اليمن خلابة ساحرة بطبيعتها بالإضافة إلى الجمال والمناخ الطبيعي المتعدد الذي تمتاز به عن غيرها من دول العالم، إلى جانب تمتعها بالتاريخ الغني والحضارة العريقة وبالتنوع الثقافي والبيئي والمحميات الطبيعية والحيوانات والطيور النادرة والسواحل الذهبية والتي تمتد لأكثر من 2500كم ،لذلك فان أمام السياح القادمين من مختلف أصقاع العالم فرصة ذهبية ونادرة للتمتع بدفء شمس اليمن خلال فصل الشتاء ، هذا فضلاً عن مجالات الترفيه العديدة الأخرى مثل ركوب الجمال والخيول في الصحراء أو ممارسة هواية الغوص في مياه البحر الدافئة والتمتع بمشاهدة أشجار المرجان والتي تعيش حولها العديد من أسماك الزينة المتنوعة . سياحة في عمق التاريخ يتركز المنتج السياحي اليمني في أنماط مختلفة أبرزها السياحة التاريخية والثقافية إذ أن الحضارة اليمنية العريقة التي تطورت وازدهرت منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة , أفرزت منتجا سياحيا فريداً ومتنوعاً وأظهرت الاكتشافات الأثرية مئات من المواقع الأثرية والتاريخية والتي تؤكد أن الحضارة اليمنية القديمة جاءت نتيجة للدور الاقتصادي الهام الذي لعبته اليمن كمعبر تجاري دولي بين الشرق والغرب ,كما استطاع اليمنيون استغلال هذا الموقع الاستراتيجي جيداً في العمل التجاري والذي من خلاله شيدوا حضارة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير وكل هذه المآثر العظيمة التي نشاهدها اليوم. وما طريق البخور الذي كان يمر عبر مناطق تاريخية هامة في اليمن ابتداء من ميناء قنا على البحر العربي مروراً بشبوةومأربوالجوف ومنها إلى شمال الجزيرة العربية وصولاً إلى بلاد الشام والى أوروبا إلا شاهدا على عظمة الإنسان اليمني القديم .وتاريخ اليمن العريق. وعندما ازدهرت صناعة السيوف والخناجر وصناعة الذهب والفضة والنحاس والصناعات الحرفية والمنسوجات وصناعة الأواني الفخارية تحول اليمن إلى مصدر رئيسي لهذه المنتجات إلى دول المنطقة والعالم الخارجي. وقد أدى هذا التطور الاقتصادي الكبير لليمن القديم إلى تواصل وارتباط الحضارة اليمنية بالحضارات الإنسانية الأخرى التي ظهرت في النيل والرافدين واليونان والرومان من جهة وبناء وتشييد موروث تاريخي وثقافي حضاري متميز تمثل في الطابع المعماري اليمني الفريد والمتميز من جهة أخرى . كما تتميز اليمن بموقع جغرافي هام واستراتيجي ، فهي تقع في جنوب الجزيرة العربية وفي الجنوب الغربي من القارة الآسيوية ، وتطل من ناحية الغرب على البحر الأحمر ومن الناحية الجنوبية الشرقية على البحر العربي وخليج عدن ، وقد أضفى عليها موقعها الجغرافي استراتيجية هامة حيث قامت فيها واحدة من أقدم الحضارات العالمية ، ألا وهي الحضارة اليمنية بما تحمله من ثقافات عبر تاريخها الحضاري ، وقد كان لطبيعة تضاريسها المتنوعة بين السهل والجبل والساحل والصحراء أثر كبير في التنوع الثقافي والحضاري .. وإذا كان حديثنا عن الحضارة الإسلامية فلا يعني أنها بمعزل عن الحضارة القديمة السابقة عليه فهي تعتبر العمق الحضاري للحضارة الإسلامية والمنبع الذي يستقي منه . وما خلفه الأجداد في عصور ما قبل الإسلام إلا دليل على أن الإنسان اليمني استطاع أن يقهر تلك الطبيعة القاسية فاستطاع أن يشيد المدرجات على الجبال حتى أضحت وكأنها حدائق معلقة ، كما استطاع بفضل عبقريته أن يستغل سيول الأمطار فبنى السدود في مضايق الجبال فحول الصحاري إلى واحات خضراء وجنات ألفافا، كما استطاع بعبقريته التجارية أن يسيطر على تجارة اللبان " والذي كان يعتبر أهم الموارد الاقتصادية في ذلك الزمن البعيد ، مما عكس الرخاء الاقتصادي على المباني فجاءت معبرة عن ذلك الأزدهار والتطور ، كما أحاط الإنسان اليمني منتجاته من اللبان بهالة من الغموض لكي يستطيع أن يسيطر على التجارة ويحفظ اسرارها ،لهذا أشتهرت هذه التجارة وكان الإقبال على مادة اللبان كبيرا جدا فكان هو الذي يقوم بتسويقه في بلدان الشرق الأدنى القديم وقد استمدت مادة اللبان أهميتها من استخداماتها الدينية حيث كان يحرق في مختلف معابد الشرق الأدنى القديم كمعبدي الأقصر في مصر ، ونينوى في العراق لما له من أهمية في الطقوس الدينية ,وعندما جاء الإسكندر الأكبر إلى الشرق أحرق كمية كبيرة من البخور فقال له مستشاريه أنه باهض الثمن فرد عليهم الإسكندر بأنه سيأتيه بأرضه " أي يسيطر على بلاد اليمن " للسيطرة على مناطق البخور ولكن المنية عاجلته ، ثم قام أحد خلفائه وهو أليوس جالوس بحملة عسكرية على اليمن وأخفقت تلك الحملة على أسوار مأرب سنة 24 ق.م ، ونتيجة للرخاء الاقتصادي والمردود الزراعي الذي انعكس على الحياة المدنية في اليمن شيدت العديد من المدن منها مأرب وصرواح ومعين وبراقش وصنعاء وغيرها من المدن التي بلغت 106مدن تقريبا بما تحمله اسم المدينة " هجر" في اللغة اليمنية القديمة وهي التي تحتوي على سوق ومعبد وقصر للحاكم ، ويضمها سور مدعم بأبراج، وكذلك القصور الفخمة كقصر الهجر والقشيب في مأرب وقصر ناعط في ناعط وغمدان في صنعاء ،وغير ذلك من المباني كالقلاع الحربية التي تحتل قمم الجبال ، ولعظمة تاريخ وحضارة اليمن تحدث عنها القرآن الكريم بقوله تعالى " وأمرهم شورى بينهم " فلهذه الآية أكبر مدلول على تقدم وحضارة ووعي الإنسان اليمني ،وتحدث كذلك عن قصة الجنتين وكذلك سيل العرم كما كانت توجد في اليمن ديانات عديدة كالمسيحية واليهودية والحنفية والوثنية ، هذه الديانات كانت راسخة في أذهان الإنسان اليمني فما أن سمع اليمنيون بالإسلام حتى استجابوا جميعا لدين الله عن قناعة تامة ودخلوا فيه أفواجا ، ولما كانت السنة السادسة للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى آله أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببناء مسجد صنعاء وحدد معالمه وموقعه فقال فيما معناه لوبر بن يحنس الأنصاري أن أطاعوك فأمر ببناء مسجد في صنعاء في بستان بأذان باذان الأمير الفارسي الذي كان من أول الناس دخولا في الإسلام ما بين الصخرة الململمة إلى قصر غمدان واستقبل به جبل ضين " وعلى ذلك فيعتبر مسجد صنعاء أول مسجد يأمر ببنائه النبي خارج المدينةالمنورة وثالث مسجد في الإسلام بعد مسجدي قباء ومسجد الرسول في المدينة وهو المسجد المعجزة حيث حدد الرسول الكريم موقعه من مكانه في المدينةالمنورة. وعندما بعث الرسول ? معاذا إلى اليمن أمره أن يبني مسجد الجند فقال حيثما بركت بك الناقة فصلي وابتني مسجدا فكان أن أتى مسجد الجند ثاني مسجد يقع خارج المدينةالمنورة وأقيمت فيه اول جمعة في اليمن . السياحة الجبلية أما بالنسبة للسياحة الجبلية في اليمن فتعتبر من اشهر مقومات الجذب السياحي حيث تحتوي على اكبر تجمع للمناطق الجبلية في الجزيرة العربية , والتي يصل ارتفاعها إلى حوالي (3666م) عند قمة جبل النبي شعيب وهي بالمناسبة تعتبر أعلى قمة جبلية في اليمن والخليج بشكل عام. وهناك خصائص ومميزات عديدة لجبال اليمن تساعد على نمو وتطور السياحة فيها فكثير من المواقع والقمم الجبلية مناسبة لرياضة السير والتسلق , وأخرى قابلة لإقامة المخيمات والطيران الشراعي. هذا بالإضافة إلى وجود مناظر طبيعية آية في الجمال والإبداع مثل المدرجات الزراعية والكهوف الطبيعية , وسفوح الجبال الواسعة . كما تنتشر في المناطق والقمم الجبلية مدن وقرى وحصون تاريخية الأمر الذي يؤدي إلى تكامل السياحة الجبلية مع المواقع التاريخية وتقع أهم مناطق السياحة الجبلية في محافظات صنعاءحجةالمحويت صعدة إبتعزشبوةحضرموتالجوف بل وكل اليمن كما تؤكد أيضا العديد من الدراسات والأبحاث وشهادات الشركات المصدرة للسياحة وعشاق السياحة الجبلية ان هناك مواقع في اليمن تعتبر من أجمل مواقع السياحة الجبلية في العالم مثل الناصرة في حجة ومسور حجة وشهارة في عمران ومنية والنظير في صعدة وبكر والريادي في المحويت وجبال اريان والعدين بإب وجبل صبر في تعز وعتمة بذمار وجبال ريمة. السياحة البحرية وبالنسبة للسياحة البحرية فهناك أكثر من 2500كم من السواحل التي تمتلكها اليمن على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي وكذلك المحيط الهندي كما تقع اليمن في موقع هام واستراتيجي في حنوب الجزيرة العربية وتتحكم في أبرز المضايق البحرية والمتمثل في مضيق باب المندب مما يشكل اضافة نوعية للسياحة البحرية ,كما تمتلك اليمن أكثر من 150 جزيرة بعضها تعتبر واعدة لإقامة المنتجعات السياحية لعشاق الجزر. وتتمتع معظم الجزر اليمنية بتنوع بيئي وحيوي يمكنها من توسيع نشاط سياحة البيئية , كما تتميز بعض الجزر بتوفر شعاب مرجانية تعد من أجمل مواقع الغوص في العالم مثل أرخبيل حنيش ناهيك عن جزيرة سقطرة التي تعتبر المخزن الطبي العالمي لما تمتلكة من أشجار ونباتات طبية في غاية الأهمية فضلاً عن تنوعها البيئي المتفرد على مستوى العالم. السياحة الصحراوية: واذا تحثنا عن السياحة الصحراوية في اليمن فهناك رملة السبعتين الواقعة بين مأربوشبوةوحضرموت والتي تعتبر من أجمل صحاري العالم، حيث تميل الكثبان الرملية إلى اللون الذهبي خاصة ومع شروق الشمس إلى هذه المنطقة كما توجد مناطق صحراوية على السهل التهامي وتتميز بقربها من البحر وكل تلك المواقع صالحة لإقامة السياحة صحراوية كبيرة مثل إقامة المخيمات ورحلات بالسيارات والراليات وتنظيم برامج بقوافل الجمال والمهرجانا والمساجلات الشعرية البدوية مع الأستمتاع بشرب القهوة البدوية، إضافة إلى تنظيم رحلات الصيد والقنص وسباق الخيول وسباق الهجن ..ألخ السياحة العلاجية: أيضا هناك مقومات كبيرة جدا للنههوض بواقع السياحة العلاجية تأخذ مكانتها في اليمن في السنوات الأخيرة وخصوصاً من قبل الزوار من منطقة الخليج العربي , وذلك لوجود ينابع المياة المعدنية الحارة في كثير من المناطق اليمنية كحمامات دمت الطبيعية وحمامات علي في انس محافظة ذمار وحمامات كرش والسخنة في الحديدة وغيرها الكثير والتي تنتشر في مختلف محافظات الجمهورية حيث أكدت الدراسات التي أجريت على عينات من هذه المواقع ان المياه المعدنية صالحة لعلاج الجهاز الهضمي عن طريق الشرب في بعض المواقع ومواقع أخرى صالحة لعلاج امراض المسالك البولية , والتنفس وإمراض الروماتيزم والمفاصل والأمراض الجلدية. السياحة البيئية كما تزخر اليمن بالعديد من المناطق المحتفظة بطبيعتها الفطرية الساحرة ولم تتعرض سماتها الأساسية للتدهور, وتنتشر مناطق التنوع الثقافي في أنحاء كثيرة من البلاد كمحمية عتمة بمحافظة ذمار وبرع في محافظة الحديدة ومحمية حوف في محافظة المهرة وغيرها الكثير من المحميات المنتشرة في مختلف مناطق اليمن . السياحة المعمارية : ولأن اليمن متفردة في كل شيء لذلك لم تقتصر مقومات وعوامل الجذب السياحي على كل ما ذكرناه سابقا فهناك أيضا فن البناء المعماري اليمني الذي مازال متماسكا منذ مئات السنين , حيث تنوعت العمارة الإسلامية في اليمن ما بين دينية ومدنية ، فاشتملت الدينية على المساجد والمدارس والأضرحة . أما المدنية فقد اشتملت على المدن والمنازل والأسواق وغيرها من مستلزمات المدينة من أسبلة وحمامات وكتاتيب . أولا : العمارة الدينية : - وسنأخذ مثالا لكل نوع منها لأنه يضيق بنا المجال أن تتطرق إلى العديد منها والذي يبلغ الكثير والكثير في كل مدينة وقرية. ومن المساجد نأخذ جامع صنعاء الكبير والذي أشرنا إليه سابقا ، أنه بني في السنة السادسة بأمر النبي? ، وقد كان هذا المسجد عند بنائه مربع طول ضلعه 12ذراعاً مازال عمودين يحملان اسمي المسمورة والمنقورة ، وهما يحدان جدران الجامع قديما ، وعند التوسعات دخلت أرضة قصر غمدان في المسجد حيث هدم القصر في عهد عثمان بن عفان لأنه نزلت آية فيه وهي قوله تعالى " لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم " فأمر الرسول بهدم قصر غمدان لأنها نزلت فيه ، ولم يهدم في حياة الرسول وثم هدم في عهد عثمان فوصفه الرحالة بأنه كالتل العظيم ، ثم كانت توسعة الوليد بن عبد الملك الذي نقل القبلة من موضعها القديم إلى موضعها الحالي إلى أن جاءت توسعة أسعد بن يعفر الحوالي فأمر ببناء الجامع بعد أن هدمه السيل وسجل تاريخ بنائه على إزار خشبي في الرواق الغربي للجامع وذلك في سنة 265ه وعمل له سقفان سقف مزين بالزخارف " مصندقات خشبية " والسقف العلوي الذي يحمي المسجد من المياه وقد كتب القرآن الكريم على إزار خشبي أسفل السقف مباشرة . ويعتبر الجامع الكبير درة العمارة الإسلامية اليمنية إذ يحمل خصائص معمارية أصلية وزخارف فنية بديعة لا تزال تحمل سماتها القديمة والتي تنم على مدى تذوق الإنسان اليمني للفن وإبداعه وإتقانه له . وقد نهج الجامع الكبير بصنعاء نهج جامع الرسول? بالمدينة في تخطيطه المعماري والمكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة أعمقها رواق القبلة وتطل على الصحن بفتحات معقودة بعقود نصف دائرية ، كما يزين ركني الصحن مئذنتين ترتفعان عالياً وكأنها تتضرع إلى السماء . وقد استخدم في بنائه أحجار قصر غمدان وأعمدته مما يدل على أن العمارة اليمنية سلسلة متواصلة ومتوارثة منذ القدم . لذلك لا غرابة عندما يشكل الفن المعماري أبرز عوامل الجذب السياحي في اليمن لأنه لا يوجد له مثيل نهائيا في مختلف دول العالم ولكن: تعمدت أن أسرد كل ذلك لنعرف ولنتذكر إذا نسينا أو تناسينا لماذا اليمن جميلة وبلد سياحي من الطراز الأول بالرغم أني لم أتحدث عن كل ماتحوية وتتمتع به من جمال ساحر وتاريخ موغل في القدم وحضارة عريقة وعظيمة لهذا تستحق أن تكون بحق البلد السياحي الأول على مستوى العالم وهي تستحق ذلك فعلا ,