الفرق بين كلمتي منتصر ومنكسر طفيف في التركيب لكنه عميق في المعنى والمدلول .. وفي الزمان الغابر كان الاستقرار هو عامل الثبات أما الآن فالتغير هو عنصر الثبات الذي يسمي الأشياء والأشخاص والأفكار , فإذا فهمت هذا ، اسع للتغيير ولا تستسلم أبداً .. تحاول أن تستشرف آفاق المستقبل بدقة، وبمهارة فائقة.. تخطط لحياتك ولكنك لا تفوز بنيل مبتغاك ، فلا تيأس ، ولا تستسلم أبداً.. وتنظم إمكاناتك المادية والمعنوية ، وترتب جهودك التي ترى أنها لازمة للنجاح في هذه المهمة أو تلك ، ثم لا تلبث أن تصاب بخيبة أمل جراء أمور لم تتوقعها ومعادلات لم تحسب لها حسابا، فلا تيأس ، ولا تستسلم أبداً .. تبذل جهداً وفيراً لتربية ولدك ، ثم يشب على غير ما علمته ويتخلق بأخلاق وطباع عكس ما فهمته ، ينشأ عاقاً لك وللمجتمع وناكراً لجميلكما ، فاصبر وتحمل وعاود الجهد مرات ومرات وادع الله في التوفيق ، ولا تيأس ، ولا تستسلم أبداً.. تتفانى لأداء المهام المطلوب منك عملها في عملك وتخلص لتنفيذها ، ثم تغمط حقوقك من كلمات الشكر والتشجيع فضلاً عن العلاوات والمكافآت والترقيات وتحمل المسؤوليات الأهم التي تتكافأ مع قدرتك فلا تيأس ، ولا تستسلم أبداً .. تقدم كلما تملك أملاً في إسعاد نصفك الآخر ثم لا تلقى إلا الجحود ونكران الصنيع والجميل ، فلا تيأس ، ولا تستسلم أبداً.. وتكون صديق شدة لصديقك فتشد من أزره عندما حلكت حوله الظلمة ، وترفع من همته وعزيمته عندما ادلهمت حوله الخطوب ثم لما يفرج الله عنه الهم ويرفع عنه الكرب ينسى المعروف وينكر الجميل ، بل أقسى من ذلك ربما يتحول إلى معادٍ وسهم في حلقك بدلاً من أن يكون وفياً حافظاً للمعروف والود على أقل تقدير ، فلا تيأس ، ولا تستسلم أبداً . تقدم خبرتك بصدق ورضا وتجرد لزميل متدرب ، ثم عندما يتشرب أسرار العمل ويتحمل المسؤوليات، ينسى فضلك ويغمطك حقك ، وربما تتاح له الفرصة لقيادتك فيقسو عليك ويحاول إذلالك وإهانتك أنت الذي لم تدخر وسعاً في منحه الثقة وتزويده بالخبرة التي لديك ، فلا تيأس ، ولا تستسلم أبداً .. افهم الحياة كأفضل ما يقال عنها أنها لا تخلو من بعض المصاعب والمتاعب ، وهي في واقع الأمر بلاء واختبار من وفق فيها للانتصار على ضعف نفسه وشهواتها وعلى هواه فقد وفق إلى خير كثير وفاز في دنياه ... أن تتوقع كل ما سلف فذلك يعني زاداً يعينك على الاستمرار في طريق أنت اخترته ، وما دمت قد اخترت شيئاً بمحض إرادتك فعليك أن تمضي إلى نهايته وألا تستلم أبداً.. لا بد أن تلقى كل أذى ، ولا بد لك من أن تجد القسوة تارة ، والفشل تارة أخرى ، لكن إياك أن تتجنب أحدهما ، بل عليك الخوض في غمار التحدي حتى تستطيع أن تستمتع فيما بعد بما تنجزه ، فما أجمل الراحة بعد التعب ، وما أجمل النجاح بعد محاولات حالت دونه ، وكانت نتيجة عدم استسلامنا واستمرارنا فيما خلقنا ووجدنا لأجله...