كان الأباء المسلمون الأوائل يصطحبون أطفالهم إلى مجالس النبي صلى الله عليه وسلم لينشأوا على ذكر الله وينهلوا من علم وخبرة الكبار ويتعلموا آداب المجلس إيماناً منهم بأن الطفل عندما يتواجد في مجالس الكبار تظهر نواقصه ويستطيع الوالدان حينها توجيهه نحو الكمال متى يجب أن يخالط الصغير الراشدين؟! وهل يجب تعليمه آداب الحوار في سن مبكرة؟!تحذر الاختصاصية الاجتماعية مها يوسف من لجوء الوالدين إلى إبعاد الطفل عن مجالسة الكبار، خشية أن يقوم بتصرف مخجل! فيعتبرون أن عزله عن الناس أفضل من مخالطتهم والتحدث إليهم، وتقول: «إن هذا التصرف يقود إلى انعزال الطفل، وأنطوائه، وشعوره بالخجل من مواجهة الآخرين فتضعف ثقته بنفسه لاعتقاده بأن شخصيته أضعف من أن تؤهله الجلوس في مجالس الكبار». الإنخراط في محيطه الاجتماعي ورداً على السؤال المتعلق بالعمر الذي يمكن للطفل فيه مخالطة الكبار، أشارت الاختصاصية مها يوسف إلى الحقيقة التي أقرها العلماء، ومفادها أن السنوات الخمس أو السبع الأولى من عمر الطفل تعتبر الركيزة الأساسية لتكوين شخصيته، مضيفة «أن أي خلل يحدث فيها سيلقي بآثاره السلبية على مستقبله، ومن الضروري تعويد الطفل قبل نهاية هذه المرحلة على التعامل مع الكبار بالموازاة مع تطور نموه الإدراكي، وبعد إتقانه وتمكنه من مفردات اللغة التي تسمح له بالتواصل مع الآخرين»، ومعلوم أن إعداد الطفل للاختلاط بعالم الكبار يهيئه إلى الإنخراط في محيطه الاجتماعي بلاخوف أو تردد. داخل الأسرة أولاً ويمكن تعويد الطفل على التعامل مع الكبار أثناء اجتماع الأسرة، وذلك في غياب الضيوف أو الغرباء، فيطلب من الطفل على سبيل المثال، تقديم القهوة أو الفاكهة للموجودين، كما يجب تعويده على الإنصات عندما يبدأ أحد الوالدين في التحدث، وإن كان لديه مايقوله فلينتظر حتى ينتهي الكبار من حديثهم، بالإضافة إلى تعليمه الطاعة عندما يطلب منه مغادرة المكان لأن بعض كلام الكبار لايصح أن يسمعه، وأن وجوده في مجلس الكبار يتطلب التزامه بالهدوء، فهذا ليس وقت اللعب وإن أراد أن يلعب فليغادر المكان، وعلى الأرجح، ستصدر من الطفل بعض الأخطاء، يمكن تقويمها داخل الأسرة قبل أن يحدث الأمر أمام الآخرين.. إن تطبيق هذا النظام يتطلب بعض الوقت، فلن يعتاد الطفل على هذه الأداب بين ليلة وضحاها، وقد تختلف الإستجابة من طفل إلى آخر ولذا، يجب مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال. في وجود الغرباء وبالمقابل لايوجد طفل إلا وتصرف بشكل لايليق أمام الضيوف والأصدقاء، وهذا طبيعي، وليعتبر الوالدان أن تقويم وتعديل هذه التصرفات يعتبر بداية لوضع الطفل على الطريق الصحيح في مواجهة المجتمع.. ويجب على الوالدين أن يعاملاً الطفل باحترام أمام الآخرين، فعلى سبيل المثال: عند تقديم شيء للضيوف فليكن للطفل مثله، مع الأمتناع تماماً عن نهره وإحراجه أمام الضيوف، ولكن التنبيه يكون بلطف.. ويمكن تعزيز شخصيته الاجتماعية بأن يطلب منه أن يتلو للضيوف قصة أو موقفاً حدث له، فمن شأن ذلك أن يمنحه شعوراً بالتميز ويكسبه الجرأة ويعتبر تمريناً له ليتحدث مع الكبار، كما يمكن منحه مزيد من الوقت الذي يقضية مع الضيوف إذا التزم بالسلوك المهذب والمتفق عليه من قبل، وهذه يعد بمثابة مكافأة له على حسن التصرف. نقاط هامة يجب تعليم الطفل تأدية السلام والرد عليه، والمصافحة والترحيب بالضيوف ووداعهم. تعويد الطفل على مخالطة الكبار من خلال اصطحابه لزيارة الأهل والاصدقاء، وحضور الولائم، واصطحابه إلى المسجد. إذا كنت في مطعم، إسمحي لطفلك بطلب طعامه بنفسه من النادل، ويمكن إعطاؤه النقود ليدفع الحساب. إذا كنت وفي السوق، أطلعي طفلك على عادات البيع والشراء، ويمكن السماح له وبالإستفسار من البائع عما تريدين شراءه. إرسال الطفل لشراء أشياء من محل مجاور للمنزل، وكلما كبر وازداد وعيه أمكن إرساله في مهمات أخرى. يجب تعويد الطفل التعامل مع الجيران بالحسنى، وأن يتسم سلوكه وإياهم بالتعاون. إذا لوحظ أن الطفل يخجل مع التعامل مع الراشدين، يجب تعديل هذا السلوك تدريجياً بلا إجبار أو تعنيف، فالخجل يحتاج إلى وقت وتشجيع لكي يتلاشى.