عقد مجلس الشورى أمس الأحد أولى جلسات اجتماعه التاسع من دورة انعقاده السنوية الأولى للعام الحالي 2009 والذي سيكرس لمناقشة موضوع الثقافة اليمنية.. الواقع وآفاق المستقبل وذلك برئاسة رئيس مجلس الشورى الأخ عبدالعزيز عبدالغني. وقد وقف المجلس أمام نتائج الاجتماع التشاوري الهام لقيادات العمل السياسية والبرلمانية والشوروية الذي عقد برئاسة فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية وتم خلاله تناول عدد من القضايا والمستجدات الوطنية. وأثنى مجلس الشورى على المضامين الوطنية الهامة لكلمة فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح والتي اتسمت بالشفافية والوضوح ووضعت الجميع أمام مسئولياتهم الوطنية التي تقتضيها هذه المرحلة الهامة من تاريخ البلاد. وعبر أعضاء المجلس عن تقديرهم العالي للجهود التي يبذلها فخامته للإيفاء باستحقاقات الوطن واهتمامه البالغ بالقضايا ذات الألوية على الصعيد الوطني وفي مقدمتها ترسيخ أسس النظام والقانون وصيانة الوحدة والحفاظ على القيم والثوابت الوطنية. كما عبر أعضاء المجلس عن تقديرهم لما تضمنته كلمتا الأخ عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية والدكتور علي محمد مجور رئيس مجلس الوزراء واللتان أوضحتا بجلاء الجهود المخلصة التي بذلتها الدولة والحكومة لحل مختلف القضايا سواء المتصلة منها بمطالب المنقطعين والمتقاعدين من السلكين العسكري والمدني أم تلك التي تتصل بجهود تحقيق التنمية الشاملة على مستوى الوطن. هذا وقدمت لجنة الإعلام والثقافة والشباب والرياضة تقريرها عن الموضوع والذي قام بقراءته رئيس اللجنة علي عبد الله السلال، ومقرر اللجنة أحمد محمد المتوكل وعضو اللجنة خالد عبدالله الرويشان، وعضوا مجلس الشورى محمد علي عجلان، وفاطمة محمد بن محمد. وجاء تقرير اللجنة المختصة في خمسة عشر قسماً، حيث تضمن المدخل استهلالا ًعكس أهمية الثقافة كأحد الأعمدة الأساسية للحضارة اليمنية، وأحد المعالم الأساسية لشخصية الإنسان اليمني وعلاقته بالطبيعة. كما تضمن استعراضاً لدور وتأثير موقع اليمن، والإنسان اليمني، في صياغة التاريخ العربي في فترة ما قبل الإسلام وبعده وحتى اليوم، ليخلص إلى تأكيد أن البعد التاريخي والجغرافي جعلا من اليمن نموذجاً في التنوع الثقافي. واستعرض التقرير جملة من المفاهيم والتعاريف المتصلة بالثقافة والمثقف، مؤكداً أهمية وجود سياسة ثقافية في اليمن، تحتفي بمكونات وألوان الثقافة اليمن شديدة التنوع ووفق خطط واضحة بعيدة ومتوسطة الآجال، وأن ترتبط بالخطة التنموية الشاملة للدولة، وترتكز على قضايا هامة ومتنوعة.. مشيراً إلى أهم تلك القضايا والتي تشمل المعمار اليمني بأنواعه وألوانه، والفلكلور، والتراث الموسيقي، والآثار والمخطوطات، والمدن التاريخية والمتاحف. ولفت التقرير إلى أهمية التعليم في النهضة الثقافية والحضارية، بالنظر إلى ما يمثله التعليم من أساس لبناء الإنسان الذي هو مادة الثقافة وإبداعها. واستعرض التقرير الواقع الراهن لأهم المكونات المادية للثقافية اليمنية والتي تشمل الآثار والمتاحف، والقلاع والحصون، والمدن التاريخية، ودور المخطوطات ومكتباتها. وتناول التقرير الكتاب والمكتبات العامة، والتطورات الكبيرة التي شهدها الكتاب على مستوى الإصدار، وكذلك المكتبات والتوسع النوعي والأفقي في إنشائها على مستوى المدن. ولفت التقرير إلى أهمية التراث الموسيقي لليمن، باعتباره أحد أركان الثقافة اليمنية وأحد معالم الشخصية الحضارية لليمن، وبما يزخر به من غنى وتنوع، وما يفترضه من عناية تشمل حصر الألحان اليمنية وتوثيقها وفهرستها وإعادة توزيعها وإخراجها، إلى جانب توثيق التراث الفلكلوري الضخم بألوانه وأنواعه. وتناول التقرير واقع المراكز الثقافية، والمؤسسات الثقافية والخاصة، وبين دورها الهام في العناية بالإرث الثقافي لليمن ، حفظاً وتوثيقاً، وكذا اكتشاف المكنوز منه. داعياً إلى الاهتمام ببيوت الموروث الشعبي الخاصة التي تنهض بدور بارز في حفظ موروث اليمن المادي والشفهي. كما تناول التقرير السينما والمسرح، وبين أهمية هاتين المؤسستين الثقافيتين الهامتين، ومظاهر التطور التي شهدتهما خلال الفترة الماضية، والصعوبات التي تعترض دورهما. وتطرق التقرير إلى الثقافة الشفاهية باعتبارها ركناً هاماً في بنيان الثقافة اليمنية، والمهددات التي تواجه هذا المكون الثقافي الهام. كما تطرق إلى بيوت الفن التشكيلي التي أصبحت في الآونة الأخيرة ظاهرة ثقافية لافتة، مبيناً المكانة التي يحتلها الفن التشكيلي والتطور الذي شهده هذا النوع من الإبداع الثقافي في اليمن. وخلص التقرير إلى جملة من التوصيات التي أكدت أهمية وجود سياسة ثقافية واضحة لدى الجهات ذات العلاقة، تعبر عن الأهداف والمبادئ الأساسية للثقافة اليمنية، وأهمية وجود استراتيجية للاستثمار في الثقافة كخيار هام له عوائد اقتصادية واجتماعية. كما أكدت التوصيات أهمية ارتباط مستوى التعليم بالثقافة، والاهتمام بالآثار والمتاحف، وتفعيل نشاط نيابة الآثار والمخطوطات، والاهتمام بالمدن التاريخية، وضرورة إنشاء دار كبرى للمخطوطات والرُّقُوق بمواصفات علمية حديثة. ودعت التوصيات إلى الإسراع في إنجاز المكتبة الوطنية الكبرى، وحصر وتوثيق منظومة التراث الموسيقي لليمن، وحماية الحق الفكري للبلاد والأفراد، والاهتمام بالسينما والمسرح، وحصر وتوثيق منظومة الثقافة الشفهية لليمن، والتوسع في إنشاء بيوت الفن التشكيلي. وتحدث أمام مجلس الشورى وزير الثقافة الدكتور محمد أبو بكر المفلحي الذي نوه بالاهتمام الذي يبديه مجلس الشورى تجاه الثقافة اليمنية، وقال: إن مناقشة المجلس لهذا الموضوع فيما سبق كان له تأثير كبير في إنجاز منظومة من الإصلاحات الرئيسية خلال العامين الماضيين. وأبدى وزير الثقافة ملاحظات بشأن ما ورد في تقرير اللجنة المختصة حول الثقافة اليمنية، مبرزاً أهم الإنجازات التي حققتها الوزارة على صعيد العناية بالمكونات الثقافية المادية للبلاد ومن بينها المتاحف التي يوجد منها 28 متحفاً يجري ترميم العديد منها حالياً. كما تحدث عن المسوحات التي تجرى في عدد من محافظات البلاد والتي تهدف إلى استكشاف ما خفي من كنوز اليمن الأثرية، وعن أعمال الترميم التي تجرى للقلاع والقصور التاريخية واستعرض جهود الوزارة والهيئات التابعة لها تجاه المدن التاريخية، والتي تشهد أعمال صيانة وترميم، ومن بينها مدينتا صنعاء القديمة وشبام حضرموت، وتعرض بالتفصيل لمدينة زبيد التي تشهد عملية إعادة تأهيل شاملة والتي ساهمت في تجاوز مرحلة الخطر.. وبين الجهود التي تبذلها الوزارة بشأن العناية بالمخطوطات، مشيراً إلى أن الوزارة أنشأت قطاعاً يخص المخطوطات في ديوان الوزارة وقامت بإجراءات عملية للعناية بالمخطوطات على الصيانة والحفظ والتوثيق. وأورد وزير الثقافة جملة من الإيضاحات الأخرى بشأن ما تضمنه تقرير اللجنة المختصة، والاجراءات المتخذة بشأنها، وبالأخص ما يتعلق منها بالكتاب والمكتبات والسينما والمسرح والتراث الشفهي، والمؤسسات الثقافية الخاصة التي تحظى بنحو 140 مليون ريال من الدعم المقدم من الوزارة لهذه المؤسسات، وكذا بيوت الفن التشكيلي. وتحدث الوزير عن خطط لإنشاء بيوت للموسيقى تهدف إلى إيجاد جيل جديد من الموسيقيين الشباب. هذا وسيواصل مجلس الشورى مناقشاته للموضوع في الجلسة التي يعقدهااليوم الاثنين بمشيئة الله تعالى. وكان المجلس قد استعرض محضر جلسته السابقة وأقره.حضر الجلسة ،وكيل وزارة الثقافة لقطاع المصنفات هشام علي بن علي، والوكيل لقطاع المخطوطات سام بن يحيى الأحمر، والمستشار برئاسة الوزراء جمال عبدالرحمن الحضرمي، ورئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف الدكتور عبدالله محمد باوزير، ووكيل الهيئة العامة للكتاب أحمد ضيف الله العواضي، وعدد من المسئولين والمهتمين بالشأن الثقافي.