خسرت الساحة الفنية والثقافية أمس منارة في الفن التشكيلي كان برأي الكثيرين من مؤسسي المدرسة التشكيلية في اليمن مجسداً الحياة اليمنية بكل تفاصيلها من خلال ريشته التي رسمت تفاصيل حياة المجتمع اليمني وبيئته . رحل الفنان التشكيلي الكبير هاشم علي مخلفاً ثروة فنية لا تقدر بثمن ، إن رحل جسده فستبقى ذكراه خالدة في قلوب تلاميذه ومحبيه في لوحاته الناطقة بروح ريشة فنانٍ عبقري . وكالة الانباء اليمنية (سبأ) وانطلاقاً من المكانة الكبيرة للفنان استطلعت آراء المعنيين بالشأن الثقافي اليمني وخرجت بالحصيلة التالية: حيث اعتبر وزير الثقافة الدكتور محمد ابوبكر المفلحي رحيل الفنان التشكيلي هاشم خسارة للوطن ولأحد رواد الفن التشكيلي إن لم يكن لأبي المدرسة التشكيلية في اليمن . وأشار إلى البصمات الهامة للفنان في العمل التشكيلي الذي تتلمذ على يده جيل بأكمله وما قدمه من فن راق جسد البيئة اليمنية وتركيبة مجتمعها ، منوهاً بأن الفنان من اهم الرموز المؤسسة للفن التشكيلي في اليمن . واضاف الوزير المفلحي “ كل لوحة من لوحاته هي تعبير عن الوطن الحبيب” ، معرباً عن تعازيه الحارة بوفاة الفقيد لأسرته وكل من تتلمذ على يده ولكل ابناء الوطن . المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح بدوره يرى ان الراحل موهبة يمنية كبيرة منحت من العطاء اكثر مما منحته ظروفنا القاسية الجدباء. مضيفاً “ إن اول ما يفعله الانسان امام الوردة التي تنمو في الصحراء متحدية ظروف الجدب وعوامل التعرية هو ان يحني رأسه امامها احتراماً لقدرتها الخارقة على المقاومة والثبات في وجه اقسى الظروف». ومن ضمن ما كتب من شهادات حول تجربة هذا الفنان العملاق ما قاله الدكتور علوي يحيى عقيل ان الفنان ابو الفن في اليمن لأنه فعلا استطاع ان يتمسك بجذور ابداعه في ارض سبأ وقتبان فقدم ابداعات اصيلة مبتكرة تتسم بطابع المعاصرة من حيث الصفة والأدوات والمضمون الانساني العام . وأشار إلى ان الفنان ابرز الملامح اليمنية بواسطة الخطوط والرموز والتشكيلات على الطبيعة عبر ابداعه الذي اعتبره الدكتور عقيل نسيجاً متميزاً غير مسبوق . فيما يؤكد احمد الصوفي انه فنان مبدع مجدد عمل على ايجاد اتساق من الفكر الجمالي الذي يزاوج بين الوعي العميق لموضوع الفن الواقعي وبين المعرفة الواضحة للعمليات الاجتماعية والسياسية . ويشير محمد الفتيح إلى ان الفنان الراحل باحث عن حقيقة اليمن وجوهرها التي فجرها بريشته انهاراً تروي العطاشى صدقاً واصراراً ووفاء معانقة اقلام البردوني والمساح واللوزي وعبدالودود سيف ومحمد يحيى الزبيري وكوكبة من جنود الحقيقة تنفض الغبار وتجلو الصدأ عن وجه اليمن . ويلفت عبدالملك المخلافي إلى ما تمتع به الراحل من مقدرة على تجسيد ارتباط الانسان اليمني بأرضه من خلال لوحة تعتبر قمة في الابداع لوحة «الارض والانسان». وأكد الدكتور ابوبكر السقاف ان الفنان هاشم علي فنان اصيل مؤمن وثق بالغد، مسجلاً كل هموم الشعب والوطن كما سجل الروعة ولم يلهث وراء الكسب المادي. الفنان والبسطاء الفنان التشكيلي طلال النجار بدوره أكد أن اليمن خسرت اليوم من وصفه بالقمة الأدبية والفنية في اليمن الفنان هاشم علي الذي كان أفضل فنان يمني يقدم لوحات فنية متنوعة رسم بها صنعاء القديمة . وأشار إلى مناقب وإسهامات الفقيد الفنية التي قدمها وجسدها في لوحاته الفنية التي كانت غنية بالتنوع الثقافي والحس الفني والأدبي وحب الناس والطبيعة. ولفت إلى واحدة من أبرز أعماله التي تجسدت فيها هذه المعاني وهي لوحة «دجاجة عمتي» التي تعد واحدة من الأعمال المميزة إلى جانب اعمال أخرى ظهر فيها حب هاشم للناس والمجتمع لاسيما الأعمال التي جسدت النساء “الصبريات” والراعيات وبائعات الورود والفواكه. وذكر النجار أن الراحل كرس حياته في الآونة الأخيرة لرسم عدد من المناظر الطبيعية اليمنية وخاصة مناطق مختلفة من محافظة تعز . رحيل وخسارة يقول الفنان التشكيلي فؤاد الفتيح: “ لقد مثل رحيل هاشم علي خسارة كبيرة للوطن وترك فراغاً كبيراً في مجال الفن التشكيلي كونه من الفنانين الرواد الذين بدأوا في تكوين حركة تشكيلية في اليمن وساهم في بناء مدرسة تشكيلية واقعية وكلاسيكية”. ونوه بما اضطلع به الفنان هاشم علي في تدريب وتأهيل كثير من الشباب المشهورين حالياً الذين تتلمذوا على يده. إحياء ذكراه ودعا الفنان الفتيح إلى أن تكون ذكرى رحيل هاشم علي مناسبة سنوية تقوم وزارة الثقافة بإحيائها تقديراً لاسهام هذا الفنان الكبير الذي قدم كل شيء من اجل الفن والتشكيل ولم يحظ بما يتناسب مع مكانته من اهتمام او دعم. وعبر عن أمله بأن لا يلقى الفنان الراحل تجاهل الجهات المعنية كما هو شأن كثير من القامات الإبداعية الراحلة التي أثرت في مجالاتها ورحلت بصمت دون أن يلتفت إليها وإلى عطائها الزاخر. وأكد الفتيح ضرورة الاهتمام بأسرة الراحل كعرفان يمكن به رد الجميل لهذه القامة الفنية التي سخرت أوقاتها لخدمة الفن والحركة الفنية في اليمن على حساب أفراد اسرته. معاناة وفقر فيما قالت الفنانة التشكيلية الدكتورة آمنة النصيري: الفنان هاشم علي مات بعد معاناة شديدة مع الفقر والمرض والحاجة إلى منزل متواضع يليق بفنان.. مؤكدة غياب اهتمام الجهات المعنية بهذه القامة الفنية. وأضافت النصيري: حتى المرض الشديد لم يشفع للفنان هاشم علي كمبدع كبير بأن يعالج على حساب الدولة في أي مكان في الخارج ونحن نعلم أن كثيراً من الدول التي تحترم المبدعين ترسل فنانيها على طائرات خاصة ليعالجوا على حسابها لكن هذا لا يحدث في اليمن. وعبرت الدكتورة آمنة النصيري عن أملها في أن تصحو اليمن يوماً لتعي أن الثقافة والإبداع طريق لمواجهة الأعداء وإحلال السلام وتهذيب البشر والحد من العدوانية السائدة تحت مسميات قبلية وطائفية ومناطقية. وأشارت إلى ما تبوأه الفنان الراحل من مكانة فنية عالية على مستوى اليمن والتي جاءت عبر مشواره الطويل الذي بدأ في الستينيات للتعريف بهذا الفن وتأسيس لبناته الأولى وتوظيفه لخدمة الوطن وقضاياه. أبو لأجيال وقالت آمنه النصيري : الفنان هاشم علي استطاع ان يكون أباً لأجيال كاملة من الفنانين واعطاهم من الأبوة والرعاية ما لم يستطع منحه لأبنائه الحقيقيين، كما أن هاشم علي كان قادراً على منحهم ما لم تمنحه له الدولة. ورأت النصيري أن أي فنان لم يستطع أن يكون هاشم علي في عطائه ومحبته لتلاميذه وأنه لهذا السبب سيبقى حالة خاصة لن تتكرر في حركة الفن التشكيلي اليمني. هذا وقد نعت وزارة الثقافة الفنان التشكيلي الكبير هاشم علي عبدالله الذي وافته المنية فجر أمس عن عمر ناهز 64 عاماً بعد عمرٍ حافلٍ بالعطاء في مجال الفن التشكيلي. وأشار بيان النعي الذي تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منه أن الفقيد كان يعد من أبرز الفنانين التشكيليين في اليمن ويمثل مدرسة فنية رائدة تخرج على يديه مجموعة كبيرة من الفنانين التشكيليين ومثل اليمن في كثير من المهرجانات الفنية العربية والدولية وله بصمات كثيرة في الارتقاء بالفن التشكيلي اليمني ولاتزال لوحاته مصدر إلهام للعديد من الفنانين التشكيليين اليمنيين. ونوه البيان بمناقب الفقيد الذي كان يعد واجهة اليمن التشكيلية الأولى في الوطن والعالم. مؤكداً أن الفقيد غادرنا جسدا إلا أن إبداعاته لا تزال ماثلة في الذاكرة الفنية اليمنية. وأشار البيان أن وزارة الثقافة وجميع الأدباء والمثقفين والفنانين ينعون الفقيد ويسألون المولى عز وجل أن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة ويسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه وكافة محبيه الصبر والسلوان. “ إنا لله وإنا إليه راجعون “