والقانون
وفي توجه واضح ينم عن الإحساس بالألم من التدخلات التي تحدث هنا وهناك وتصب في ارتفاع جرائم القتل قال الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة إب:
أرجو من خلالكم جميع وسائل الإعلام أن تتناول هذه الظاهرة ومشاكل الأراضي وأعتقد أنها موجودة في كل المحافظات ولكنها برزت في محافظة إب بسبب ارتفاع سعر الأراضي، وعبركم ندعو كل الشخصيات الاجتماعية وفي طليعتهم أعضاء مجلس النواب أن يولوا هذا الجانب اهتماماً كبيراً وأن يكونوا السباقين في إتباع النظام والقانون وهم المعول عليهم مناقشة القوانين تحت قبة البرلمان وبالتالي فحرياً بهم أن يكونوا أول الملتزمين بهذه القوانين وعدم التستر على أي مجرم أياً كان لأن تعاليم دينينا الإسلامي الحنيف واضحة لأنه “من آوى مُحدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين”، وهذا أمر يقابله مجتمعنا بالنفور والاشمئزاز منه، وكل شكري وتقديري لكل الشخصيات الاجتماعية وأعضاء مجلس النواب الذين يمثلون عوناً للدولة والأجهزة الأمنية في حل المشاكل المستعصية أو التوسط في تسليم بعض المطلوبين أمنياً.
جرائم ما بعد منتصف الليل
• أما الجهات الأمنية فلها رأي آخر، وفي هذا السياق يقول العميد ناصر الطهيف مدير أمن محافظة إب:
إن ارتفاع معدل قضايا القتل في محافظة إب يعود لأسباب كثيرة ومنها؛ عدم البت في قضايا المواطنين والتطويل في المرافعات من قبل الأجهزة القضائية، والإفراط في تناول القات بدرجة تؤدي إلى اختلال توازن الأشخاص ولذلك فكثير من الجرائم حدثت بعد منتصف الليل، كما أن الوازع الديني بات مفقوداً لدى الناس فأصبح الفرد يلجأ إلى البندقية بدلاً من اللجوء إلى القضاء والأناس الطيبين في المنطقة لحل مشكلته، معتبراً أن اللجوء إلى السلاح يمثل الحل الأقرب وفق ما يتصوره عقله، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية التي تلعب دوراً كبيراً في الدفع نحو ارتكاب جريمة القتل، لكن من الملاحظ أن كثيراً من الجرائم ترتكب نتيجة لخلافات بين الجيران أو تنازع ملكية الأراضي، وأحياناً هناك أسباب تافهة وقد تنحصر في أن الفرد لا يتقبل الآخر فتحصل خصومة بين طرفين وبالتالي يقدم أحدهما على القتل دون أن تتاح الفرصة للتراجع أو تقديم الشكوى ضد خصمه.
القتل.. معدلات ثابتة
• وعن تفسير ارتفاع معدل القتل يقول الطهيف:
قضايا القتل سجلت معدلاً ثابتاً في كل السنوات الماضية ويقوم الآن أساتذة جامعة إب بإعداد دراسة حول أسباب ارتكاب جرائم القتل، وإن شاء الله ستكون هذه البحوث معيناً لنا ويستفاد منها في المراكز الأمنية والسلطة المحلية والشخصيات المهتمة بالناس لأنها قضية البلد بأكمله باعتبار القتل أحياناً يقود إلى الثأر والنزاعات القبلية التي تؤدي إلى إقلاق الأمن والسكينة العامة.
حمل السلاح.. بسبب
أما دور السلاح في تيسير مهمة مرتكبي جرائم القتل فيقول عنه مدير أمن محافظة إب:
منذ تم البدء بتطبيق قانون منع حمل السلاح انخفض الظهور العلني للسلاح بشكل كبير، ونقوم بحملات دورية وأسبوعية ولذلك السلاح اختفى ولكن السلاح يملأ المنازل وبالتالي فإن الفرد الذي يريد أن يرتكب جريمة قتل بإمكانه أن يأخذ السلاح من منزله أو من منزل أحد أقاربه أو من لدى أحد أصدقائه أما السلاح في المدينة فيتم ضبطه على الفور.
ونفى الطهيف وجود أي من حالات الاعتقال التعسفي حيث قال:
تعاون المجتمع في ضبط الجريمة
أما عن دور المجتمع المحلي في التعاون مع الأمن في ضبط الجريمة فيرى الطهيف أنه دور مميز وفي هذا السياق يقول:
بلغت نسبة اكتشاف الجريمة في محافظة إب خلال العام الماضي 98.5 % وهذا مؤشر ممتاز، حتى جرائم القتل فلا يوجد سوى ثلاث حالات مكشوفة غير مضبوطة نتيجة فرار مرتكبيها من وجه العدالة، ولكن لا يوجد أي قاتل يحتمي بشخص في محافظة إب ولا يمكن له أن يحميه أما خارج المحافظة فيمكن حدوث بعض القضايا كأن يأتي بعض الفاعلين مع عضو مجلس النواب أو شخصية معينة ولكن هذه الشخصية في مأزق لأن القاتل ليس لديها فهو فار أيضاً على من يدعي أنه يحتمي به، ولدينا قضايا معروفة بهذا الشأن، وبالتالي لايمكن لشخص أن يحمي قاتلاً أياً كان.
لاتأثير على الاستثمار
ولا يرى مدير أمن إب أي تأثير يذكر لجرائم القتل حيث يقول:
الجرائم موجودة في مختلف أنحاء العالم، وليس في اليمن فقط، ففي أمريكا يعتدون على المدارس، وغيرها ولكن العبرة ليست في ارتكاب الجرائم ولكن بضبطها من قبل الأجهزة المعنية، ولا يوجد لهذه الجرائم أي تأثير على الجوانب الاستثمارية أو السياحية في محافظة إب، فهناك جرائم قتل ارتكبت فتم ضبط مرتكبيها وأحيلت إلى المحكمة وبالتالي فلا يوجد لها تأثير اقتصادي مطلقاً ولكن تأثيرها موجود في واقعنا الاجتماعي لأن جرائم القتل مبرراتها غير واقعية فبمجرد خلافات بسيطة ترتكب تلك الجرائم.
1000 قاتل في السجون
أما بشأن وجود أكثر من ألف فرد محكومون بقضايا القتل في السجن المركزي بالمحافظة فيقول العميد الطهيف:
هذا صحيح ولكن هذا الرقم متراكم على مدى خمس وعشرين سنة فهناك من هو محكوم بعشرين أو خمس وعشرين سنة، ودائماً فجرائم القتل يتم التطويل فيها توخياً للحقوق حتى بعد صدور الحكم لإتاحة الفرصة أمام العفو عن القاتل إن توافرت وهذا التطويل رغم أنه يمثل عبئاً على الدولة وعلى الأمن إلا أنه لا بد منه لأن البديل هو إطلاق سراحهم ولكن هذا غير ممكن فيما عدا تطبيق أحكام الإعدام على كل من صدر بحقه ولكن المحاولات تستمر في سبيل إعتاق الرقبة التي تمثل الأساس الإنساني.
ارتفاع الوعي القانوني
وحين طرحنا المشكلة على طاولة الجهات القضائية في محافظة إب برزت أمامنا العديد من الأمور التي لم يتطرق إليها الآخرون فالقاضي يحيى المعمري رئيس محكمة استئناف محافظة إب يفسر الحديث عن ارتفاع جرائم القتل في إب بقوله:
لقد برز معدل ارتفاع جرائم القتل في إب ربما لأن أهل إب اناس مثقفون ولديهم احترام للشرع والقانون فيلجأون للدولة، بدلاً عن اللجوء إلى التحكيم أو الثأرات، وبالتالي يبرز المعدل الكبير للقتل بسبب وصوله إلى الأجهزة المعنية.
الإزدحام وليس التطويل
وفي رده على سؤالنا بشأن مسؤولية القضاء والمتمثلة في إطالة فترة التقاضي بين الخصوم يقول القاضي المعمري:
القضاة في إب كل واحد منهم يبذل جهده، والقضايا لا تتأخر، إنما إذا حدث شيء من ذلك فيعود إلى ازدحام القضايا في المحاكم فمثلاً عندنا في محكمة الاستئناف عندما تعطيني ألف قضية وتريد مني أن أنجزها خلال سنة فهذا مستحيل، فإذا كان التطويل القضائي هو المشكلة فعلى الجهات المختصة أن تكثف أعداد القضاة، مع أنني لا أرى أي تطويل في الإجراءات القضائية، ولذلك فإذا كان في محكمة الاستئناف حالياً شعبتين جزائيتين منذ عامين فليزيدوها شعبة ثالثة على الأقل حتى يكون نصيب كل شعبة أربعمئة قضية، وأربعمئة قضية ليست قليلة عندما تنجزها الشعبة في عام، خصوصاً إذا ماتم توزيعها على أيام الأسبوع والسنة فستلاحظ أن دور القضية سيأتي فقط في كل 50 يوماً وبالتالي فلن تعقد للقضية الواحدة سوى أربع جلسات وهذا سبب من أسباب التطويل.
الاستعجال غير صحيح
أما بشأن عدم الإسراع في تنفيذ الأحكام بحق من ارتكبوا جرائم القتل خصوصاً القابعين في السجن المركزي فيقول رئيس محكمة الاستئناف بمحافظة إب:
هذا الموضوع ليس من السهل الإجابة عليه في عجالة، ولكن يمكن القول بخصوص الباقين على ذمة قضايا قتل انه يجب أن يكون معلوماً أن الاستعجال يعني إزهاق نفس وليس إتلاف علبة سجائر، وبالتالي فلابد من التحري ولو أنك قاضيٍ والله لن تحكم في قضية إلا بعد أن تفحص الملف وتطلع عليه أكثر من عشرين مرة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:[لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من إهدار دم إمرء مسلم]، ولكن من ثبت أنه قاتل فيتم قتله، وفي أغلب الأسابيع تنفذ أحكام الإعدام في المحافظة، والعدد الكبير من السجناء على ذمة قضايا القتل يمكن تفسيره بالقول: إنه لا يمكن أن كل من ارتكب جريمة القتل بأي وجه يتم قتله فوراً فالبعض يحكم عليه بالسجن وغير ذلك، ومن هذا المنطلق وجب التحري أكثر لأن هذه دماء ويجب ألا يستهان بها.
عمل تراكمي
من جهته القاضي عبدالوهاب محمد السادة رئيس الشعبة الجزائية الثانية بمحكمة استئناف محافظة إب يرى أن وجود السجناء على ذمة القتل في السجن المركزي عمل تراكمي لسنوات وفي هذا السياق يقول:
ما أشير إليه هو أن هناك عدداً من قضايا القتل والسجناء على ذمتها في السجن المركزي، فالحقيقة أن هذه الحصيلة لاتخص هذا العام فقط، فبعضها أو أغلبها قد صدرت فيها أحكام قضائية باتة من محكمة الاستئناف أو من المحكمة العليا وقد يكون السجين غير قادر على دفع الدية أو أنه يقضي عقوبة السجن لسقوط القصاص عنه لسبب من الأسباب المحددة شرعاً وقانوناً.
أما انتشار القتل فالسبب هو انتشار السلاح فهناك قضايا القتل الخطأ تقترف من أطفال لم يبلغوا السن القانونية بسبب إهمال الآباء وتمكين الأطفال من الأسلحة، وكذلك المشاكل المدنية المتعلقة بالأرض فقد يتطور النزاع ويؤدي إلى القتل بسبب الجهل وانعدام الوعي لدى الأفراد، بل قد يرتكب القتل بسبب التنازع على [طلحة] أو شجار بين الأطفال.
الفصل في القضايا
وفي رده على سؤال بخصوص بعض قضايا القتل التي تطول فيها الإجراءات القضائية لأكثر من عشر سنوات حتى يفصل فيها يقول القاضي السادة:
الحقيقة أن الحاكم يتعامل بالشرع والقانون والقصاص على درجتين وبعد ذلك يأتي دور المحكمة العليا كمحكمة شرع وقانون تراقب المحاكم الأدنى درجة منها والتي هي محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وكل قضية تأخذ دورها بالنسبة للفصل والقاضي لا يمكن أن يؤخر القضية مهما كانت بصرف النظر عن كون المحكمة قد ترغب الأطراف في التصالح كون التصالح يأتي عن قناعة لكنها في النهاية مقيدة بالنصوص الشرعية القانونية وما ذكر من أن بعض القضايا تأخذ عشر سنوات فهذا أمر مبالغ فيه وإن وجد فقد يكون في قضايا نادرة بسبب مايعتريها من خلل في الإجراءات من غير قصد، فتعاد من المحكمة لتصحيح الخطأ، وبعض القضايا تصدر فيها الأحكام خلال أشهر، أما مسألة التنفيذ فهي مرحلة ثانية لا تخص المحكمة، فكما قلنا: إن القصاص على درجتين وهذه من الضمانات التي كفلها المشرع للمحافظة على حق المتهم، وكذلك حقوق الورثة بصرف النظر عن أن المتهم قد اقترف الجرم، لكنه في النهاية إنسان ولا تهدر كرامته ومن حقه أن يدافع عن نفسه، ومرحلة التنفيذ تأخذ دورها من خلال الإجراءات المحددة، بل إن التأخير في أغلب الأحيان يرجع إلى الخصوم أنفسهم فكل واحد منهم يريد الانتقام من الآخر، ولذلك يعزى التأخير إلى محامي الطرفين المتخاصمين فتضطر المحكمة أياً كانت درجتها ابتدائية ام استئنافية إلى التأجيل لأكثر من جلسة وقد تصل الجلسات إلى عدد كبير حتى لا يقال أن المحكمة أحرمت الأطراف من حقهم في الدفاع.
غريزة الانتقام
أما فيما يخص التطويل القضائي وتسببه في ارتكاب جرائم القتل فيقول عنه القاضي السادة:
قضية القتل تأخذ دورها ومسارها القانوني ولا تتعمد المحكمة التطويل، بل إن القوانين في الجمهورية اليمنية متميزة عن غيرها من الدول العربية والإسلامية كون القانون قد ضبط القضاة وحدد لهم الإجراءات من حيث الشكل والموضوع، وبالتالي فإن إقدام البعض على ارتكاب جرائم القتل بقصد الانتقام لا يرجع إلى ماذكرت، بل يعود في الأصل إلى طبيعة التركيبة الاجتماعية لبعض المجموعات التي لديها رغبة في الانتقام حتى ولو صدر الحكم القضائي لصالحها وهذه غريزة جبلت عليها بعض المجموعات ويساعد على تعزيزها انتشار السلاح والجهل.
تعقد المقدمات والنتائج
أما الأستاذ الدكتور عبدالله محمد الفلاحي أستاذ الفلسفة بجامعة إب الذي يتولى إعداد دراسة علمية حول ظاهرة القتل في محافظة إب فقد لخص القضية بالقول:
إن الإحصائيات الخاصة بارتكاب جرائم القتل تؤكد أنها مشكلة ترقى إلى مستوى الظاهرة الجديرة وتستحق الدراسة والبحث للوقوف على حجمها ومعرفة طبيعتها وأبعادها والظروف والمتغيرات المحيطة بها والأسباب أو الدوافع الكامنة والمؤثرة فيها، ومن ثم نتائجها السلبية على المجتمع على حد سواء، وكيفية التخلص منها أو الحد منها، أو التقليل من مخاطر نتائجها، وبحسب دراسة وزارة الداخلية للعام 2007 والتقرير الاستراتيجي، فإن أسباب جريمة القتل متعددة ومنها؛
أ) اتساع دائرة الفقر والتي بلغت 38 % في العام 1998، وتزايدها في الأعوام التالية. ب) الهجرة الداخلية والخارجية وارتباطها بأنماط سلوكية مختلفة، وشيوع القيم الاجتماعية السلبية التي رافقت التحولات المجتمعية السابقة.
ج) البطالة، وخاصة بين الشباب. د) اقتناء السلاح وانتشاره في مناطق اليمن دون استثناء وارتباطه بعادات وتقاليد أخرى متوارثة في المجتمع وبخاصة المجتمع القبلي. ه) الأمية، وغياب الوعي الديني والقانوني. و) الثأر والنزاعات القبلية والشخصية. ز) الخلافات والمشكلات الأسرية والعائلية. ح) الكسب المادي وإخفاء جرائم أخرى. ط) الانحراف الخلقي والتفكك الأسري والاجتماعي .
غير أننا من خلال دراستنا التي ما زالت في الإطار الميداني ولم ننته من إعدادها توصلنا إلى أن ثمة مؤشرات على العديد من الأسباب الأخرى لارتكاب جريمة القتل ولعل من أهمها: إطالة فترة النزاعات والخصومات لدى المحاكم الشرعية، أسلوب التقاضي الحالي وإجراءاته الطويلة وتكاليفه الباهظة، تدخل الوجاهات والشخصيات الاجتماعية في قضايا النزاع بين المتخاصمين دون حسم مثل هذا النزاع بالأسلوب القبلي أو العرف السائد، المحاكاة ويقصد بها ضرورة رجوع الأفراد إلى أصولهم الاجتماعية والقبلية عند حدوث نزاع بينهم وبين غيرهم من أفراد المجتمع يصحب هذا الرجوع تقليل أو ممارسة تقاليد منشأ القبيلة في محافظة إب، وبالرغم من كل ذلك فيجب الانتظار حتى إتمام الدراسة التي نعمل حالياً على إنجازها لأننا كما يبدو أمام مشكلة محكمة التعقيد ومتشابكة الأسباب والمقدمات والنتائج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.