أكد الأرجنتيني ليونيل ميسي مهاجم برشلونة الاسباني الذي أحرز جائزة الكرة الذهبية لعام 2009 الممنوحة سنوياً من مجلة فرانس فوتبول الفرنسية المتخصصة في كرة القدم انه قادر على التألق عالمياً وتحمل الضغوط رغم عمره الصغير. مضت أربع سنوات على توقع المدرب الأرجنتيني دييغو مارادونا أن يكون مواطنه الصغير الحجم والكبير من حيث المستوى الفني، خليفته على المستطيل الأخضر .. وبدأ ميسي (22 عاماً) مسيرته مع نيولز أولد بويز في الارجنتين، لكن سرعان ما لفت انتباه برشلونة الذي نقله مع عائلته الى اسبانيا عارضاً عليه نفقة العلاج الطبي لمداواته من نقص في هورمونات النمو لديه مقابل التوقيع على كشوفات النادي الكاتالوني. يقول والد ميسي خورخي لصحيفة “ليكيب” الفرنسية : “لولا هورمونات النمو هذه، لكان طول ليونيل 50ر1 متر في أحسن الأحوال لدى بلوغه سن الرشد (طوله حالياً 69ر1 م)”. تسلق ميسي سلم النجاح بسرعة البرق بداية من موسم 2004-2005 وقاد منتخب بلاده للفوز بكأس العالم للشباب، وأصبح بعدها عنصراً رئيسياً في تشكيلة برشلونة، رغم غيابه عن خوض نهائي دوري ابطال أوروبا المظفر عام 2006 أمام ارسنال الانكليزي بعد عودته من الاصابة. عوض الولد الرهيب هذا الغياب في ايار/مايو الماضي عندما قاد برشلونة الى لقبه الاوروبي الثالث مسجلاً هدفاً ولا أروع وبرأسه، في شباك حارس مانشستر يونايتد الانكليزي العملاق الهولندي ادوين فان در سار على ملعب روما الأولمبي .. وقام ميسي بدور فاعل خلال مسيرة برشلونة الناجحة في المحافظة على لقب الدوري الاسباني وفي الفوز بكأس ملك أسبانيا، وعبدت مهاراته الرائعة وقدرته المخيفة في السيطرة على الكرة الطريق له لاحراز الكرة الذهبية بعمر ال22، ليخلف البرتغالي كريستيانو رونالدو صاحب المركز الثاني في الترتيب، وبعد يومين فقط على مواجهة الغريمين برشلونة وريال مدريد (1-صفر)، حيث قدم ميسي أداء مدهشاً على أرض الملعب، في حين اكتفى رونالدو العائد من الاصابة بإضاعة فرصة ثمينة أمام مرمى الحارس فيكتور فالديز. ورغم التنافس على لقب أفضل لاعب في العالم بين ميسي ورونالدو، الا ان طباع اللاعبين تبدو مختلفة، ففي حين يتصدر رونالدو غلافات المجلات التي تكون بمعظمها غير رياضية ولها علاقة بحياة الترف الصاخبة، يبقى ميسي شخصاً متواضعاً يترك قدميه تتحدثان نيابة عنه أمام دفاعات الخصم المرتعبة منه. وبحسب والده أيضاً، فإن الناس “كانت تدفع الأموال لمشاهدته يلعب مع نيولز” في صغره، ليستمر في صعوده الصاروخي، اذ أصبح بعدها أصغر لاعب يسجل في الدوري الاسباني بعمر 17 سنة و10 أشهر وسبعة أيام عندما هز شباك الباسيتي في 1 ايار/مايو 2005. أدرك برشلونة سريعاً انه يملك ثروة بين يديه، وهو النادي الذي ضم سابقاً عمالقة مثل مارادونا، الهولندي يوهان كرويف والبرازيلي رونالدو، فقام بتمديد عقده مرتين حتى العام 2014 وحدد سعر التخلي عنه ب250 مليون يورو، لكن كثر يعتقدون ان النادي الكتالوني لا يمكن أن يفترق عن هذه الماسة الكروية بأي سعر كان، خصوصاً ان سلوكه حتى الآن بقي جيداً مقارنة مع البرازيلي رونالدينيو لاعب وسط الفريق السابق وبطل الليالي الحمراء .. وكتبت صحيفة “ال موندو ديبورتيفو” المتخصصة عن ميسي: “يملك قدم مارادونا اليسرى، ايقاع كرويف وتمريرة رونالدينيو القاتلة”. وكان لافتاً ان ميسي حافظ على ايقاع لعب برشلونة رغم مغادرة رونالدينيو والمهاجم الكاميروني صامويل ايتو الى ميلان وانتر ميلان الايطاليين على التوالي، لكن لا بد من القول انه يلقى دعماً هائلاً من ثنائي الوسط تشافي هرنانديز واندريس انييستا، كما وجد في السويدي زلاتان ابراهيموفيتش لاعبا رائعاً وهدافاً نادراً. وتتضمن أبرز محطات ميسي مع برشلونة ثلاثيته في مرمى ريال مدريد (3-3) عام 2007 في ملعب “نوكامب”، والهدف الخرافي الذي راوغ فيه لاعبي نادي خيتافي على طريقة هدف مارادونا في مرمى انكلترا في كأس العالم 1986. يبقى تألق ميسي مع منتخب الارجنتين التي تأهلت بشق النفس الى نهائيات كأس العالم المقبلة، ولا شك انه مستعد لاستعادة الكأس التي احرزها مارادونا عندما كان لاعبا عام 1986 في مونديال المكسيك، خصوصا وان المدرب خوسيه بيكرمان أبقاه على مقاعد البدلاء في ربع نهائي المونديال الأخير أمام ألمانيا الفائزة بركلات الترجيح. ميسي فخور ويفكر باللقب التالي وعبر ميسي عن شعوره بالفخر بعد أن أصبح أول لاعب أرجنتيني يحرز اللقب المرموق .. وقال ميسي في حديث مع المجلة الفرنسية: “إنه لفخر كبير أن أصبح الأرجنتيني الأول الذي يحرز الجائزة .. بصراحة، كنت أعلم أني من بين المرشحين الجديين لإحرازها، لأن برشلونة عاش عاماً ناجحاً حصد فيه جميع الألقاب .. لكن لم أتوقع أن يكون الفارق كبيراً لهذه الدرجة (240 نقطة)”. وأضاف: “تعلمون أن الكرة الذهبية تشكل أهمية كبرى بالنسبة لي .. كل الذين فازوا فيها سابقا كانوا من اللاعبين الكبار، وحتى بعض الكبار لم يتمكنوا من إحرازها” .. وكان رئيس تحرير المجلة الفرنسية دوني شومييه وصل الاثنين الماضي إلى برشلونة وكشف للاعب أن هيئة التصويت المؤلفة من 96 شخصاً اختارته ليكون اللاعب الأفضل في العالم لعام 2009. وارتسمت البسمة على الوجه الطفولي للاعب الكبير لدقائق طويلة، ترافقت مع خجل واضح يظهره اللاعب باستمرار على أرض الملعب .. وعلق رودريغو شقيق ميسي المتواجد في المنزل العائلي في ضواحي برشلونة على حالة أخيه قائلاً: “ليونيل عبقري لكنه ليس نجماً” .. وكان ميسي حقق انجازاً فريداً بإحرازه 473 نقطة من أصل 480 ممكنة بحسب ما ذكرت المجلة الفرنسية التي تصدر يومي الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع. وأهدى ميسي (22 عاماً) الجائزة إلى عائلته: “لقد تواجدوا دائماً عندما كنت بحاجة إليهم. لقد اختلجتهم أحياناً مشاعر أقوى من مشاعري. أفكر فيهم حالياً” .. وجلس ميسي مع ضيوفه على إيقاع أطفال يلعبون داخل المنزل وكلب ينبح في الجوار، وأمامهم شاشة تلفزيونية كبيرة معلقة على الحائط تبث مباراة ريال مدريد وبرشلونة الأخيرة (1-0) التي لمع فيها النجم الصغير (1.69 م). وعن مشوار بلاده الصعب في تصفيات كأس العالم قبل التأهل بصعوبة، قال عبقري خط الوسط: “لم أشك للحظة بأننا سنتأهل إلى كأس العالم، رغم الصعوبات التي واجهتنا خلال التصفيات” .. واعتبر ميسي أن الأعوام المقبلة ستكون صعبة بالنسبة إليه: “أتمنى أن يكون العام المقبل مشابهاً، وان أحرز الجائزة مرتين على التوالي، لن يكون الأمر سهلاً”. يذكر أن جائزة “فرانس فوتبول” انطلقت في العام 1956، وكان الإنجليزي ستانلي ماثيوز أول الفائزين بها، وهي كانت تمنح لأفضل لاعب أوروبي حتى 1995 حتى توسعت لتشمل جميع اللاعبين الذين يلعبون في البطولات الأوروبية ما سمح لليبيري جورج وياه في أن ينال هذا الشرف، ثم أصبحت أكثر عالمية العام قبل الماضي عندما توسعت ليدخل في المنافسة عليها جميع اللاعبين في العالم. وحصد ميسي جائزة هذا العام بعد أن حصل على 473 نقطة من أصل 480 متقدماً على البرتغالي كريستيانو رونالدو (مانشستر يونايتد ثم ريال مدريد) الذي نال 233 نقطة .. وجاء ثالثاً زميل ميسي في برشلونة تشافي (170 نقطة)، ورابعاً زميله الآخر أندريس إنييستا (149) وخامساً زميله السابق الكاميروني صامويل إيتو (حالياً مع إنتر ميلان).