سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طقوس فرائحية بعودة الحجيج إلى ديارهم تستقبل المحويت أبنائها العائدين من بيت الله الحرام بعد أدائهم فريضة الحج، فيحاطون بالتهاني والتبريكات والأناشيد الدينية والزوامل وقرع الطبول احتفاءً بالمناسبة.
محافظة المحويت كغيرها من المحافطات الأخرى تختزن في حناياها الكثير والكثير من العادات والتقاليد القديمة والمتوارثة عن الآباء والأجداد وتمتلك موروثاً شعبياً فريداً لايزال محفوظاً في وجدان وعقول الشيوخ. ولعل سفر الحجيج والعادات والطقوس المصاحبة له أبرز الملامح الفنية والشعبية التي مازال أبناء المحويت يحرصون على أدائها كل عام ويبدعون في أداء هذا التراث بأساليب فريدة تعكس الموروث الشعبي الذي تختزله المحافظة. وتضيف هذه المباهج والطقوس فرحة وسعادة وتعتبر عند الأهالي في كل قرية مسرحاً مفتوحاً تزينه الفرحة العيدية. كما يصاحب هذه الطقوس المزمار والطاسة والمرافع التي تزين الفرحة بالعيد لاسيما في ريف المحويت إذ تتوالف تلك الطقوس بالزوامل والمهاجل والمواويل الخاصة بهذه المناسبة وتعد «المدرهة» أو الأرجوحة أبرز الملامح التي تساعد في أداء تلك الطقوس الشعبية بسيمفونية غاية في الروعة والجمال ويكون مهرجان المدرهة بمثابة مسرح عيدي مفتوح يعتمل في الهواء الطلق وسط فرحة غامرة وذوق شعبي فريد..لازالت العادات والتقاليد والطقوس التي تمارس بالمحافظة محفورة في ذاكرة كل أبناء المحويت إذ تبدأ تلك الطقوس من عزم الحاج على الذهاب لأداء مناسك الحج،حيث يقوم الأهل بطلاء منزل الحاج «بالنورة» مما يضفي على المنزل بهاء ورونقاً وكأنه لبس حلة جديدة وهذه العادة يراد بها أن الحاج سيعود نظيفاً خالياً من الذنوب كيوم ولدته أمه تيمناً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من حج ولم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه». وداع الموت يقول الشيخ أحمد علي أحمد النزيلي من أهالي مديرية حفاش قديماً كان في سفر الحاج مشقة إذ كان الجمل أحد الوسائل الرئيسية التي تستخدم آنذاك في نقل الحجيج وكان الحاج عندما يغادر قريته يودع أهله وأقاربه وأحبابه وكأنه الوداع الأخير الذي ليس بعده لقاء نظراً للمشقة والسفر الذي كان ربما يستمر شهوراً والعناء والتعب اللذين ربما يوديان بحياة الشيخ الكبير إلى الموت بالإضافة إلى المخاطر المحدقة التي يتعرض لها الحجيج في الطريق سواء من تعرضهم للسلب والنهب من قطاع الطرق أو يصابون بأمراض متفشية الأمر الذي يجعل العازم على الذهاب لأداء مناسك الحج يودع أهالي منطقته وداعاً حاراً وسط بكاء وعويل يصاحب ذلك أدعية تقال من القلب ترمي إلى تحصين الحاج من أي مكروه. «حج وبيع مسابح» ويواصل بقوله: وكان الحاج يحمل معه في سفره أجود أنواع البن والزبيب لغرض بيعه في مكة واستبداله عند الرجوع بالأشياء النفيسة والهدايا الفاخرة والتوابل والعطور وغيرها أما اليوم فالحج بفضل الله صار يسيراً لمن وجد معه المال الكافي ويقوم أهالي القرية بتوديعه بعد عمل عزومة توديع للحاج من أهالي منطقته. وداع الحاج ومن خلال متابعة الصحيفة للمهاجل التي تقال عند توديع الحاج وعند رجوعه حصدنا مايلي:- عند توديع الحاج يخرج كل أهلي القرية رجالاً ونساءً وأطفالاً يودعون الحاج وسط دعوات بعودته سالماً غانماً ويردد أهالي القرية: ? مسافرين ياليتني معاكم لزادكم ولشرب ماكم ?مسافرين الله يعين سفركم والله يعين الغصن اللي معاكم مسافرين مساكم بالكواهل أما الرجم عاد الحبيب جاهل سوق الجمال ماعادنيش جمال كلّت جنوبي من تروز الأحمال ياليتني جمال بعد سودي وساترك ياناشر الجعودي المزارعون يودعون الحجاج و هناك مهجل خاص يردده المزارعون أثناء سفر الحجاج إلى بيت الله الحرام ومن أبياته: ياشوقي للطاهر ياشوقي له منى باطن ظاهر ياشوقي له والبابور مسافر ياشوقي له والحجاج تدعي له ياشوقي له والقمر مضيء له ياشوقي له في المقام العالي ياشوقي له ذاك العلم الفاخر ياشوقي له يسعد من يزوره ياشوقي له يجب احترامه ياشوقي له لاجَمْعَه نزوره ياشوقي له عمامة الحاج فوق المدرهة ما إن تبدأ أول أيام العشر حتى يهب جميع أهالي القرية لاسيما الشباب إلى إصلاح المدرهة والتي تعتبر عادة متأصلة لابد منها وخاصة في عيد الأضحى وتوضع المدرهة التي يتم إصلاحها من أعمدة خشب وحبال تسمى «حجاز» ويضع الأهالي على عمودي المدرهة شال أو عمامة يسمونها «عمامة الحاج» الذي لم يأتِ بعد وعند إصلاح المدرهة يقومون بدق المرافع وأداء الزوامل والمهاجل من أجل التنشيط لإصلاح المدرهة في أقرب وقت ومن لم يحضر من الشباب أو يتهرب من المساعدة في إصلاح المدرهة يذهب الجميع مصطحبين الطاسة والمرافع ويدقون ويزملون أمام بيته حتى يصاب بالخجل ويستحي ويخرج لمساعدتهم وبعد إصلاح المدرهة يأتي أبرز المسبحين في القرية من ذوي الأصوات الجميلة والقوية ويكون ذلك ليلاً بعد تعليق الفوانيس وعمامة الحاج على جوانب المدرهة ويبدأ في التسبيح والتغريد. تغاريد المدرهة فعلاً تشكل المدرهة موروثاً شعبياً هاماً يعكس من خلالها إبداعات الإنسان اليمني في الإنشاد والمواويل والتغاريد الشعبية الأصيلة حيث يبدأ المغرد بقوله: وقد طلعت المدرهة وفي حفاظ رحماني وقد طلعت المدرهة وفي حفاظ رحماني وفي حفاظ واعد كريم من أجل ماينساني بدعت بش بالفاتحة يا أولش أسامي وHخرش شن المطر ودحدح الوديان ولابد عند قول تغريد] المدرهة من ذكر الحج والحجيج بقوله: وأبي عزم مكة يحج وسامح الجيران وحاجنا قد سار يحج والله يوديه سالم وافاطمة خليك معه والله يوديه عاني ياسائق البوق أيا أمين أمانتك أمانة أمانتك في حاجنا مايحمل الإهانة أمانتك شل السلام إلى حاجنا وأصحابه أمانتك من وصلتك تذكره في أولاده قد توحشهم في فرقته مش والفين فراقه ويخاطب المyرد المدرهة بقوله: يامدرهة يامدرهة مال صوتش واهي قالت: أنا واهية ماحد كساني كسوتي رطلين حديد والخشب رماني ويقول مغرد آخر: أبدأ القول أوله يافرد يامناني واثني بقولي النبي المصطفى العدناني, واثلث بقولي في علي الذي دمر الأعداء قاصي وداني تغريدة يوم عرفة ويوم الوقوف بعرفات الله يتم قول تغريدة خاصة وهي: وياحمامة عرفة حومي حومي ألا واعرفي لي حاجنا لاهو دقيق أخضراني واعرفي له عصيه لاهي شوحطة رماني ألا واعرفي لي دسعته لاهي دسعة الحمامي ثم يقول المغرد تغريدة على لسان الحاج: لو تبصروني يا إخوة حين قامت الطيارة أحيت روحي حين رجفت ودمعتي على الخد سيالة لو تبصرونا يا أهلنا وسط الحرم ما ارحمنا مخلسين مضحين بين الشموس القمر مخلسين بأجسامنا والإله ينظرنا سماع مقدم الحجيج وعن السماع بمقدم الحجيج يقول مغرد المدرهة: ويامبشر بالحجيج وشل لك بشارة بشارتك قصر السلاح والسيف للمقتالة ياحاجنا أين قدك وين عادك قال عادنا وسط الحرم ومرتوي من زمزم وصول الحجاج عندما يعلم أهالي المنطقة بوصول الحاج يخرجون لاستقباله إلى مشارف عزلتهم ويتجمعون بسياراتهم وربما يستأجرون سيارات ويطلقون أبواق السيارات معبرين عن فرحتهم بقدوم حاجهم ويطلقون من أسلحتهم عدداً من زخات الرصاص تعبيراً عن الفرحة بقدوم الحاج وأصابع الطماش والمفرقعات النارية مصطحبين الطاسة والمرافع وهكذا حتى وصول الحاج حيث يرتص الجميع في صفين يتقدمهم الشيوخ والمزين الذي يدق الطاسة والمرافع ويبدأ الحاج بالمصافحة ويكون مع الحاج شخص آخر من أقاربه لمساعدته وعند المصافحة يقوم ذلك الشخص بتوزيع هدية الحاج والتي غالباً ماتكون كوافي ومسابح وعطور وينثرون الورود على الحاج ثم يذهب الحاج إلى بيته لأخذ قسط من الراحة ثم يعود لديوان القرية لاستقبال الوفود الواصلة للتهنئة ويقوم بتوزيع ماء زمزم عليهم وبعد ذلك اليوم لابد أن تأتي الوفود مصطحبة كبشاً للحاج يتم ذبحه في بيته وتستمر العزائم لمدة شهر وبذلك تنتهي مراسم استقبال الحجاج.