نصائح واستشارات طبية موجهة للمرضى وغيرهم في شهر الصيام يطرحها في هذا اللقاء د.مختار النهاري استشاري ورئيس قسم الباطنية بكلية الطب بجامعة تعز جميعها تعزز نص الحديث: الجميع بلا استثناء كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً يبتهجون ويحتفون لقدوم هذا الشهر الكريم..شهر رمضان المبارك وذلك لمزايا عديد جعلته أفضل الشهور بل وأقدسها..فالصيام بحد ذاته يعد مدرسة فاضلة لتربية النفس على الفضائل والقيم وإبعادها عن شهوات الدنيا ونزواتها ناهيك عن لذة الطاعات والعبادات في هذا الشهر الكريم.. كما أن الصيام يعد علاجاً لعدة أمراض بدنية كانت أو جسمية أو نفسية. ولهذا لاغرابة أن تجد هناك أشخاصاً مصابين بأمراض وعاهات مزمنة قد لايستطيعون معها أداء فريضة الصيام..لكنهم مع ذلك لايخفون فرحتهم وابتهاجهم بهذا الشهر الفضيل ومنذ اليوم الأول لهذا الشهر يقومون بالصيام حتى لو كان ذلك على حساب أرواحهم وغرضهم من ذلك الشعور بلذة هذا الشهر بكل مافيه من متاعب. واستشعاراً منا بمعاناة هؤلاء وتلهفهم للصيام..حاولنا أن نقدم لهم بعض النصائح والاستشارات الطبية من خلال هذا اللقاء الذي أجريناه مع أحد الأطباء المتخصصين ألا وهو د.مختار النهاري استشاري ورئيس قسم الباطنية بكلية الطب..جامعة تعز حيث يسهب الدكتور بنصائحه واستشاراته للعديد من أمراض السكر والقلب والجهاز الهضمي ونصائح أخرى عديدة فإلى مجريات الحوار. فوائد الصيام عديدة بداية دكتور مختار نود أن نعرف فوائد الصوم الصحية للبدن؟ وماالحكمة من تحديد فترة الصيام؟ في البداية نهنئ كل مسلم بقدوم شهر الصيام والفضيلة ونتمنى لكل شخص دوام الصحة والعافية..وبالنسبة لفوائد الصوم الصحية فهي جمة وكل إنسان يحتاج إلى الصيام لأن فيه تربية روحية وبدنية وخلقية وهو أيضاً وقاية وعلاج لكثير من الأمراض البدنية والنفسية.. فالبصوم يتخلص الجسم من السموم المتراكمة في البدن ويعيد الحيوية إلى الخلايا والأنسجة..ويقي الجسم من كثير من الزيادات الضارة وكذلك التقليل من الأورام في بداية تكونها..وللصوم فوائد في تقليل اضطرابات المعدة والأمعاء وتقليل زيادة ضغط الدم كذلك منع تكوين الحصى والبول السكري والتخفيف من السمنة بتقليل زيادة دهون الدم.. وبالتالي يمنع الاصابة بتصلب الشرايين وداء النقرس وسموم الدم كحمض البوليك وغيرها من الأمراض. لا إفراط ولاتفريط ويتابع د.مختار كلامه عن الحكمة من تحديد فترة الصيام قائلاً: أما لماذا الصوم لوقت معلوم ومحدد.. فلأن الإسلام يمنع الافراط والتفريط فالمعروف أن الجسم يحصل على الطاقة من مدخراته السكرية أولاً والتي تكون على شكل جليوكوجين مدخرة في الكبد والعضلات وهذه تعرف خلال المرحلة الأولى من الصوم وبعد ذلك يلجأ البدن إلى مدخراته الشحمية إلا أنه لايستخدم الداخل منها في تركيب الخلايا الأساسية مطلقاً.. لكن اذا امتد الصوم لأكثر من الفترة التي حددها الله فإن البدن يلجأ إلى أكسدة المواد البروتينية ويحولها إلى سكر لتأمين مايلزم من الطاقة وهذا يعني تخزينه للأنسجة البروتينية المكونة للأنسجة والعضلات ويلحق جراء ذلك الأذى في الأعضاء..وهذه أيضاً بعض من حكمة التوقيت المحكم للصوم. التقليل من الانفعال والغضب والاكتئاب عرفنا فوائد الصوم للأمراض البدنية لكن كيف يكون علاجاً للأمراض النفسية كما قلت سابقاً؟ يعد الصوم من أهم وسائل علاج النفس أو الأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب والعصبية والوسواس القهري وذلك لأن الصائم المتصل بالله عبر الذكر وقراءة القرآن وقيام الليل والاستغفار بالأسحار والتبتل لله بالدعاء كل ذلك يجعل من نفس الصائم نفساً مطمئنة راضية ومرتاحة ويشعر من خلال ذلك بالاطمئنان والفرح والأمان فيكون قليل الانفعال والغضب والاكتئاب. مرض السكر نوعان أمراض السكري من أكثر الأمراض تأثراً بالصوم هل يمكن للمصابين بهذا المرض القيام بأداء الصوم أو أن هناك مانعاً في ذلك؟ مرض السكري من الأمراض المزمنة والتي يمكن السيطرة عليه بالحمية والعلاج ويمكن لأغلب مرضى السكري تحمل صيام شهر رمضان بدون أن يكون هناك أي ضرر لكن هناك بعض مرضى السكري ممنوعون نهائياً من الصيام وهؤلاء هم النساء الحوامل وكذلك الأطفال مادون العشرين عاماً المصابون بهذا المرض وذلك بحكم أن هؤلاء مصابون بالنوع الأول فهم كثيرو الحركة والجهد وأيضاً المرضى الذين يعانون أمراضاً مزمنة أخرى مع السكري مثل الفشل الكلوي وقصور الشريان التاجي أو التهابات شديدة كذلك يمنع صوم مرضى السكري الذين يعانون سكراً غير مستقر ويوجد تفاوت كبير بين نسبته السكر أثناء الصوم وبعد تناول الافطار. الصوم يعتمد على نوع المرض وعن كيفية صوم مريض السكر يقول د.النهاري: صوم مريض السكر يعتمد على نوع المرض وهي نوعان..النوع الأول ..المعتمد على الأنسولين والنوع الثاني..النوع الغير معتمد على الأنسولين ويأخذون أقراصاً خافضة للسكر.. بالنسبة للنوع الأول «المعتمد على الأنسولين» إذا كانت حقنة الأنسولين مرة واحدة في اليوم فلا خطر من الصيام بحيث إن المصاب قبل رمضان كان يأخذ الجرعة قبل الصبوح أما في رمضان فيجب عليه أن يأخذها قبل الفطور ويلزمه قياس السكر في المنزل بانتظام أما الذين يحقنون بالأنسولين مرتين في اليوم يمكن أن يأخذوا مثلاً جرعة الصباح عند الافطار وقت المغرب وجرعة المساء قبل السحور مع تقليل في جرعة السحور خوفاً من انخفاض السكر في النهار. الصيام يشكل خطراً ويستطرد د.مختار كلامه قائلاً: أما متعاطي جرعات الأنسولين لأكثر من مرتين في اليوم فإن الصيام يشكل خطراً على صحتهم وننصحهم بعدم الصيام إلا بعد مراجعة الطبيب المختص. وفيما يخص النوع الثاني «الذين لايحقنون بالأنسولين» فهؤلاء يمكنهم الصوم ويمثل لهم فائدة عظيمة مع مراعاة الحمية الغذائية وأخذ قرص العلاج إن كان واحداً بعد أذان المغرب وإن كان قرصين فعند أذان المغرب «قبل الفطور» والقرص الثاني قبل السحور مع تخفيض الجرعة. تناول الدواء بانتظام طيب بالنسبة لمرضى القلب ومرضى الضغط هل هناك خطر على صحتهم أثناء الصوم؟ بالنسبة لمرض القلب والضغط فإننا ننصحهم بالتقيد برأي الطبيب المختص وليس غيره مع متابعة العلاج بدقة كذلك يجب عليهم تناول الدواء بشكل منتظم بين وجبتي الافطار والسحور كما يجب عليهم تقليل فترة الصيام وذلك بتعجيل الفطور وتأخير السحور كما يلزمهم التحلي بالصبر وأخلاقيات رمضان وتجنب الانفعالات والمشاحنات ولايستحب لهم بذل الجهد البدني وخاصة أثناء النهار أو بعد الافطار مباشرة كذلك ننصحهم بعدم الانكباب على الافطار كي لايمثل عبئاً على عضلة القلب كما يجب عليهم التقليل من الدهون والمقليات والمخللات والطعام المالح قدر المستطاع وأيضاً عدم الاسراف في شرب السوائل حتى لايشكل أيضاً كل ذلك عبئاً على القلب.. وأيضاً ننصحهم بعدم السهر والاقلاع عن تعاطي القات والتدخين. أمراض قلبية حادة ويتابع د.النهاري كلامه بالقول: هناك أمراض قلبية حادة مثل الذبحة الصدرية الغير مستقرة والحمى الروماتزمية الحديثة والجلطة القلبية والتهابات غطاء القلب أو مايسمى شفاف القلب والمصابون بهذه الأمراض لاننصحهم بالصيام كذلك المصابون بأمراض القلب المزمنة والغير مستقرة ولم تستقر حالتهم الصحية كمرض حالات قصور القلب الاحتقاني أو مرض ضغط الدم المرتفع الغير منتظم وأود أن أنوه هنا إلى أن غالبية مرضى ارتفاع ضغط الدم يستطيعون الصوم بسلام ودون مضاعفات بشرط تناول الأدوية بشكل منتظم وأنوه أيضاً إلى أنه توجد أدوية طويلة المفعول يمكن تناولها مرة واحدة فقط يومياً. الصيام فترة نقاهة هناك علاقة وطيدة بين الصيام والجهاز الهضمي ولكن أمراض الجهاز الهضمي كثيرة ماهي النصائح التي توجهونها لمرضى الجهاز الهضمي في هذا الشهر الكريم؟ نعم كما ذكرت هناك علاقة وطيدة بين الصوم والجهاز الهضمي فالصيام يعطي راحة للجهاز الهضمي والكبد من العمل المتواصل يومياً طوال العام فالخلايا التي تقوم بعملية الهضم والامتصاص والتفاعلات الكيميائية والحرق والتخزين لابد لها من تجديد ولابد لها من نقاهة ولايتسنى ذلك إلا بالصوم بالنسبة لمرضى قرحة المعدة والاثنى عشر فهؤلاء من أكثر المرضى الذين يحتاجون إلى عناية خاصة وتنظيم النظام الغذائي في رمضان ويستطيعون الصيام إذا ماالتزموا بأخذ الأدوية بمعدل مرة أو مرتين في اليوم وذلك لأن مريض قرحة المعدة المزمنة يشعر بارتياح عند إفراغ معدته من الطعام أما بالنسبة لمريض قرحة الاثنى عشر فعند الجوع أو إفراغ المعدة يكون هناك زيادة في افراز الحامض المعدي ممايساعد على حدوث الألم والتقلصات والحموضة لذا عليه أن يتناول الأدوية الخاصة بالحموضة طويلة المفعول عند السحور فإن لم يستطع وشعر آخر النهار بالمغص أو بالحموضة الشديدة فعليه أن يفطر لأن الطعام والماء لايعادلان الحمض المعدي. مرض القرحة الحادة النازفة وبالنسبة للأمراض الذين لديهم قرحة في المعدة أو الاثنى عشر وهي حادة وبالأخص إذا كانت تنزف فهؤلاء يجب عليهم الافطار لأن المريض بحاجة إلى أغذية مكثفة عبر الوريد بالإضافة إلى أدوية مستمرة ونود أن ننوه إلى أن الاصابة بقرحة المعدة أو الاثنى عشر لاتزيد أثناء الصوم وليس لها علاقة بالجوع الذي يحدثه الصوم كما هو متداول للأسف بين بعض الناس..وننبه هؤلاء المرضى إلى ضرورة الامتناع عن تناول الشاي والقهوة خصوصاً بعد تناول السحور كذلك يجب عليهم الامتناع عن تناول البسابس والمقليات والمخللات والدهون أما مايخص مرضى القولون العصبي فالصيام هام جداً بالنسبة لهم فالصوم يقلل من حركة الأمعاء وهذا هو علاج الشق العضوي للمرض.. والراحة الذهنية والروحانية والهدوء النفسي المصاحب للصوم يؤدي إلى التقليل من تهيج القولون وهذا هو علاج الشق العصبي من المرض. أمراض الكبد المختلفة ويشرح د.النهاري أخيراً أمراض الكبد حيث يقول: مرضى الكبد المتشحم يستفيدون من الصيام وذلك بحرق الدهون وحمايتهم من مضاعفاته. وكذلك مرض الكبد المزمن والتليف المتكافئ يمكنهم الصيام وتعاطي العلاج مع الافطار والسحور أما بالنسبة لمرضى الكبد الحاد أو المصابين بتليف كبدي مع استسقاء أو غيبوبة كبدية فهؤلاء لايمكنهم الصوم وذلك لحاجة أجسامهم إلى تناول الأدوية والعلاجات ولأنهم يتبعون نظاماً غذائياً يصعب عليهم معه استعادة مافقدوه من البروتينات المخزونة في الكبد أثناء الصيام كما أن المرضى المصابين بأورام في الكبد قد يصعب عليهم الصيام. نصائح طبية عامة دكتور.ماهي النصائح الطبية التي توجهها للقراء بشكل عام خصوصاً وأن الكثير يجهل بعض الارشادات الطبية أثناء الصوم؟ طبعاً..لكي تكتمل الفائدة من الصوم لابد أن يلازم الامتناع عن الطعام والشراب وكذلك الالتزام بالهدوء وعدم القلق أو الغضب أو الصخب والاثارة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يستوجب على الصائم الاعتدال وعدم الاسراف في الطعام أثناء تناول الافطار. وننصح مثلاً بتناول التمر عند الافطار وعدم إشباع البطن قبل الذهاب إلى الصلاة حتى لايتسبب بانضغاط المعدة والأمعاء خاصة أثناء الركوع والسجود مماقد يؤدي إلى ارتجاع في حركة الامعاء وعسر الهضم..كذلك ينبغي على الصائم تجنب الطعام المقلي والغني بالدهون وتقليل الملح والبهارات والمخللات والمشهيات وتجنب أكل الفلفل والشطة لأنها تؤدي إلى حموضة المعدة وعسر عمل القولون فضلاً عن زيادة الاحساس بالعطش. كما ننصح اخواننا الصائمين بتناول المواد الكربوهيدراتية المعقدة عند الافطار والتي تكون غنية بالمعادن والبروتين مثل التمر كما قلنا سابقاً بالاضافة إلى شوربة البقوليات والموز وذلك لأنها تبقى في المعدة طويلاً والصائم لايشعر بعدها بالجوع. تناول كمية كبيرة من السوائل ويتابع د.النهاري نصائحه قائلاً: يستحب تناول أكبر كمية من الماء وعصير الفواكه بين الافطار وموعد النوم..وذلك كي يتمكن الجسم من تنظيم السوائل وننصح أيضاً بموازنة الغذاء..كأن يحتوي الطعام على الخضراوات والفواكه واللحوم مثلاً أو السمك والخبز وكذلك منتجات الحليب. عدم تناول الشاي أثناء السحور ويختتم د.مختار ارشاداته ونصائحه الطبية بالقول: وبالنسبة للسحور ننصح بتأخيره قدر المستطاع لدفع الجوع خلال ساعات النهار الطويلة وكذلك ننصح الصائم بعدم تناول الشاي خلال السحور لأنه مدر للبول وبذلك يحرم الجسم من بعض المعادن والأملاح المفيدة التي يحتاجها أثناء النهار وكذلك عدم الافراط في تناول الطعام أثناء السحور لأن ذلك قد يؤدي إلى عسر الهضم وضيق التنفس وأعراض أخرى كما ننصح بشدة اخواننا المدخنين الاقلاع عن هذه العادة في رمضان أو التخفيف منها تدريجياً والتقليل من تعاطي القات إن لم يكن الامتناع عنه نهائياً كما ننصح بالمشي كرياضة خصوصاً بعد صلاة التراويح.
