عندما تقول الأم لأحد أطفالها: لا.. قد تفاجأ بأن الأب يقول له: نعم! والعكس صحيح أيضاً هذه تفصيلة صغيرة في اختلاف أسلوب التعامل مع الاطفال بين الأب والأم وهو أسلوب يقول الخبراء إنه خطأ وقد يؤدي إلى نتائج سلبية تؤثر في شخصية الطفل وتضره على المدى البعيد. أم محمد لديها طفل وطفلة تلخص تجربتها في كلمات قليلة فتقول: «أغضب أحياناً من تصرفات زوجي مع ولدينا لأنني عندما أعاقبهما على فعل خاطئ ارتكباه لايتجاوب معي فمثلاً عندما يتكاسل ابني محمد أثناء الدراسة أعاقبه أحياناً بمنع المصروف عنه لكنني أكتشف في اليوم التالي أن زوجي أعطاه المصروف من دون علمي مما يجعل ابني يشعر أنه انتصر علي وأيضاً ابنتنا ماريا عندما تخالفني الرأي أولا تستمع لما أقوله أعاقبها بحرمانها من الذهاب معي إلى أي مكان تحبه غير أنني اضطر لأخذها بسبب زوجي الذي لا يعجبه أسلوب عقابي بحجة أنه يذهب إلى عمله من الصباح وحتى وقت متأخر من اليوم من دون أن يرى أبناءه وعندما يعود إلى المنزل لايحب أن يراهما معاقبين أو محرومين من شيء مهما كان بسيطاً كذلك فإنه يعتقد أنه يجب ألا يتشدد الأبوان معاً على الاطفال في المعاملة حتى لاتتعقد نفسيتهم. أكثر من أسلوب في وقت واحد!! أما أم حمزة فتقول: الخلاف بيني وبين زوجي يعود إلى أسلوب التعامل مع الأبناء في أكثر الأحيان إذ إنني مقتنعة أن أسلوب التعامل مع الأبناء يجب أن يكون بالاقناع وبالحوار حتى يتفهم الاطفال الأخطاء التي يرتكبونها وبالتالي يكونون أقدر على التوقف عنها من تلقاء أنفسهم ليس بسبب الخوف حتى لايتكرر الخطأ عندما يكبرون وأرى زوجي على غير حق في كثير من الأمور التي يتعامل فيها مع الأبناء فمثلاً يلبي طلباتهم فيما يتعلق بكل مايريدونه. الدكتور عدنان التكريتي، استشاري الطب النفسي في عمان، يقول: الطفل يتعرض لمثيرات عديدة كالمدرسة والحي والاصدقاء وغيرها، وبالتالي فإن الرسائل التي تصله متنوعة بطبيعة الحال، وأثر هذه الوسائل على الطفل يختلف باختلاف سنه وطبعه، فهناك أطفال يطغى الجانب العقلاني على تصرفاتهم، بحيث يتساءلون عن معنى وسبب هذه الرسائل، فيسأل الطفل أمه مثلاً لماذا تقولين لي هذا وأبي قال لي شيئاً مختلفاً؟ فهذا الطفل قادر على استنباط الأشياء السليمة. وتحليل الأمور في عقله، وبالتالي فإنه يتجنب السلوكيات السلبية ويقتدي بالسلوكيات الإيجابية التي يراها في محيطه. وفي الطب النفسي نحن نفضل مبدأ الثبات في التربية، بحيث يتفق الأم والأب على أسلوب تربية معين ويتفقان على سلوك معين يريدان للطفل أن يسلكه ويكونان قدوة له، لكن نستطيع القول إن الاختلاف في التعامل مع الأبناء مفيد جداً، لأن لكل من الأم والأب طبيعة تختلف عن الآخر، وكل واحد منهما قادر على إعطاء الطفل أشياء يحتاجها من كليهما «مثلاً الحنان من الأم والشعور بالأمان من الأب»... لكن هذا الاختلاف، يجب أن يكون باتفاق على مبادئ تربية ثابتة لكل من الأم والأب، فالأب والأم يلعب كل منهما أدواراً معينة ومهمة جداً في حياة الطفل، والطفل يتلقى هذه الأدوار ويحللها بطريقة مختلفة، فهو مثلاً إذا أراد أن يتدلل ذهب لأمه، وإذا أراد حل مشكلة جادة قد يذهب لأبيه، فالاختلاف في هذه الأدوار مفيد ومقبول بشرط التنسيق في أسلوب التربية، والخطأ يكمن في حال وجود أدوار معكوسة، فالأم تقول له مثلاً: عندما يتصل بي أحد قل إنني لست موجودة.. بينما يرى أباه ينهاه عن الكذب..! فعندما يتلقى الطفل رسائل مختلفة يصبح في حالة ذهول، بحيث لايستطيع التمييز بين الخطأ والصواب، فيكرر الأعمال السيئة أو تتعاقب الأعمال الجيدة مع السيئة عنده. «التكتيك» مطلوب بين الأم والأب وأكبر خطأ يرتكبه الآباء هو الخلاف على أسلوب التربية أمام الأطفال، فنرى الأب مثلاً يعاقب ولده بالتوبيخ فتأتي الأم لتتشاجر مع الأب أمام الطفل وتخبره أن هذا الأسلوب لاينفع ولايجوز.. إلخ، أما.. الاختلاف المتفق عليه، فمفيد جداً في تعليم الطفل سلوكيات جيدة وضمان عدم تكرار الخطأ مثل أن يعاقبه الأب فتأتي الأم فتبعد الطفل عن الأب بشكل غير مباشر، بحيث تأخذه إلى غرفة أخرى وتقول له مثلاً «ألم أنهك عن هذا السلوك؟ أرأيت كيف غضب منك والدك وأنا علمتك أن طاعة الوالدين واجبة».