يعتبر العمل حقلاً إبداعياً وتخصصياً وانتاجياً ويؤمن البعض بهذا المنطق حيث أن أي تخصص يوافق العمل يخلق إبداعاً وتقدماً وجودة إنتاج، إلا أن الواقع خلاف ذلك حيث يعمل الأغلب من الموظفين في عمل لايتوافق وتخصصهم وقدراتهم بحثاً عن لقمة العيش وهناك أسباب أخرى تعرفنا عليها من خلال استطلاعنا التالي حول الموضوع. تخصصات غير ملائمة للميول أ. مسك الجنيد مدرسة وكاتبة وناشطة إعلامية تقول: أنا حالياً لا أعمل في مجال تخصصي أنا خريجة كيمياء لكني أعمل في التدريب والإدارة وذلك لأننا أحياناً نفتقد للإرشاد والتوجيه المهني بعد الانتهاء من الثانوية العامة فندرس تخصصات قد لاتلائم رغباتنا وميولاتنا الحقيقية. وتضيف الأستاذة مسك: أنا حالياً أكثر نجاحاً في عملي الذي لم أدرسه وأعتقد أنني ماكنت سأستمر كمختصة في الكيمياء أو مدرسة فيه لأن ذلك يعاكس مواهبي وقدراتي ولهذا أنا أوصي أن تزود كل مدرسة ثانوية من مرشدين أخصائيين نفسيين يساعدون الطلاب على إختيار تخصصات ملائمة لميولهم.. وتقول:أعتقد أن السبب الذي يجعل بعض الشباب يعملون خلاف تخصصهم هو نقص التوجيه وعدم معرفة القدرات الحقيقية والميول وإحتياجات سوق العمل. فهم قد ينجحون في عملهم الجديد ولو كانوا قد درسوا نفس مجال عملهم لأبدعوا أكثر. بون شاسع اختيار الوظيفة لاتعتمد على التخصص لأن بين التخصص والوظيفة بون شاسع حتى وإن توظف في نفس مجال تخصصه أيضاً هناك فارق كبير بينهما. هذا ماتقوله أ. تيسير عقلان موظفة في منظمة نورس يمن وتقول: إن مايدرس في الجامعات نظريات لاتطبق على أرض الواقع فيتخرج الطالب الجامعي مباشرة إلى العمل أمياً كانه لم يتعلم في الجامعة فيأخذ العلم من العمل لا من الجامعة. وتضيف: أن هناك تخصصات تدرس فيتخرج الطالب دون أن يجد فرصة عمل مناسبة فهذا يرجع إلى عدم تخطيط تنموي لمخرجات الكليات وتقول أيضاً أن العمل يعتمد على مهارات يكتسبها من الممارسة لامن الجامعة. لأن شهادة الجامعة عبارة عن ورقة تخلو من معلومات يطلبها السوق، ومناهج التدريس في الجامعات تحتوي على معلومات مفرغة.. وتواصل:ففي الجامعات نأخذ نظريات عفى عنها الزمن.. وتضيف: أن معلومات الجامعة لاتواكب العصر فنحن نعاني من أمية الخريجين فالبطالة ليست قلة العمل بل أمية خريجي الجامعات. وأصبح السوق يطلب مهن حرفية كمهنية أساسية، وأصبح بعض الطلاب يفضلون ألا يلتحقوا بالجامعات حتى لايصابوا بالإحباط، وأعتقد أن سبب هذا هو عدم التفكير الصحيح والدراسة الدقيقة للتخصص الذي سيدرسون ولابد أن تكون هناك حرفة يمتلكها الطالب إلى جانب تخصصه الجامعي ويمتلك مشروعه الخاص ويعمل إلى جانب الجامعة حتى يكون مسئولاً عن نفسه ويخلق لنفسه الفرصة، لاينتظرها حتى تدق عليه بابه لأنها لن تأتي وسيطول انتظاره. وتؤكد أن فرص العمل متوفرة جداً لكن هناك مايسمى «بقلة الحيلة» عند الشباب فمن تخرج من الجامعة بحث عن وظيفة إدارية ومكان مرموق يليق بشهادته وإن لم يجد لايعمل من هنا توجد البطالة وهذا التفكير سائد كثيراً عند الشباب هذا ما أدى بهم إلى الإحباط فيتخرج من الجامعة دون رغبة في العمل لأنه يشغل وظيفة مخالفة لتخصصه فلايبدع ولايستمتع أبداً فلم يختر تخصصه جيداً ثم لم يرض بأي عمل ولو كان بسيطاً يوافق تخصصه بل بحث عن عمل يناسب مقامه لكنه لايناسب ميوله وقدراته. وتواصل الأستاذة تيسير عقلان حديثها قائلة: فرص العمل متوفرة لكن عدم الرغبة وعدم الرضا إلا بعمل كبير من قبل الشباب فهم يبحثون عن لقمة العيش بطريقتهم. أما الفتيات فيبحثن عن إثبات ذات وتقول أ. تيسير باختصار الذين يعملون بعمل مخالف لتخصصهم لايتركون أثر شيئاً لأن سوق العمل هو التعليم والمهارة. نحن نأتي من أمية الجامعة إلى متنفس المهارة والعمل ولنتعلم أساسيات العمل.. ونتمنى إعادة النظر من قبل الحكومات في بناء المحتوى الجامعي «موازنة مخرجات الشباب مع متطلبات سوق العمل». تؤكد أيضاً: أن هناك «لخبطة» ملموسة في الوظائف بحيث أنه يتوظف أكثر من واحد وعملهم لايستدعي كثرتهم بل يكفي أن يقوم به شخص واحد وهذا مايعرف ب «البطالة المقنعة» موظف دون عمل فقط «الجلسة على المكاتب» وهم يشكلون عقبة في سير العمل بشكل صحيح.. وهؤلاء يعيشون الحياة البيروقراطية لا إبداع، لاتميز، لاتقدم.. أعرف قدراتك الوظيفة من صنعي أنا أنا من أخلق الفرصة الوظيفية، فإذا انتظرنا كثيراً سنقبل بأية وظيفة وستحصل الاشكالية هنا. هذا يقوله أ. عبدالله عبدالإله مدير المركز الثقافي للشباب بتعز.ويقول: فإذا عرفت قدراتي ومهاراتي فسأكون قادراً على خلق الوظيفة لنفسي، وتبدأ الفرصة باختيار تخصص يناسب عملي ثم عمل مشاريع صغيرة. ويضيف: إن الحياة الآن قائمة بالمشاريع الصغيرة فيها يبدع الشخص لأنه يعيش مستثمراً قدراته لصالحه ويستمتع وينتج ويبدع لا بالوظائف، لأن الموظف كالعبد فهو يخدم لوائح ونظم رب العمل ولم يقدم لنفسه شيئاً. ويضيف م. عبدالله قائلاً: إننا عندما نختار تخصصاً لابد أن يكون مفيداً نلقى إقبالاً في سوق العمل حتى وإن كنت راغباً في تخصص ملء الشارع بخريجيه فلابد أن أتميز فيه بعد أن أعرف قدراتي ومهاراتي واتجاهاتي التي على أساسها أختار التخصص. ويشير أن هناك من يقبلون بعمل ينافي تخصصهم لأن الحياة صعبة ونحن في زمن صعب العيش فيه فالوظيفة إنجاز كبير سواءً كانت توافق أو لاتوافق تخصصي وميولي. فليست معياراً عند الشباب لأنهم يبحثون عن لقمة العيش لاعن متعة العمل والإنجاز ولابد أن نفتح مجالات جديدة للارشاد عن خطورة هذه القضية فهذا السبب الذي جعلنا نقف في مكاننا دون أن نتقدم خطوة لعدم وجود الإبداع في العمل فلن يبدع من خالف ميوله.. وأطالب بوضع معايير لاختيار الطالب في الجامعة في اختيار التخصص. التعليم هو الأساس م. تغريد زيد الدبعي المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الحياة تعز.. تقول: عدم وجود الوظائف بسبب أن مخرجات التعليم لاتوافق سوق العمل ولايوجد تواؤم بين التخصص ومتطلبات الوظائف. ويفتقد الطلاب إلى تشجيع الجامعات للتخصصات المطلوبة بسوق العمل وأيضاً منهج الدراسة في الجامعة شيء مختلف كل الاختلاف عن العمل فيتخرج الطالب من تخصصه لايستطيع أن يعمل حتى بتخصصه لأن مادرسه شيء وما في العمل شيء آخر فلا فرق عنده سواءً عمل في مجاله أو في غير مجاله هو في كلا الحالتين أتى ليتعلم من العمل ويكتسب الخبرة والمهارة. وتضيف: إذا توافق التخصص بالعمل وهو موافق لرغباته وميوله حتى لولم يحصل على وظيفة فهو قادر على عملاً مشروعه الخاص وإن لم يوافق تخصصه وميوله ودرس تخصص بسبب أن سوق العمل يطلبه فيستطيع أن يعمل بجانب عمله عملاً يناسب قدراته حتى يشبع رغبته فيستطيع أن يطور نفسه بالتدريب والعلاقات الاجتماعية. وتضيف قائلة: أما إذا عمل بعمل لايناسب تخصصه وقدراته وميوله فلن يحصل الإبداع لن يعطي العمل حقه بل سيعمل بشكل روتيني بدون تجديد لأنه لم يعش المتعة فيه فللأسف الكثير من الموظفين يعانون من هذه المشكلة فتخصصهم شيء ويعملون في شيء آخر.. هذا ماخلق فجوة كبيرة بينهم وبين العمل الذي يقومون به وخلق فراغاً في داخلهم وأبعدهم تماماً عن ميولهم وقدراتهم التي كانوا سيبدعون إن عملوا به، حيث تقول إحصائية إن 80 % من خريجي الجامعات الأمريكية لايعملون في مجال تخصصهم. وتشير أ. تغريد أن السبب الرئيسي لجعل بعض الموظفين يقبلون بعمل يخالف تخصصهم هو البحث عن لقمة العيش كعامل أساسي فلابد أن نركز أكثر ماذا نريد؟؟ وتضيف: أصبح الناس يفكرون بطريقة تقليدية بإعتقادهم أن الجامعة هي المصدر الأول للوظيفة والمردود المادي. وأهملوا تماماً الحرف والمهن الحرة والمعاهد المهنية والفنية الذي أصبح الإقبال عليها كبيراً جداً لكن للأسف لم يدركوا بعد أهميتها ففي الدول المتطورة أدركوا هذه القضية فنلحظ وجود 4 مهنيين مقابل خريج جامعة واحد، لكن عندنا نلحظ وجود 83 جامعي مقابل مهني واحد.. وتقول: لاتوجد دراسة لإعادة النظر في التخصصات والمهن المطلوبة، فقد يترك أصحاب التخصص المخالف في حقل العمل قلة إنتاجية، روتين في العمل.. ملل.. تنقل من وظيفة إلى أخرى بسبب عدم تلاؤمه مع الوظيفة ولم تشبع رغبته ولم يستمتع ولايوجد للإبداع. اعرف قدراتك.. ثم أصنع نفسك على أساسها لاتكل مسئوليتك على أحد.. أنت المسئول عن نفسك. اخلق فرصتك الفرصة نخلقها نحن برغبتنا بها ونحن أيضاً من نجعل من أنفسنا مبدعين إن أردنا، فهذا يعتمد أولاً وأخيراً على مدى استيعابنا لأنفسنا أكثر حتى نستطيع أن نخط الطريق إلى القمة، فقط إن خططنا ودرسنا قدراتنا ولانقبل بما سيحرمنا متعة الإنجاز والابتكار لانقبل بأية وظيفة خلاف تخصصنا وميولنا فليست الوظيفة هي النجاح بل الهمة والمشروعات الصغيرة لها نصيب كبير في تحقيق النجاح فلنبحث عن الفرص فهي موجودة لنستغلها إذاً.