يحتفل مجلس التعاون لدول الخليج العربي اليوم الاثنين بالذكرى ال28 لانشائة عام 1981م وقد حقق المجلس انجازات كثيرة على صعيد دول المجلس وفي مسيرة التعاون الخليجي.. ولأن بقاء اليمن خارج منظومة دول مجلس التعاون الخليجي كان أمراً غير طبيعي ولا يتفق مع الحقائق الجغرافية والتاريخية والاجتماعية التي تجمع بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي الست فقد كان توقيع معاهدة الحدود الدولية مع المملكة العربية السعودية في يونيو 2000م وتوقيع اتفاقية الحدود مع سلطنة عمان فاتحة خير ازالت ما يعرف بالعوائق لدى دول مجلس التعاون الخليجي حول انضمام اليمن فجاء قرار القمة الخليجية ال22 بمسقط عام 2001 م بانضمام اليمن إلى أربع هيئات خليجية هي مكتب التربية العربي لدول الخليج ومجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون ومجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية إضافة إلى دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم. كما شكلت الأمانة العامة لمجلس التعاون مع الهيئات اليمنية المختلفة اللجنة اليمنية - الخليجية المشتركة في أكتوبر عام 2002م لبحث سبل ملاءمة التشريعات الاقتصادية وعقدت اللجنة الفنية المشتركة سلسلة من الاجتماعات في كل من صنعاءوالرياض .. كما انضمت اليمن الى هيئات خليجية جديدة منها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية و هيئة التقييس وجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج وهناك طلب من قبل اليمن للانضمام الى دواوين الرقابة والمحاسبة.. كما أوصى رؤساء معاهد الإدارة والتنمية في دول المجلس بانضمام الجمهورية اليمنية الى اجتماعاتهم السنوية ، ويؤكد الخبراء والسياسيون من الجانبين اليمني والخليجي ان اندماج الاقتصاد اليمني في الاقتصاديات الخليجية سيحقق مكاسب مشتركة وثماراً ايجابية لمختلف الدول ليس في بعدها الاقتصادي والتنموي فحسب ولكن أيضاً في بعدها الاستراتيجي والأمني ،والتي أضحت اليوم من الضرورات والأولويات القصوى التي فرضتها معطيات الواقع الجديد وحتمتها طبيعة التحديات التي تمر بها المنطقة في المرحلة الحالية وأكدت العديد من الدراسات ان اندماج اليمن مع دول المجلس سيشكل عمقاً استراتيجياً وبعداً إضافياً ومشاركاً فاعلاً في عملية التنمية بإبعادها المختلفة وكذا تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتنفيذا لذلك يرى الخبراء والسياسيون ان ثمة تقدماً أحرز على صعيد السير في الطريق الصحيح لانضمام اليمن بشكل كامل لمجلس التعاون لدول الخليج العربية فكل اجتماعات القمم الخليجية تناقش بانتظام خطوات التقدم الحاصلة في انضمام اليمن الى هيئات مجلس التعاون وتوجه هذه القمم بانضمام جديد الى هيئات أخرى كما تصدر توجيهات بمزيد من الدعم الاقتصادي لاندماج الاقتصاد اليمني في اقتصاديات دول مجلس التعاون والهدف النهائي تحقيق الغاية المشتركة للجانبين اليمني والخليجي في انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي . ثلاثة مسارات وقد حددت الحكومة اليمنية ثلاثة مسارات أساسية لبلورة اتجاهات العمل المستقبلية بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق غاية الاندماج، وبحيث يشمل المسار الأول توسيع تدفق تجارة السلع والخدمات بين اليمن ودول المجلس، واستغلال الميزة النسبية التي يتمتع بها الاقتصاد اليمني في جانب الإنتاج من السلع والخدمات كالمعادن والمقالع والمحاجر، وبعض المنتجات الزراعية والصناعية، والأسماك وخدمات السياحة، وخدمات المنطقة الحرة،.. وتضمن المسار الثاني مبادرة اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي بتسهيل حركة القوى العاملة بين اليمن ودول مجلس التعاون لمعالجة فجوة الطلب المتزايدة في سوق دول مجلس التعاون؛ بهدف التخفيف من حدة البطالة وآثارها في المجتمع اليمني، والاستفادة من عوائد خدمات العمل كتحويلات المغتربين وتعزيز الاحتياطيات الرسمية، وتحقيق استقرار في ميزان المدفوعات، وتوفير موارد إضافية للاستثمار المحلي، وتعزيز التنافسية في أسواق العمل لدول المجلس. المسار الثالث تمثل في تشجيع القطاع الخاص في دول المجلس على توسيع دائرة استثماراته ونشاطاته في القطاعات الإنتاجية والخدمية ذات الميزة النسبية، التي يتمتع بها الاقتصاد اليمني، سواء في الموقع الجغرافي أم في القطاعات الواعدة مثل الغاز الطبيعي والأسماك والسياحة والصناعات التحويلية والاستخراجية كثيفة العمل أم في مزايا المنطقة الحرة. ويرى الخبراء والسياسيون من الجانبين اليمني والخليجي ان ما أحرز من تقدم على صعيد التسريع بانضمام الجمهورية اليمنية إلى مجلس التعاون الخليجي يفوق ما كان متوقعاً وهو ما يعكس توفر الإرادة السياسية الخليجية واليمنية إزاء تحقيق هذه الغاية التى ترتكز على مقومات متينة وعميقة من المصالح والروابط المشتركة. . وينظر الجانبان اليمني والخليجي بعين الرضا لكل ما تحقق من انجازات على صعيد التعاون المشترك بينهما وهو ما تبديه كافة دول مجلس التعاون الخليجي في دعم وتعزيز خطوات التسريع بانضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي. وفي ديسمبر 2005م اتخذت القمة الخليجية قراراً بدراسة احتياجات اليمن التنموية للفترة (2006-2015) ومساعدتها على حشد الموارد اللازمة لتمويلها حيث تم انجاز المرحلة الأولى والتي تشمل فترة خطة التنمية الثالثة (2006-2010) ، حيث قامت دول المجلس برعاية مؤتمر للمانحين في نوفمبر 2006م أسفر عن تعهدات مالية بلغت 4.7 مليارات دولار ، وتمت زيادتها لاحقاً بحيث تجاوزت 5.5 مليارات دولار ، كان نصيب دول المجلس والصناديق الإقليمية التابعة لها حوالي 3.75 مليار دولار أو حوالي 68%من إجمالي التعهدات ، كما قامت دول المجلس والصناديق الإقليمية من هذا الإجمالي بتخصيص حوالي 3 مليارات دولار موزعة على حوالي 50 مشروعاً وبرنامجاً تنموياً في مختلف مناطق اليمن وفق برامج زمنية محددة .. وبحسب قرارات الاجتماع المشترك الأول لوزراء الخارجية الذي عُقد في مقر الأمانة العامة في مارس 2006، والاجتماع الثاني الذي عُقد في صنعاء في نوفمبر 2006، فإن الجانبين ملتزمان بتحديد الاحتياجات التنموية لليمن للفترة 2006- 2015 ووضعها في خطط وبرامج زمنية محددة، ودراسة طرق تمويلها، بما في ذلك عقد مؤتمر للمانحين. الاستثمارات السعودية فقد سجلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى من حيث التكلفة الاستثمارية للاستثمارات الخليجية وبنسبة 85.6%، وتأتي المشاريع الاستثمارية الإماراتية في المرتبة الثانية وبنسبة 13.9% تقريباً من إجمالي التكلفة الاستثمارية للاستثمارات الخليجية رغم تذبذب حجم الاستثمارات الإماراتية من سنة إلى أخرى، كما جاءت الاستثمارات الكويتية في المرتبة الثالثة بالنسبة للاستثمارات الخليجية في اليمن توزعت على العديد من المشاريع الاستثمارية .. وتحظى العمالة اليمنية دائماً بالترحيب في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهي ليست جزءاً من الحل فيما يتعلق بالعمالة الوافدة بقدر ما هي مكون أساسي من مكونات نسيج الخليج و الجزيرة العربية وهنا لابد من تقديم العمالة اليمنية وإعطائها الأولوية ..وهو ما أقرته القمة الخليجية التشاورية التي انعقدت في مايو الحالي 2009م في الرياض عندما أقرت مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز باستيعاب العمالة اليمنية الماهرة في دول المجلس وسيتم وضع الإجراءات التنفيذية لتوجيه قادة دول مجلس التعاون فيما يتعلق باستيعاب العمالة اليمنية الماهرة في دول المجلس في اجتماعات وزراء الشئون الاجتماعية والعمل بدول المجلس والتي تتمتع اليمن بعضويته وتؤكد دول مجلس التعاون الخليجي حرصها على دعم وتعزيز الجهود القائمة والهادفة الى التسريع باندماج اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي .. كما ان هناك حرصاً مشتركاً يبديه قادة دول مجلس التعاون الخليجي وفخامة الرئيس علي عبدالله صالح لدعم مسيرة الإخاء والتقارب اليمنية - الخليجية وهو ما يؤكد ان المرحلة القادمة مقبلة على تفعيل مجالات التعاون بين اليمن ودول الخليج باتجاه تعزيز الشراكة اليمنية الخليجية إلى ارض الواقع.. ويجمع كثير من المراقبين على ان اليمن صمام امان بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي وتأتي أهمية اليمن في الوقت الحاضر نظرا للأحداث الجارية في المنطقة والكل يعلم ان اليمن لا يمثل موقعاً استراتيجياً فقط بل أهمية عسكرية ديمغرافية وأمنية وسياسية لدول الخليج وان ما يجمع اليمن بدول الخليج ليست الوحدة الجغرافية والترابية فقط، بل هي آمال وأهداف وتوجهات ومصير دول وشعوب المنطقة فقرب اليمن للخليج هو قرب تاريخي وحضاري واسري وليس جغرافيا فقط. وان ذلك ليتمثل في وحدة العقيدة والدين واللغة والتراث والخلفية الثقافية ووحدة المصالح المشتركة ويتغلغل في النسيج الاجتماعي والثقافي والموروث التاريخي لدول المجلس منذ الأزل وانضمام اليمن لدول مجلس الخليج العربي تكامل يضيف قوةً إلى مجلس التعاون على الصعيد الاقتصادي السياسي والعسكري والأمني وكلها أبعاد مهمة تحتاج إليها دول المنطقة.