اليمن وعمان بلدان تجمعهما روابط الدم والأخوة والعقيدة قبل روابط الجوار وأواصر النسب والشراكة التاريخية والشريط البحري الممتد على بحر العرب.. ومثلما دخلت اليمن وأهلها طواعية في الإسلام دخل العمانيون أيضاً طواعية عند استجابتهم لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثلما اشتهرت اليمن بتجارة اللبان والبخور بلغت عمان كذلك من خلال القوافل التجارية التي كانت تنتشر بين اليمنوعمان عبر طرق القوافل -آنذاك - التي ربطت مابين البلدين عبر مدينتي صلالة «العمانية» والمهرة «اليمنية». ولاشك ان هناك روابط عديدة تجمع شعبي البلدين الجارين وعادات وتقاليد مشتركة حتى ان المتأمل في عادات وتقاليد بل وملبس العماني يجده يشابه إلى حد كبير عادات وتقاليد وملبس اليمني حتى ان الزي العماني غدا أكثر قرباً من الزي اليمني من أي زي بين الأزياء العربية الأخرى. وقديماً دافع اليمانيون إلى جانب أشقائهم العمانيون جنباً إلى جنب والعكس صحيح حتى في عهود مابعد ذلك وفي العصر الإسلامي شاركوا سوياً في الفتوحات الإسلامية وفيما بعد ذلك عبر مراحل التاريخ المختلفة وفي صدهم سوياً لهجمات البرتغاليين وغزوات الأحباش وبالطبع منا من يتذكر ماسجله التاريخ لنا في نصرة أحد الملوك العمانيين لاستغاثة أهالي جزيرة سقطرى من غزو الأحباش فانجدهم وحرر الجزيرة وبالمثل كيف صد البحارة اليمنيون الكثير من الهجمات البرتغالية والانجليزية عن موانىء عمان وصفحات التاريخ «قديماً وحديثاً» مليئة جداً بالكثير من الوقائع والشواهد الدالة على عراقة وقدم روابط الإخاء والجوار وبين شعبينا في عمانواليمن. جغرافيا واحدة - حتى على المستوى الجغرافي فلا اختلاف بين طبيعة وجغرافية عمانواليمن عدا في المساحة الشاسعة للأخيرة فإذا كانت اليمن تتميز بسلاسل جبلية وطبيعة ساحرة تتعدد مابين الوديان والجبال والانهار والسهول والهضاب والشرط الساحلي الذي يزيد عن «0042» كم على بحر العرب والبحر الأحمر فعُمان هي الأخرى حباها الخالق عزوجل بتضاريس مماثلة وشريط ساحلي بحوالي «0071» كم على بحر العرب. نهضة مبكرة ومع الاكتشاف المبكر للنفط العماني والثورة الاقتصادية مع قلة السكان مقارنة بجارتها اليمن كل ذلك أسهم في إيجاد النهضة المبكرة في سلطنة عمان الشقيقة التي ارتفع فيها دخل الفرد أكثر من أي دولة عربية أخرى هذا إلى جانب حرص السلطنة على الاستمرار بالاهتمام بالمهن الحرفية والاصطياد وتطويرها. علاقات متميزة وفي ظل كل ذلك الترابط القوي - أرضاً وإنساناً - بين هذين البلدين الجارين الاصيلين في عراقتهما وقدمهما وحتى لايوجد مايشوب هذه العلاقات عملت قيادتا القطرين بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية وجلالة السلطان المعظم قابوس بن سعيد سلطان سلطنة عمان، عملا هذان الزعيمان على ترسيخ عرى وأواصر الأخوة وتعزيز علاقات الإخاء والعمل سوياً على إنجاز الترسيم الحدودي ضمن اتفاقية «لاضرر ولاضرار» وفعلاً جرى ترسيم الحدود البرية واغلاق هذا الملف بنجاح وبالطبع لايعني هذا البتة وضع حدود أو أية عوائق بين الشعبين والتطابق الكبير بين حضارتي ومستقبل هذين البلدين وغني عن الاشارة بأن العلاقات المتميزة بينهما باتت انموذجاً للعلاقات العربية الاصيلة والمتميزة على مر العصور ومراحل التاريخ. ربط جوي وفي إطار التعاون الثنائي الهادف تعزيز التواصل بين البلدين وخصوصاً في المجال الاقتصادي دأبت الجهات المختصة على التنسيق الرامي إلى انجاح هذا الجانب والتي كان من آخر ماصنعته هو تفعيل الربط الجوي بين عمانواليمن عبر مطاري صلالة الدولي بمدينة صلالة العمانية والريان الدولي بمدينة المكلا، حيث دشنت مؤخراً شركة طيران السعيدة «الناقل الوطني الثاني في اليمن» دشنت الأسبوع الماضي عملية الربط الجوي بين مطاري صلالة والمكلا بواقع أربع رحلات دولية كل أسبوع. المهندس محمد عبدالله العراشة - المدير العام التنفيذي لشركة طيران السعيدة قال: ان هذا التدشين عبر عمان يعتبر أول بوابة للنقل الاقليمي بين البلدين ويأتي هذا في اطار البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي يهدف إلى تعزيز أواصر الإخاء وتكثيف الرحلات لنقل المواطنين والتبادل السياحي من وإلى اليمن وكذا تنشيط التبادل بين رجال المال والأعمال بين بلدينا اليمنوعمان. تعاون تجاري من جانبه أكد الأخ محمد عبدالله بامشموس - نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية رئيس الغرفة التجارية والصناعية بعدن ان العلاقات التجارية والتبادل الاقتصادي بين رجال المال والأعمال في البلدين قديم منذ الأزل. وأشار بامشموس في سياق حديثه ل«الجمهورية»: لا شك أن العلاقات الأخوية الحميمية سوف تشهد تطوراً ملحوظاً وبالذات في الجانب السياحي والاقتصادي والحراك التجاري الذي سيتعزز في ظل النية والعزم الموجود لدى قيادات ومسؤولي بلدينا الشقيقين الجارين. ولاشك أن التواصل بين رجال الأعمال سيسهم في الدفع قدماً بالعلاقات نحو الأمام وبالأخص كما ذكرت آنفاً الجوانب التجارية والسياحية. استقبال أخوي ولعل من باب الإنصاف الإشارة إلى ماحظيت به رحلة رجال المال والأعمال من المكلا إلى صلالة فقد أقيم حفل استقبال كبير لرجال المال اليمنيين حيث أقيمت رقصات شعبية فلكلورية عمانية تعكس الموروث العماني الأصيل وتعكس أيضاً الحفاوة والسرور الغامر الذي يدلل على الترابط العميق بين الشعبين الجارين اليمنيوالعماني وكم كان جميلاً أن يلحظ المرء الزائر على ذلك الاستقبال والرقص الشعبي الذي تتناغم فيه الرقصات على صوت المزمار ودقات الطبول وكأنه أشبه برقصات البرع اليمني ألم أقل لكم إنه تشابه حد الذهول- حتى في الرقصات الشعبية والعادات والتقاليد!!؟ صلالة مدينة الحلوى وأثناء الزيارة الميدانية والتجوال في أروقة مدينة صلالة الواقعة في إطار محافظة ظفار العمانية يدرك الزائر عظمة التراث الدال على عظمة الإنسان العماني. وربما أشد مايلفت الانتباه في تجوال الزائر للمدينة- صلالة- هو المذاق الرائع- للحلوى العمانية في صلالة وكأن الزائر يتذوق حلويات منطقة الراهدة- العند- في اليمن- ولكن بطعم عماني ونكهة خاصة وبالتأكيد هذا ماعرفت به مدينة صلالة بين المدن العمانية الأخرى.. فهي مدينة الحلوى. سعادة وعلاقات خاصة وأثناء تجوالنا في أرجاء مدينة صلالة العمانية الجميلة التقينا بسعادة الشيخ/ أحمد بن عمر العامري رئيس الغرف التجارية والصناعية في سلطنة عمان الشقيقة حيث قال: كم نحن سعداء اليوم ونحن نعزز العلاقات الأخوية بين اليمنوعمان ولايمكن أن تتخيلوا السعادة الغامرة التي تنتابنا اليوم ونحن نلمس التعاون الجاد والنية الصادقة لدى أشقاؤنا اليمنيين في عزمهم على التوجه في تفعيل النشاط التجاري ولاريب أن النقل الجوي باستمرار بين البلدين الجارين سوف يفعل وينشط الحراك السياحي والاقتصادي ليس على رجال المال والأعمال والقطاع السياحي فحسب وإنما أيضاً على مستوى المواطنين أنفسهم فبدلاً من الترويج السياحي والتبادل التجاري مع الغير فأشقاؤنا اليمنيون هم الأولى. وعلى العموم هذه المشاعر ليست مشاعري فقط ولكن لو تلمستم الوضع لبقية القيادات والمسؤولين وحتى المواطنين أنفسهم للمستم الانطباع نفسه. وشخصياً تربطني علاقات مع عدد من التجار اليمنيين الأشقاء نثق أن الأيام القادمة سوف تشهد المزيد من التقدم في العلاقات العمانيةاليمنية المشتركة.