ذكرنا في السابق عدة صفات أوسمات هامة وضرورية للشخصية القيادية، وبأنه لايكون القائد فعالاً وبارزاً بدون توافرها فيه. واليوم سنبدأ بالحديث عن أسرار تجعل منك قائداً ساحراً وفعالاً.. وسنبدأ بالسر الأول وهو فن اتخاذ القرار.. إن عامة البشر يلجأون إلى إتخاذ قرارات يومية، تتعلق بشتى أمورهم الحياتية، لكن القائد يلجأ إلى اتخاذ قرارات مصيرية، قد تذهب به وبأتباعه إلى قمة النجاح، أو تلقي بهم على حصيرة الفشل. ولعل المتأمل في حال البشر يرى أن معظم الناس يخشون من اتخاذ القرار، وذلك لأن القرار يفرز نتيجة، وتحمل هذه النتيجة لايقوى عليها سوى الأقوياء فقط، ولايطيقها الضعفاء أو البسطاء، لكن القائد الحق لايتوانى أبداً في اتخاذ قرار مستنداً على أدواته العملية التي يمتلكها، متسلحاً بخبراته واجتهاداته، جاهزاً ومستعداً لتحمل تبعات قراراته إذا أخطأت. اتخاذ القرار الخاطئ: إن القرارات الخاطئة لها أسباب ودوافع، إذا تعلمناها وعرفناها أمكننا تجنبها ومن هذه الأسباب: 1 الغضب: ليس هناك أسوأ من الغضب كي تتخذه عوناً لك في إتخاذ قراراً ما، فالغضب شعور بغيض، قادر على وضع غطاء على عينك فتعمى عن رؤية حقائق، ويشوش لك الرؤية لترى حقائق أخرى مغلوطة، لذا تكون قراراتك مبنية على أساس هش، وأفضل مايمكن فعله حال الغضب ألا تصدر قرارات أو أوامر انفعالية، وتنتظر حتى تهدأ، ويذهب عنك شيطان الغضب، فإن تصمت أفضل من أن تندم. 2 الإرهاق: إن الذهن المجهد لايعمل بكفاءة، والجسد المرهق يؤثر على تفكيرنا واتخاذنا للقرارات، والتوتر وضغط العمل يجعلنا نصدر قرارات لم تأخذ حقها من التفكير والتمحيص الكافي فأرح ذهنك وجسدك وانزل من على صهوة التعب، حتى لاتتخذ قراراً حاسماً تعاني من نتائجه مدة طويلة.. 3 اتباع هواك: عند اتخاذ القرار يجب أن تتجرد تماماً من ميلك ورأيك، بل يجب أن تنظر إلى كل الوجوه والبدائل المطروحة في إنصاف، ليس عيباً أن تأخذ برأي أحد الاتباع والمستشارين إذا مارأيت فيه جانب الصواب، إن الحق لايكون حقاً لمجرد أننا نؤمن به، والباطل لايكون باطلاً لمجرد أننا لانوافقه، كن مرناً.. منصفاً. 4 رداء الرهبة: عند اتخاذ القرار تسلح بالمعرفة، وبالأدوات العلمية والعملية، ثم أمض لما خططت إليه بلا خوف أو رهبة، إن الخوف يجعلنا نضطرب ونتخذ قرارات غير صائبة، وأكثر أنواع الخوف لدينا، هو خوفنا من تجارب سابقة فاشلة تنشر على الذهن سحابة من التشاؤم والرهبة. 5 المؤثرات الخارجية: مشاكلك الشخصية يجب أن تكون بعيدة عن اتخاذ القرار، مشاكل العمل الفرعية يجب أن تعزلها عن ذهنك وأنت تتخذ قرارك. 6 المثالية الزائدة: المثالية في اتخاذ القرار أمر سيء، فكثير من متخذي القرارات خاصة في المؤسسات التي تتبع روتيناً بطيئاً، أو شركات نمطية، لايتخذون قرارهم إلا بعد أن يطمئنوا إلى أن قرارهم هذا صائب 100% ونموذجي 100% وكثير من الفرص الرائعة تفوتنا إذا ماطمحنا في أن نتخذ قراراً مثالياً ليس به نقص أو خلل. 7 الوقت الخطأ: لكل أمر وقته، فمن أكثر الأشياء التي تصيب قرارنا بالخطأ هو اتخاذ القرار في وقت غير وقته، لاتسوف أو تؤجل في اتخاذ قرار، فربما أخذك هذا التسويف بعيداً، ولاينفع قرارك الذي اتخذته بعدها. الخلاصة: اتخاذ القرار هو مفتاح القيادة، ولكي تتخذ قراراً سليماً انتبه: فلا تغضب أو تخف أو تتبع هواك أو تكن متوتراً، ولاتغرنك المثالية الزائدة أو تسوف في الوقت، أو لاتتأكد من صحة المعلومة التي ستبني عليها قرارك. في الأسبوع القادم إن شاء الله سنكمل حديثنا عن السر الأول «اتخاذ القرار» وسنتعرف على الطرف الصحيحة لاتخاذ القرار الفعال.