سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قصة هروب البدر استغل فرصة انشغال الضباط بالمقاومة التي ظهرت من دار الشكر وبمنع المواطنين من اقتحام دار البشائر ليهرب بمساعدة ملازم ثانٍ تم فصله من الجيش
حتى صباح يوم الخميس السادس والعشرين من سبتمبر 1962م استمرت المقاومة شديدة من دار البشائر «قصر البدر» وكانت القوات المحيطة بالقصر قد أوقفت ضرب النار نسبياً في القوى كمبدأ من مبادئ الحرب مكتفية بتشديد الحصار على القصر ماأدى لاعتقاد البدر بأن الذخيرة قد نفدت من الثوار . ليفاجأ مع طلوع أول ضوء بقصف مدفعي كثيف أطار من ذهنه كل الآمال التي كان ينسجها، ونظراً لضرورة إسناد القوات المهاجمة بالنيران فقد تم تكليف الملازم «محمد مطهر زيد» بذلك ولهذه المهمة خصصت اللجنة القيادية مدفعين ميدانيين من عيار «76» مم مزودين ب «24» قنبلة تم الحصول عليها من معسكر المدفعية بمساعدة الملازم «حمود محمد بيدر» وبعض ضباط الصف ،وبسبب تحريك هذين المدفعين إلى الموقع المحدد خلف جولة الشراعي حالياً فقد تعذر عليه الضرب ليلاً بسبب عدم الرؤية وازدحام المنازل حول دار البشائر.. ومع بدء اشعاعات الفجر الأولى وجه الملازم «محمد مطهر»أحد المدفعين وضبط آلة التنشين على موقع للرشاش الثقيل عيار «7/12» الذي كان يقذف بنيران غزيرة على الثوار من سطح الدار، متمكناً من الطلقة الأولى من تدميره، وإسكات المقاومة في الطابق العلوي من الطلقة الثانية، وتدمير واجهة الطابق العلوي محدثاً حرائق كبيرة في الدار في الطلقات الثالثة والرابعة والخامسة،ظللت دخانها سماء المنطقة المحيطة مؤدياً لاختفاء الدار خلف ذلك الدخان الكثيف ،ليبدأ افراد الحرس الملكي في تلمس النجاة بحياتهم بعد سماح الثوار لهم بمغادرة القصر بعد تسليم أسلحتهم ،فيما بدأ بعض الطلاب والمواطنين بالتجمهر حول الدار استعداداً لاقتحامه للحصول على غنائم من مقتنياته. مساعدة البدر في الهروب وفيما كان البدر قد بعث بالملازم «العروسي» لغرض رغبته في التفاوض مع قيادة الثورة إلا أنها رفضت ذلك ليفكر البدر بالهروب مستغلاً فرصة انشغال الضابط بالمقاومة الطفيفة التي ظهرت من «دار الشكر» وبمنع المواطنين من اقتحام الدار، وليهرب بمساعدة ملازم ثانٍ من دفعة الشهيد «محمد مطهر زيد» كان قد تم فصله من الجيش بعد تخرجه من الكلية بفترة قصيرة، حيث كان قد ارتدى بدلته العسكرية متجهاً نحو دار البشائر ليصادف البدر على وشك الهروب فساعده متجهاً به نحو «ضلاع همدان» مؤملاً أن يجد البدر موطئ قدم له في هذه المنطقة إلا أن عدم قبول المواطنين به وإنذارهم له بسرعة الخروج من منطقتهم لئلا يسبب لهم المصائب والويلات أدى إلى مغادرته المنطقة، وحيث انطلاق قوة عسكرية في إثره إلى منطقة ضلاع كان البدر قد غادرها بحوالي ساعتين أوثلاث ساعات متجهاً نحو عمران، وهو الأمر الذي أدى إلى إصرار القيادة على عدم تركه لالتقاط أنفاسه في أية منطقة من المناطق ليتقرر انطلاق قوة عسكرية محدودة ڤ في إثره بقيادة الملازم «محمد مطهر زيد» والملازم أول«عبدالله عبدالسلام صبره» في صباح يوم الجمعة 27سبتمبر مكونة من ثلاث دبابات ،ثلاث سيارات نقل ،ثلاثة مدافع ميدانية تجرها ثلاث مصفحات واشتراك ملازم «عبدالله المؤيد» ملازم «زيد الشامي» وملازم «أحمد اليريمي» ،ملازم «ناجي المسيلي» ملازم «محمد عشيش» ملازم «محمد الثلايا» ملازم «حسين المسوري» ملازم «محمد البرطي» ،ملازم «أحمد سرحان»وبوصوله إلى معسكر عمران الذي يعكسر فيه «1200» مقاتل من الجيش البراني الخاص، حاول البدر اتخاذ هذا المعسكر قاعدة عسكرية للانطلاق منها إلى العاصمة، ولكن ما إن بلغ مسامعه خبر حملة المطاردة حتى اتجه راحلاً إلى حجة مصطحباً بضعة أفراد من الجيش البراني محرضاً بقية الأفراد على مقاومة الثورة، ولكن مجرد رؤيتهم للدبابات والمدفعية أدى إلى خلق شعور في أنفسهم بعدم طاقتهم وقدرتهم على المواجهة ، عزز من ذلك موالاة مشائخ وأفراد من المنطقة للثورة. مطاردة وتطويق ونتيجة لمعرفة الملازم «محمد مطهر زيد» لهم فقد تولى التفاوض مع هؤلاء المقاتلين مخيراً إياهم بين الانضمام إلى وحدات الجيش النظامي في صنعاء وبين ترحيلهم إلى قراهم وهو ما تم ليغادروا المنطقة على إثر ذلك. وبإقرار الضباط بقاء الملازم أول«عبدالله عبدالسلام صبرة» في منطقة عمران تحسباً لأي طارئ مباغت وللقيام بأعمال القيادة والإدارة ،تقدر تحرك الملازم «محمد مطهر زيد» ومجموعة من الضباط لمطاردة البدر، وما إن وصلت الحملة إلى منطقة «بيت الولي» ووصول معلومة بتناول البدر لطعام الغداء في مركز «بيت عذاقة» حتى أطلقت المدفعية نيرانها مصيبة المبنى الذي يقيم فيه إصابة مباشرة محدثة حالة من الفزع والذعر،وليخرج البدر مثقلاً بالخوف متجهاً إلى مدينة حجة ذات التاريخ الطويل في حماية النظام المتوكلي والمدينة الحصينة المحتوية على مخازن عديدة للأسلحة والذخيرة والمعدات والنقود والأهم وجود جهاز إرسال واستقبال يصلها بالعالم الخارجي، ولكن مفاجأة من العيار الثقيل كانت بانتظاره حيث استقبلته الحامية العسكرية والمواطنون بطبول الحرب منزلين به وبمرتزقته ضربات موجعة ،ليحاول اللجوء إلى «المحابشة» بعدما تبعته مجموعة من المعتقلين السياسيين في قلعة حجة والذين أطلقتهم الثورة بقيادة الشيخ «علي بن ناجي الشائف » وفي تلك الأثناء عرض الزعيم «حمود الجائفي» وزير الدفاع آنذاك استعداده للقيام بعمليات التفاف وتطويق للبدر ومنع تسرب المعونات له من خارج اليمن، وبعد إقناعه للمشير السلال رئيس مجلس قيادة الثورة وللضباط بالفكرة تحركت قوة عسكرية من صنعاء والحديدة مشتركاً فيها الملازم «أحمد الرحومي» الملازم «عبدالكريم السكري» الملازم «عباس المضواحي» ،الملازم «صالح العريض» ،الملازم «عبدالكريم الحوري» ،الملازم «علي الجائفي» ،الملازم «حسين الغفاري» ،الملازم «عبدالوهاب الشامي» الملازم أول «أحمد قرحش» النقيب «عبدالكريم وحيش» الملازم أول «ملاطف السياغي». ولتتخذ الحملة منطقة عبس مركزاً تكتيكياً منقسمة إلى قسمين الأول اتجه نحو «المحابشة ووشحة» للبحث عن البدر، والثاني نحو «حرض» لصد هجوم يزحف على مدينة حرض وميدي. البدر في مؤتمر صحفي أما البدر فقد استطاع النفاذ بجلده إلى خارج اليمن ليعقد أول مؤتمر صحفي جرى ترتيبه ڤفي منطقة الخوبة في 10نوفمبر 1962م أعلن فيه عن بقائه على قيد الحياة ،لتطرأ بذلك أزمة حادة في المعسكر الملكي سببها الإمام الحسن الذي حاول أن لايعترف لابن أخيه بالإمامة لعدم انطباق شروطها المذهبية عليه، ليحاول الحسن أن يؤتي بالبدر ليبايعه بالإمامة لكونه الأحق بها ولكونه قد تجرع كل المشاق في سبيل الوصول إليها ثم لتتلو ذلك جهوداً سياسية لتغلب على تلك الأزمة وإرغام الحسن الواثق بالله على التنازل عن الإمامة ومبايعة ابن أخيه البدر والذي كان قد أيقن بأنه أصبح واقعاً في شراك مناوئيه بالأمس وأنه لن يعود إلى الإمامة حتى ولو عاد إلى صنعاء، ما أدى لمحاولة إخلائه الساحة لعمه الحسن المتيم بالإمامة لا المظلل بالفخامة ليتسم موقفه بالبرودة مقارنة بمواقف الأمراء الآخرين، وليس أدل على ذلك من مواقفه السلبية أمام الفضول الصحفي الذي كان ينصحه بإعلان برنامج إصلاحي ليكسب به قلوب اليمنيين ويذلل بعض الصعوبات وردوده الصحفية «نحن في حالة حرب،حتى وصولنا إلى صنعاء سيكون ذلك». تأييد صهيوني للملكيين ورغم ما سبق فقد حافظ المعسكر الملكي على مظاهر تماسكه حتى أغرقته المساعدات السخية بالخبراء والمدربين والمحاربين والمساعدات العسكرية والإعلامية والسياسية والاقتصادية، وليس أدل على ذلك من التأييد الصهيوني للملكيين بعد زيارة مندوب من الإمام زار فلسطين سراً في 1963م لطلب مساعدة واسعة النطاق تمثلت بقيام طائرات اسرائيلية بدون علامات بحوالي «15» طلعة جوية من جيبوتي لإسقاط أسلحة إلى مواقع الملكيين. وعموماً فقد استخدم المعسكر الملكي تكتيك حرب العصابات مركزاً على دفع عصاباته عبر المضائق والممرات الوعرة للضغط على العاصمة صنعاء، مع إعلام ركز على خروج القوات المصرية من اليمن وفي نفس الوقت فإن السياسة الإعلامية كانت تثير مخاوف الولاياتالمتحدة من تغلغل الروس في اليمن. لكن الأهم أن ما جمع المعسكر الملكي المضاد كانت مجرد مصالح استمات الاستعمار في الدفاع عنها والمحافظة عليها.