يروى عن الإمام ابن حجر الهيثمى انه حين كان شاباً صغيراً حاول كثيراً أن يحفظ الحديث لكنه فشل ولم يتمكن من ذلك حتى شعر باليأس والإحباط.. في يوم من الأيام كان يمشي في احد البساتين فاقترب من بئر في وسط البستان فجلس قربها ، في أثناء جلسته لاحظ أن الحبل المعلق في دلو البئر قد اثر بالصخر الذي يحيط برأس البئر من كثرة الاحتكاك صعوداً ونزولاً , فكان هذا المنظر دافعاً له أن يحاول مرة ثانية في حفظ الحديث حتى لو كرر ذلك مائة مرة وعاهد نفسه على ذلك فمضى يحاول ويحاول حتى كانت أمه تمل من كثرة التكرار وترحم حاله . مع مرور الزمن وقوة الإصرار والمثابرة استطاع أن يحفظ القران والحديث بل صار من علماء الأمة وألف التصانيف و المؤلفات الكثيرة واستحق لقب شيخ الإسلام وإمام الحرمين . لقد أصر على النجاح وعزم على ذلك، لو انه استسلم لعامل اليأس والإحباط ، لما وصل إلى ما وصل إليه ولكان الآن في سجل الفاشلين. يقول خبراء التنمية البشرية انه لا يوجد هناك فشل حقيقي فما ندعي انه فشل ماهو إلا خبرات قد اكتسبناها من واقع تجاربنا ، فالشخص الفاشل هو الذي لا يتعظ من تجاربه و يظن أن الأمر منته عند فشله . فإذا كان يعتقد انه قد فشل فهذا من شأنه أن يثنيه عن أداء اعمال أخرى ويكون بذلك قد قلل من شأن قدراته الشخصية. إن لكل إنسان في الحياة مواهب وقدرات وقوى داخلية فالواجب عليه أن يعمل على تنميتها و الاستفادة منها بدلاً عن تبقى معطلة ثم عليه أن يبقى وسط أحداث الحياة ونشاطاتها المختلفة فالحياة عبارة عن فصل دراسي تتعرض فيه للاختبار ويتوقع منك أن تحقق تقدماً خلال فترة زمنية معقولة إن لم تستفد في فصل الحياة فإنها سوف تعيد لك الدرس تلو الدرس حتى تتعلم وتنجح. يقول الدكتور علي الحمادي الإحباط والمعاناة اللذان تتحملهما يساعدانك دائماً على التقدم إلى الأمام متى اتعظت منهما فهذا العالم الذي تعيش فيه ماهو في الحقيقة إلا فرصة لك لتطوير شخصيتك. إن نقطة الانطلاق نحو النجاح تبدأ من الإيمان بالله تعالى فهو المعيار للنجاح الحقيقي فالإيمان يمنحك القوة والعزيمة و الإرادة بل هو الوقود الذي يدفعك نحو الأمل الذي يصنع لنا النجاح فرحلة النجاح تبدأ أملاً ثم مع الجهد و الإصرار والعزيمة و الإرادة القوية يصبح هذا الأمل حقيقة تشاهدها العين قال تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) لقد فشل اديسون مئات المرات في محاولاته لاختراع المصباح الكهربائي لكن هذا الفشل لم يجعله يصاب بالإحباط و اليأس ، في يوم من الأيام سأله احد الصحفيين.. سيد أديسون: لقد فشلت كثيراً فهل لديك الرغبة في الاستمرار فأجابه قائلاً : أنا لم أفشل مطلقاً إنما تعلمت و اكتشفت طرقاً عديدة غير صالحة لاكتشاف المصباح الكهربائي ، بمعنى أن كل محاولة من محاولات أديسون كانت عبارة عن خطوة أخرى تقربه من الوصول إلى هدفه وهذه النوعية من المواقف هي التي نحب أن يستفاد منها في أعمالنا وسائر حياتنا، فالهزيمة أو الفشل ماهو إلا اختبار يجعلنا نكتشف طبيعة أفكارنا وعلاقتها بالغرض الذي نسعى لتحقيقه . يقول الإمام حسن البنا - يرحمه الله - موصياً إخوانه: لاتيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين وحقائق اليوم أحلام وأحلام اليوم حقائق الغد ومازال في الوقت متسع ومازالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد والضعيف لا يظل ضعيفاً طوال حياته والقوي لاتدوم قوته إلى الابد.