عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزوجل قال: «إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة.. ومن هم بحسنة وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها،كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة» متفق عليه. مايقدره الله سبحانه وتعالى على عباده في الدنيا وماوعدهم به في الآخرة دائر بين الفضل والعدل!..فعندما حث عباده على التسابق في ميادين الطاعة والعبادة، لم يجعل جزاء الحسنة بمثلها ولكنه ضاعف أجرها وثوابها عشرة أضعاف كما قال سبحانه: «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» الأنعام 160 ففي هذا الحديث الشريف صنفت أحوال المسلم في كتابة حسناته وسيئاته إلى أربعة أصناف. الأول: من هم بحسنة فلم يعملها. الثاني: من هم بحسنة فعملها. الثالث: من هم بسيئة فلم يعملها. الرابع: من هم بسيئة فعملها. وفي شرح الأصناف الأربعة وضحت العديد من المراجع الآتية: الهم بالحسنة دون عملها فإذا هم العبد المسلم بعمل الحسنة ولم يعملها كتبها الله له حسنه كاملة. ففي الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك «إن بالمدينة أقواماً ماسرتم مسيراً ولاقطعتم وادياً إلا شاركوكم في الأجر حبسهم العذر». فمتى اقترن بالنية قول أو سجي جازم على عمل الحسنة، تأكد الجزاء والتحق صاحبه بالعامل كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: «إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم الله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو نيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يخبط في ماله بغير علم لايتقي فيه ربه ولايصل فيه رحمه ولايعلم لله فيه حقاً فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولاعلماً فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزهما سواء». الهم بالحسنة مع عملها قال سبحانه وتعالى: «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها». وهناك أعمال لايعلم مضاعفة أجرها إلا الله سبحانه كالصوم ففي الحديث القدسي «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به». ومضاعفة الحسنات أكثر من عشرة أضعاف تكون بأمور: منها حسن إسلام المرء كما جاء ذلك مصرحاً به في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله». الهم بالسيئة دون عملها إذا هم العبد المسلم بفعل سيئة ثم تركها من أجل الله فإنها تكتب له حسنة كاملة شرط أن يقدر عليها ثم يتركها. ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الله تجاوز عن أمتي ماحدثت به أنفسها مالم تعمل أو تتكلم». الهم بالسيئة وعملها إذا عمل العبد المسلم سيئة فإنها تكتب عليه سيئة واحدة من غير مضاعفة كما جاء في الحديث وكما قال سبحانه: «ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لايظلمون» إنه فضل عظيم وكرم كبير ورحمة واسعة منه جل وعلا وماعلى العبد سوى العمل وتجميع الحسنات ومن حُرم هذه السعة وفاته هذا الفضل وكثرت سيئاته حتى غلبت مع أنها وحدات! وقلت حسناته مع أنها مضاعفة!... فهو الهالك المحروم ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه «ويل لمن غلبت وحداته عشراته».