والعام الميلادي 2009م يرحل وتؤول شمسه إلى الغروب، يجدر النظر إلى المحطات والمشاهد التي حفل بها والتي اختزلت في طياتها موسماً مليئاً بالأحداث والقضايا التي صبغت الساحة المحلية وكان لها إرهاصاتها على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها. على صعيد الأمن والجريمة، يجدر الإشارة إلى أن العام 2009م كان حافلاً بالأحداث المرتبطة بمشهد الجريمة، من الجرائم الجسيمة التي تهدد أمن المجتمع واستقراره والتي تتجاوز الجانب الجنائي وتهديد المجتمع وضرب استقراره والإضرار بالتنمية، فقد شهد هذا العام ولوج البلاد في غمار النسخة السادسة من حرب التمرد التي أشعلتها جماعة المتمردين في صعدة . برغم هزيمة هذه الجماعة على يد الجيش النظامي في مديرية بني حشيش محافظة صنعاء، وتخطي الحرب نطاقها الداخلي لتطال حدود الجارة السعودية التي وجدت نفسها في مواجهة الدفاع عن النفس مزيداً من إراقة الدماء، جاءت وقوداً لحرب فرضتها جماعة خارجة عن النظام والقانون رفضت كل سبل الحوار التي تحقن الدماء وتخمد جذور الفتنة.. وأي جريمة أقسى من جريمة زج المجتمع والبلاد في حرب اتضحت دوافعها والتي تقف وراءها أيادٍ خارجية. قريباً من هكذا مشهد، جاءت جريمة مقتل أربعة مواطنين ينتمون إلى منطقة القبيطة بتعز على يد أشخاص موتورين داخل محافظة الضالع لتلقي بظلالها القاتمة على المشهد النشاز الذي تقوده فئة غرضها تمزيق الوحدة الوطنية، وهذه الجريمة جاءت كإمتداد لسلسلة جرائم متفرقة حدثت في بعض مناطق جنوب البلاد يقودها أشخاص يتصدرون المشهد الإنفصالي الذي يطبل لعودة أجواء صيف 1994م إلى البلاد، وهي جرائم راح ضحيتها ضباط وجنود ومواطنون، تأتي تحت يافطة التأليب والدعوة إلى الانفصال! بعيداً عن أجواء الجريمة بصبغتها السياسية، ثمة وقفة لتناول مشهد الجريمة بطابعها الجنائي المتنوع مابين الاقتتالات والتقطع والسرقة والاعتداء والابتزاز والاحتيال والرذيلة وغيرها، إلى التطرق لتلك النوعية من الجرائم التي تقع في مرتبة وسطية بين الجرائم التي تستهدف الوطن والجرائم الجنائية، ،المقصود بها هنا تلك النوعية من الجرائم الجنائية والتي تحمل في ذات الوقت ضرراً يطال المجتمع بشكل أو بآخر، وتحديداً جرائم استهداف الأجانب، كجريمة التعرض للوفد الكوري في حضرموت التي حدثت فيها خسائر بشرية ومقتل ألمانيين في صعدة، واستمرار خطف الأجانب وكان آخرها جريمة خطف أحد الخبراء اليابانيين من العاملين في اليمن وهذه النوعية من الجرائم التي يتم تصنيفها إلى جرائم إرهاب، في جزئية منها تبدو جريمة خيانة الوطن ماثلة كما في قتل السياح فهي أكثر صلة بالجرائم ذات الصبغة السياسية التي تستهدف استقرار البلاد وأمن المجتمع، وفي الجزئية الأخرى تظهر في الاختطاف بذريعة الضغط على الدولة في تلبية مطالب معينة، وإن كان الخاطف هنا لايدرك أنه يمارس جريمة تعرض أمن المجتمع بأكمله للخطر، فهي جريمة لايمكن السكوت عنها ولابد من مقابلتها بأقسى مايمكن من عقوبات رادعة.. وتحدث جرائم الاختطاف حالة من الفزع داخل المجتمع كما تعمل على تشويه صورة البلد لدى الدول والمجتمعات الأخرى، وشهد العام حراكاً دؤوباً على صعيد مكافحة هذه الجريمة إذ أصدرت الداخلية اليمنية دليلاً يتضمن صوراً للمطلوبين على ذمة قضايا اختطافات، مطالبة المجتمع بالتآزر مع السلطات الأمنية في ملاحقة المطلوبين والقبض عليهم تمهيداً لتقديمهم للعدالة. في ملف الاختطافات برزت قضية الطفل «العديني.. 12عاماً» والذي كانت قد اختطفته مجموعة تنتمي لقبائل مديرية بني ضبيان بسبب خلافات مع أحد التجار قبل أن يكشف النقاب عن أن الطفل المختطف لايقرب للطرف الثاني «الخامري» بأي صلة قرابة، لكن القضية اتخذت بعداً مختلفاً برفض الخاطفين تسليم الطفل والاستسلام للعدالة لتستمر القضية شهوراً طوال قبل أن تتمكن الداخلية من تحرير الطفل المخطوف وتسليمه من قبل وزير الداخلية شخصياً إلى ذويه. وإذا كانت حوادث الاختطافات التي تقع داخل المدن الرئيسية ويكون ضحاياها أطفالاً أو كباراً لافرق، وصولاً إلى النساء لتكون أشد قسوة وهولاً بما تحدثه من صدمة داخل بلد محافظ كاليمن، وفي هذا الشأن تقدم أحد المواطنين من أمانة العاصمة إلى السلطات الأمنية ببلاغ يفيد فيه قيام أشخاص مجهولين باقتحام منزله والاعتداء عليه ثم اختطاف زوجته معطياً أوصاف السيارة التي كانت تقل أفراد العصابة، ووصلت مناشدة إلى وسائل الإعلام تطالب جهات الاختصاص بالقبض على الجناة! وهناك حوادث اختطافات من نوع آخر باتت تثير قلقاً لدى الجهات الأمنية والمجتمع بعمومه والمتمثلة في اختطاف وتهريب الاطفال النوع القذر من التجارة التي يمارسها مجرمون وقتلة عبر استغلال أطفال في عمر الزهور في امتهان التسول والإهانات الجسدية، القرصنة البحرية تفرض على بلادنا أن تكون حاضرة في صد هجمات إجرامية قادمة من المنافذ البحرية حيث أصبحت اليمن هدفاً أساسياً لهجمات القراصنة الصومال في مياه البحر الأحمر وعلى مقربة من مياهها الاقليمية ومعبر باب المندب المنطقة الاستراتيجية التي تربط الجنوب الأسيوي بالشرق الأفريقي والجنوب الأوروبي.. وتشن وحدات متخصصة في مكافحة القرصنة واختراقات المياه الاقليمية من قوات خفر السواحل هجمات مكثفة لصد عمليات القرصنة في مهام تبدو بالغة الصعوبة من حيث التكلفة والمخاطر هكذا بدت الجريمة بصورتها التي تتهدد السلم والأمن الاجتماعي لليمن أرضاً وإنساناً.