نحن نسمع كل يوم من ينعي هذا الزمان السيء ، الذي أصبحت فيه الشياطين هي المسيطرة على كل شيء ، ولم يعد فيه مكاناً للطيبين والشرفاء . ونجعل من الشكوى والتذمر ذريعة نقتل بها الحماسة والخير في نفوسنا . إن في البشر عادة غريبة في صبغ الأمور بصبغة سوداوية عجيبة .. هل تراني أبالغ ؟ . إذن إليك ما قيل من قبل : ( الأطفال اليوم صارو شياطين لا يجدي معهم شيئ ) أرسطو قبل آلآف السنين. ( ذهب الذين يعاش في أكنافهم ) الشاعر الجاهلي لبيد . (اسكتي يا فلانة فقد ضاعت الأمانة) رجل من أهل مكة بعد الهجرة . ( بطن الأرض اليوم خير من ظهرها ) يوم غزوة بدر . ولقد عثر العلماء على نصوص أدبية من العصر الروماني تنعي على الناس أخلاقهم التي تدهورت وفساد الذمم الذي استشرى .. وتدين ظاهرة الانتحار ضيقا بالحياة ! . و سر في الارض يا صديقي ضاربا طولها وعرضها ، فلن تجد سوى الشكوى قاسم مشترك بين كل البشر ، وستردد مع الشاعر حائراً : كل من ألقاه يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن ! ولله در الشافعي حين لخص المأساة ببيت شعر قال فيه: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا إن للبشر عيوب ومميزات ، ومكائد وتضحيات ، وأياد بيضاء وشراك خادعة . لكننا نستسهل الشكوى ، ونحترف التذمر والسخط ، كي نهرب من تعب مواجهة الأمر الواقع بواقعية ، والتعامل الإيجابي معه ، والكد والكدح في سبيل إصلاح ما يحتاج لإصلاح . نصيحتي لكِ أخي أن تدع التذمر والشكوى جانباً ، وتنطلق بعزم لتضع أمور حياتك في نصابها ، لا تنظر للناس على أنهم شياطين فتكون مثلهم ، ولا ملائكة فتصطدم بغير ذلك ، ولكن فيهم من يسير في موكب الشياطين ، ومن يحلق مع أسراب الملائكة . فلا تسب الزمان ، ولا تنعي الدهر لكونك قابلت أحد شياطين الإنس ، بل تخطى الكبوة ، واعبر المرحلة ، واغنم درس الحياة التي لقنتك إياه .. وبهذا لا تمل راحة البال من زيارتك أبدا .. إشراقة: لو أننا عدنا قرونًا إلى الوراء، وجُلنا العالم بطوله وعرضه؛ لما رأينا أهل أي زمان راضين عن زمانهم. د. عبدالكريم بكار