حين يخيل لبعض الجزارين في أسواق اللحوم أن أرواح المستهلكين محل عبث.. بقرة المحويت لم يختلف الأمر حول لونها بل كذبيحة ميتة.. كان في حال عدم إبلاغ جهة الرقابة ستأكلون لحوماً ميتة! عندما تموت الضمائر وتضيع الأمانة ويغيب الوازع الديني والأخلاقي يصبح الموت رخيصاً لأجل جني ربح مادي بسيط وزائل حتى ولو كان الثمن حصد مئات الأرواح. المستهلك في حالة يرثى لها وبالذات عندما يصير العبث به سهلاً ويصبح كدمية يلعب بها ضعاف النفوس ممن باعوا قيمهم للشيطان. جريمة حدثت بمحافظة المحويت وكان مرتكبها أحد الجزارين وذلك بإقدامه على ذبح بقرة غير صالحة للاستهلاك الآدمي ولولا وجود جهات رقابية أبلغت عنه لحدث مالم يكن في الحسبان. المواطنون بالمحافظة يعانون من غياب دور جمعية حماية المستهلك والتي لايوجد لها فرع بالمحافظة وكذا الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس كما أن دور صحة البيئة لازال في حكم المجهول إذ إن مكتب الأشغال ممثلاً بصحة البيئة يعاني من عدم وجود كادر متخصص من أطباء وبيطريين وغيرهم وإن كان من دور رقابي موجود فهو للهيئة العامة للمسالخ ومحلي المحافظة. «الجمهورية» أجرت هذا التحقيق وكشفت عن تفاصيل ومعاناة المستهلكين من تلاعب أصحاب النفوس المريضة بحاجاتهم الغذائية في ظل غياب الدور الرقابي من قبل الجهات المعنية. أمين عام المجلس المحلي بمحافظة المحويت الأستاذ علي أحمد الزيكم قال: السلطات المحلية بالمحافظة كسائر السلطات بالجمهورية تقوم بدورها الإشرافي والرقابي من خلال مكاتب الأجهزة التنفيذية كمكتب الأشغال العامة وصحة البيئة والإدارة العامة للمسالخ وهذه الحادثة التي حدثت بالمحافظة ولأول مرة من نوعها اكتشفوا بأن أحد الجزارين من ضعفاء النفوس أقدم على ذبح بقرة ميتة وأثبتت هذه الجناية وأحيل الأشخاص المتسببون في ارتكاب هذه الجريمة إلى البحث الجنائي وأجريت التحقيقات وتم إحالة ملف القضية إلى النيابة العامة والآن هم بيد القضاء ومنتظرون للنيابة تقول قولها وتتخذ الإجراءات وتحيل القضية إلى المحكمة لينالوا عقابهم الرادع بحكم شرعي عن طريق القضاء لأننا لانستطيع أن نعاقب عقوبة إلا بحكم شرعي والقضية مثبتة وقد بدأت النيابة بإجراء التحقيقات مع المتهمين لأخذ أقوالهم إلى جانب الأدلة والإثباتات المقدمة من البحث الجنائي وسيتم إرسالهم قريباً إلى المحكمة ونأمل من رئيس المحكمة أن يعمل لهم جلسة مستعجلة للبت في مثل هذه القضايا وليكونوا عبرة لغيرهم. الجهات الرقابية قامت بواجبها وعن اختصاصات الجهات الرقابية قال: نحن وزعنا المهام بحيث تكون الأسماك والدجاج من اختصاص مكتب الزراعة لأنها متصلة بالجانب الزراعي وهناك متخصص من مكتب الزراعة وبيطري يشرف على هذا الأمر ولدينا الإدارة العامة للمسالخ والمختصون الموجودون بها والبيطريون يشرفون على المواشي التي تذبح في سوق اللحوم وكل واحد منهم يؤدي واجبه على أكمل وجه ولو كانوا مخلين بواجبهم لما تم إكتشاف البقرة الميتة التي تم ذبحها في السوق. وعن دور «صحة البيئة» قال: صحة البيئة هي إدارة ضمن مكتب الأشغال ولكن الدور الأكبر داخل السوق المركزي هي للإدارة العامة للمسالخ وهي المنوطة والمكلفة بمثل هذه الأمور ولديها كادر من بيطريين ومختصين. لاتوجد فروع لهيئة المواصفات ولا لحماية المستهلك محافظة المحويت من ضمن المحافظات التي لايتوفر فيها جمعية لحماية المستهلك ولايتوفر فيها إدارة للمواصفات والمقاييس ولكن نحن وفقاً للقانون الممنوح فيه الصلاحيات لمكتب الأشغال العامة وللمسالخ وللزراعة نحن نشرف بقدر الإمكانيات المتوفرة لدينا ومن خلال ما أعطانا القانون من صلاحيات ومن خلال المجلس المحلي في كل وحدة إدارية الكل يشرف على مثل هذه الأشياء ونتيجة للاشراف والرقابة الصارمة اكتشفت هذه البقرة التي تم ذبحها من أحد الجزارين. ضبط وردع المخالفين وختم حديثه بقوله: أتمنى أن يستمر أداء الإدارات الرقابية على نفس الوتيرة ويراقبوا ويقدموا لنا أي مخالف ونحن سوف نتمكن من تقديمه للعدالة لينال جزاءه العادل والرادع سواء كان مخالفاً من خلال النظافة أو مخالفته لطرق السلامة والصحة أو من خلال ذبح مواش غير مسموح بذبحها وأتمنى أن تكون الرقابة حاضرة في كل أسواق المحافظة وأن تنتشر المسالخ لتغطي كل أسواق المديريات لأنه لدينا الآن ثلاثة مسالخ فقط تابعة للإدارة العامة للمسالخ وتحت إشراف مكتب الأشغال العامة على أساس أن الأمور تكون منظمة ومرتبة وبحيث يردع كل من تسول له نفسه المساس بأرواح الناس. الكشف قبل الذبح يقول علي الفقيه مدير عام المسالخ بالمحافظة: نحن نشرف على كل المذبوحات وماهو غير صالح للاستهلاك من كبد وأمعاء يتم إتلافه ويتم الكشف قبل هذا على كل مايذبح في المسلخ فإذا كان المذبوح غير صالح للاستهلاك أو فيه مرض يتم إرجاعه. إحالة إلى البحث الجنائي وعن الجريمة التي ارتكبت قال: بالنسبة للبقرة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي فقد تم الإبلاغ عنها مني شخصياً للسلطات الأمنية عند رفض الجزار بمنع دخولها السوق وقام الجزار بالاعتداء علينا داخل المسلخ وبحضور ستة جنود من النجدة ومن الأمن العام وتم إتلاف البقرة في المجمع الحكومي وحرقها بحضور نائب مدير أمن المدينة عادل الأحمري وعملنا محضراً بذلك وتم إحالة مرتكبي الجريمة إلى البحث الجنائي. معاناة وعن النظافة داخل المسلخ قال: نحن نقوم بالنظافة قبل وبعد الذباحة بالمطهرات فالحرص على النظافة أمر مهم وهذا واجبنا ونحن نقوم بما يرضي الله رغم قلة الإمكانيات المتوفرة لدينا ومعاناتنا من نقص في الكادر الوظيفي. تهديدات المجلس المحلي بالمدينة غائب عن دوره الإشرافي والرقابي وعندما نذهب للشكوى إليهم لانلمس منهم أي تجاوب معنا ماعدا إدارة الأمن فهي الوحيدة التي تتعاون معنا في جانب الضبط، وأطالب الجهات الأمنية والسلطات المحلية بالتعاون في ضبط المخالفين وفقاً للقانون كما أننا تلقينا تهديدات من الجزارين ونطالب بحماية إدارة المسالخ وسبق أن وقع علينا اعتداءات وتهديدات حتى سيارتي لم تسلم منهم وإذا قد أعراضنا تهتك داخل المسلخ فلم يعد لنا أي وجود داخل المسلخ. ضبط البقرة كذبيحة ميتة ويقول مدير عام الأشغال العامة بالمحافظة الشيخ عبدالصمد علي فتح الله العشبي : إن مكتب الأشغال العامة جهة رقابية وإشرافية ونحن نمارس المهام الموكلة إلينا وفقاً للصلاحيات المتوفرة لدينا وإدارة المسالخ تتبعنا من ناحية الإشراف وهي تقوم بواجبها على أكمل وجه ولولا الرقابة لما تم ضبط البقرة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي. إمكانيات شحيحة وعن إدارة صحة البيئة قال: لايوجد معنا في إدارة صحة البيئة إلا موظف واحد متخصص، تم التعاقد معه ونحن نقوم بدورنا المنوط بنا رغم أننا نعاني من عدم وجود كوادر متخصصة فنحن بحاجة إلى أطباء وبيطريين وفنيين حتى نتمكن من فرض رقابة صارمة ليس على اللحوم فقط ولكن على كل المواد الغذائية الأخرى ونحن نطالب بإيجاد كادر متخصص وإيجاد وسائل مواصلات حتى نحقق أعلى مستويات الرقابة ومع إمكانياتنا الشحيحة إلا أننا نقوم بدور كبير وفاعل. أهمية دعم المراقبين عبدالباري النزيلي مدير إدارة صحة البيئة قال: بالنسبة للرقابة على اللحوم موجودة ولكن لايوجد دعم للبيطري المختص في هذا المجال فالمراقبون دائماً يتعرضون للاعتداءات والتهديدات من الجزار بسبب القيام بالدور الرقابي على المذبوحات التي يتم إدخالها إلى السوق أو بسبب إدخالهم اللحوم بعد ذبحها بين «المصارب» ونحن نطالب برفدنا بمختصين من البيطريين حتى نتمكن من الرقابة قبل الذباحة وبعدها. المشكلة في الفحص الأولي وعن الختم على المذبوحات والفحوصات قال: الختم ليس المشكلة، المشكلة في عملية الفحص الأولي قبل الذبح ونحن نقوم بفحوصات نظرية وعملية ويتم الكشف على كل المذبوحات للتأكد من سلامتها وصلاحيتها للمستهلك. فالمختصون الموجودون يتلقون تهديدات ونحن نطالب بحماية لهم حتى يتمكنوا من أداء المهام الموكلة بهم وهناك خلل في حفظ اللحوم المفروض أنه يوجد ثلاجات رغم أن هناك مدة زمنية مسموحاً بها كما يجب في الفترة الحالية توفير ثلاجات ومواطير بسبب الانقطاعات الكهربائية إذ إن اللحوم تفسد إضافة إلى أهمية الخزن الجيد لأن خزنها في الثلاجة حتى تتجمد تفقد اللحوم قيمتها الغذائية حيث تفقد 58%. فرض رقابة صارمة ويطالب السلطة المحلية والجهات الرقابية بفرض رقابة صارمة لاسيما ونحن قادمون على شهر رمضان حيث تكثر المواد الفاسدة والمنتهية الصلاحية وهناك ضعاف نفوس لايخافون الله، همهم جمع المال دون نظر للأرواح والسموم التي يحاولون إعطاءها للمواطن كما أطالب برفدنا بكوادر مؤهلة وكفوءة حتى نؤدي دورنا الرقابي المنوط بنا وبما يرضي الله. الخلاصة من كل ماسبق يتضح أن هناك نقصاً حاداً في الكوادر الرقابية المؤهلة والمتخصصة والتي ستعمل على فرض رقابة صارمة على مايذبح ويباع للمواطن بالإضافة إلى غياب كامل لدور جمعية حماية المستهلك والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس الأمر الذي يتوجب على الجهات ذات الاختصاص توفير كوادر وفقاً للاحتياجات القائمة ومسارعة جمعية حماية المستهلك وهيئة المواصفات إلى فتح مكاتب بالمحافظة حتى يأمن المستهلك على نفسه فالأرواح ليست بحاجة للعبث.