يبدو أن كارثة الزلزال الذي ضرب هاييتي في ال12 من الشهر الحالي وأسفر عن فاجعة إنسانية حقيقية تمثلت في مقتل عشرات الآلاف لدرجة لم تستطع معها فرق الانقاذ دفن الجثث التي اكتظت بها شوارع العاصمة بورابرنس فيما رقم الوفيات مرشح للصعود إلى 200ألف فهناك الكثير والكثير لازالوا تحت الانقاض وتتحدث الأنباء القادمة من هذه الجزيرة عن انهيار كامل للبنية التحتية لهذه الدولة الفقيرة وشبه المستعمرة. نقول إن هذه الفاجعة التي لاتزال تداعياتها المأساوية تتوالى على أسماعنا حتى اللحظة بمثابة نذير شئوم بالنسبة لأبناء محافظة ذمار التي تقع على مساحة 100كم تقريباً إلى الجنوب من العاصمة صنعاء باعتبار أن لهم ذكريات مؤلمة عانوها من زلزال 1982م الذي بلغت قوته حينها 6.5درجات بمقياس ريختر وعلى كل حال وفي الوقت الراهن ماهي إلا ساعات من وقوع زلزال هاييتي حتى تتحول هذه الذكريات إلى مخاوف حقيقية على حياتهم يأتي ذلك إثر تسجيل محطة الرصد الزلزالي التابعة لهيئة رصد دراسة الزلازل والبراكين حشوداً زلزالية متوالية وصفت بأنها خفيفة ودون المتوسطة بلغت أعلى درجة لها 4.3درجات تبعها عدة هزات لم يستشعرها الكثير نظراً لخفتها غير أن أهالي منطقة سامة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة ذمار شعروا بها كون المنطقة مركز تلك الزلازل آخرها هزة وقعت في الساعة العاشرة والربع تقريباً من مساء يوم الأربعاء الموافق ال20من شهر يناير الجاري. غير أن القلق النفسي لشريحة واسعة من أبناء المحافظة لم تقف عند هذا الحد بل توسعت دائرة التوجس أكثر وأعمق بعد شائعة أطلقها أحد الاشخاص الذي وصف بالفلكي اليمني وتكفلت بنشر خزعبلاته حول تنبئه بزلزال مدمر نهاية شهر يناير بضرب منطقة وسط غرب اليمن إحدى الصحف الاهلية كان لها دور في دفع عشرات العوائل من أحياء مختلفة من مدينة ذمار إلى مغادرة منازلهم والمبيت في العراء البعض منهم تحت خيام نصبت لهذا الغرض والذين لم يجدوا فقد فضلوا المكوث في أحواش المنازل مع أسرهم وأطفالهم وبالرغم من نفي مركز الرصد صحة هذه الإشاعة وتأكيده زيف تلك المعلومات كون الزلازل لا يمكن التنبؤ بوقوعها علمياً حتى الآن وها نحن وبعد أن اتضح زيف هذا الكلام لاتزال الخشية قائمة في قلوب بعض الأسر من وقوع هذا الزعم المدمر يعكس ذلك فحوى الأحاديث التي يتداولها الناس في أكثر من مناسبة وموقف. وحول هذا الموضوع الحساس التقينا عدداً من المختصين والمواطنين لنتعرف من خلالهم على أبعاد هذه القضية التي باتت تقض مضاجع أهالي مدينة ذمار وماجاورها. تأثير هايتي يقول عبدالوهاب علاية أمين عام الاتحاد التعاوني الزراعي بمحافظة ذمار: نحن كمسلمين نؤمن إيماناً مطلقاً بقضاء الله وقدره لكن الزلازل الأخيرة التي شعرنا بها والتي جاءت متزامنة مع زلزال هاييتي المدمر وشاهد الناس آثاره المدمرة كان لها وقع على قلوب أبناء مدينة ذمار وماجاورها لذلك لانعتب على هؤلاء الناس خوفهم من الزلازل سيما ولدينا تجربة في هذا المضمار من خلال كارثة زلزال 1982م الذي ضرب مناطق واسعة في المحافظة وخلف الكثير من الضحايا كما أن الإشاعة حول وقوع زلزال وشيك قادم قد يضرب مدينة ذمار زاد من خوف السكان ودفع البعض إلى المبيت في العراء خاصة بعد هزتين قويتين حدثتا في أوقات متفاوتة إحداها في فجر يوم ال17من يناير والثانية مساء يوم الأربعاء وقد لاحظنا عشرات يخرجون من منازلهم مع أطفالهم متدثرين بالبطانيات والفرش ورغم البرد القارس فقد باتوا في الشوارع حتى الصباح. خوف طلاب كلية الطب بجامعة ذمار وحول هذه القضية يؤكد علي محمد السوسوة أمين عام كلية الطب البشري أن تأثير الاشاعة وتداعيات الحشود الزلزالية لم تقتصر على العوام بل امتدت إلى عدد من منتسبي كلية الطب الذين أرادوا مغادرة ذمار حتى لو حرموا من الامتحانات لولا أننا سارعنا إلى التدخل وبينا لهم الحوار الذي لحق باشاعة الفلكي المدعو الزيدي واستطعنا تهدئة نفوسهم واقناعهم وكنا نود من بقية الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني التدخل وخلق وعي تجاه هذه الزلازل الحقيقية التي تعتبر طبيعية في محافظة ذمار باعتبارها منطقة زلزالية كما أن التنبؤ بوقوع الزلازل أمر مستحيل رغم التطور العلمي لكن بعض الباحثين عن الشهرة يلجأون إلى استغلال مثل هذه المواقف الحساسة ويقومون باستعراض قدراتهم وشعوذاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان. الاعلام زاد من خشيتنا علي م.م. ب مواطن بات وأهله في العراء يقول: نحن مع العلم ونصدق ماقاله مركز الرصد الزلزالي لكن عندما نسمع الاخبار في بعض وسائل الاعلام سواء في الاذاعة أو الصحف نجد العجب العجاب فهذا رئيس مركز الرصد الزلزالي يطمئن المواطنين من أنه لا توجد هناك خطورة من هذه الزلازل وفي نفس الوقت نقرأ أن رئيس المركز يهيب بالمواطنين أخذ الحيطة والحذر فكيف نأخذ الحذر لم يفسر ذلك أما أنا فلا خلاص لي وأسرتي إلا بمغادرة المنزل والعيش في العراء. استحالة التنبؤ المستقبلي علمياً بدورنا طرحنا الموضوع على المهندس/جمال شعلان رئيس هيئة رصد ودراسة الزلازل والبراكين الذي أوضح قائلاً: أستغرب تدافع الناس وخروجهم من منازلهم صحيح أن هناك أسباباً على رأسها المشاهد المفجعة التي خلفها زلزال هاييتي إلا أن هذا لايبرر هذه الظاهرة أبداً كما أؤكد أن لاصحة لأية اشاعات تسري بين الناس عن وقوع زلزال لأنه يستحيل علمياً التنبؤ المسبق بالزلازل وأماكن حدوثها حتى لدى الدول المتقدمة وقال: بالفعل لقد سجل المركز حالياً نشاطاً زلزالياً في المنطقة وهو نشاط عادي جداً ولا يثير القلق بأي صورة من الصور ومنطقة ذمار معروف عنها جيولوجياً أنها منطقة نشاط زلزالي مستمر ولا يدعو للهلع خصوصاً وأن هذا النشاط يندرج تحت الخفيف والمتوسط في أسوأ الظروف وبالتالي فإن أفضل حل لتفادي أية أخطار مستقبلية في مثل هذه المنطقة هو تشييد الأبنية وفقاً لمواصفات هندسية مقاومة للزلازل كما يحدث الآن في مختلف دول العالم لاسيما المناطق المشابهة. لصوص يساهمون في نشر الشائعات العميد نجم الدين هراش مدير أمن محافظة ذمار يستغرب مثل هذه الأمور التي تنم عن جهل رغم أننا أصبحنا في زمن العلم والتكنولوجيا فكيف تنطلي عليهم مثل هذه الأكاذيب التي اعتدنا أن يطلقها المتطوعون هنا وهناك؟ وقال: هناك لصوص يساهمون في تسويق هذه الشائعات وترسيخها في أذهان ضعاف النفوس بغرض دفعهم إلى الخروج من منازلهم حتي يخلوا لهم الجو ويستطيعوا ممارسة مهنتهم في سرقة المنازل الخالية. مؤكداً أن الاجهزة الأمنية لن تتهاون في مواجهة مثل هذه الشائعات التي تهدف أيضاً إلى اثارة الرعب في نفوس المواطنين وتجريدهم من الأمن والاستقرار.