النائب البرلماني أحمد القرشي يصف نفسه “بالأكثر حضوراً” من بين أقرانه الخمسة أعضاء مجلس النواب عن محافظة الجوف لأنه والكلام له هنا قريب من قضايا الناس ومتطلبات المحافظة ويلوكها باستمرار تحت أروقة قبة البرلمان، وبصفته أحد أعضاء اللجنة الوطنية الإشرافية لوقف إطلاق النار تعمقنا معه في تفاصيل هذه الجزئية أكثر فأكثر من منطلق أن أهل مكة أدرى بشعابها.الفتنة أججتها هل مشكلة “الحوثية” في الجوف عقائدية صرفة؟ مشكلة الحوثية في محافظة الجوف، ليست عقائدية كما في صعدة ومديرية حرف سفيان بل هي في الأصل حروب ثأرات قبلية، أغلبها موجودة من قبل بروز هذه الفتنة التي أججتها وزادت من وتيرتها، وجعلتها أكثر تعقيداً، وكي تتضح الصورة أكثر، هي بدأت أولاً ما بين الخجر والإشراف، ثم توسعت إلى ذو حسين.. ثم بعد ذلك رأينا النقاط الحوثية في مديريتي الزاهر، والغيل، وهذا التنقل يختلف تدريجياً مع كل حرب كانت تتجدد، والحوثيون استفادوا من ذلك الوضع القائم، وشيء طبيعي أن تكون مهمتهم سهلة لأن الحرب القبلية كانت شبه دائرة، وما زادوا إلا أن صبوا الزيت على النار. عريضة الصلح بصفتكم أحد أعضاء اللجنة الوطنية الإشرافية على وقف إطلاق النار وتنفيذ النقاط الست في محور حرف سفيان، السواد، الجوف حدثونا عن طبيعة مهامكم؟ أنا في الأصل واحد من ثلاثة هم الزميل الشيخ منصور الحنق والشيخ أحمد العقاري، وجميعنا لجنة مصغرة من اللجنة الأم المذكورة في سؤالك ومهامنا لا تتعدى محافظة الجوف. وقد نزلنا ميدانياً وباشرنا مهامنا منذ تكليفنا بهذه المهمة الصعبة، ونحن هنا نتواجد بكثرة في مديرية المطمة قلب الأحداث وبؤرة الصراع الرئيسية في هذه المحافظة، وقد التقينا هناك بجميع من ضحوا وناضلوا إلى جانب الدولة، واستمعنا إلى مطالبهم، وحسن نواياهم، وإخلاصهم وتفانيهم في خدمة هذا الوطن المعطاء، والتفاني من أجل التضحية في سبيله..كما تم التواصل مع الأطراف الأخرى، وتمت صياغة عريضة الصلح، والتقريب بين أطراف الصراع من أجل نشر الأمن والاطمئنان والسلام الذي هو أصلاً أساس تنمية واستقرار الشعوب. شركاء في الحرمان غالبية زملائك في ذات اللجنة يصرون على أن أبناء الجوف يتحملون مسئولية التدهور الأمني والتنموي الذي تعيشه المحافظة؟ الجوف هي المحافظة المنكوبة منكوبة اقتصادياً وتنموياً وأمنياً وثقافياً وفي كل المجالات، والدولة بكل مؤسساتها تتحمل مسئولية ذلك، ولا أعفي المواطن من ذلك فالجميع شركاء في الحرمان وفي الجهل وأنا متأكد كل التأكد أن هناك عناصر مريضة وقوى كبيرة، في داخل الجوف وخارجها، لا تريد لهذه المحافظة أن تستقر وأن تتطور، وأن يبقى أبناؤها عرضة للجهل، ينقادون بكل سهولة لأي تعبئة خاطئة تعترضهم ويتعصبون لها ويضرون أنفسهم ولا يلتفتون إلى مصالحهم. شيء ضروري كعضو في البرلمان ما هو دورك وأعضاء مجلس النواب من ذات المحافظة في مناقشة مثل هذه القضايا الملحة تحت قبة البرلمان؟ أصدقك القول بأن اليد الواحدة لاتصفق ولو كان أعضاء مجلس النواب عن المحافظة الخمسة، يتواجدون، لكان الصوت أقوى، ولكن بعضهم للأسف الشديد لم يدخلوا بوابة المجلس، ولا يعرفون حتى ما يدور فيه، أو في مناطقهم التي أوصلتهم إليه. وأنا كثيراً ما أتألم لحال هذه المحافظة المنسية وأسعى جاهداً لإخراجها من هذا الحرمان خاصة عندما أقارنها بباقي محافظات الجمهورية حيث المشاريع العملاقة من طرقات وسدود وغير ذلك الكثير.. وهنا أقول بصدق وأعيد ما لمحت إليه آنفاً أن تكاتف المواطن مع الحكومة شيء ضروري والدولة لم تبخل على محافظة الجوف خاصة في الجانب الزراعي وأنزلت مشاريع ومعدات ولكنها للأسف الشديد تسلم لشخصيات اجتماعية ومشايخ كبار، والمواطن من كل ذلك محروم. عشر سنوات بعد هذا الكم المؤلم من القصور الهائل من أبناء المحافظة أولاً، ومن الجهات المعنية ثانياً باعتقادكم أين يكمن الحل؟ الحل يتمثل بأن تصل الدولة بعدتها وعتادها من أجل النهوض بمحافظة الجوف تنموياً واقتصادياً، والاستفادة من مواردها التي لم تستغل حتى الآن، وإذا وصلت المشاريع من كهرباء وماء وطرقات، فسيترك “القبيلي” بندقيته وسيتجه نحو المدنية، بانسجام مُطلق مع متطلبات العصر، بل سنراه غداً يعمل لنفسه مشروعاً صغيراً يعتاش منه ويقضي من خلاله عل الفراغ القاتل. ومشكلة الجوف كما هي تنموية هي أيضاً مشكلة أمنية والحل الأهم الذي لا يمكن التهاون فيه، خاصة وأن الجوف من أكثر محافظات الجمهورية مساحة بعد محافظتي حضرموت والمهرة، وهي منطقة حدودية تتطلب الكثير من الاهتمام في هذا السياق. والشيء الأهم والمتصل بما سبق أن المتأمل أو الزائر لمحافظة الجوف يجد أن الأمن ورجال الأمن، لا يتعدون مدينة الحزم عاصمة المحافظة وبسبب هذه الاختلالات وعدم الانتشار الأمني، صارت هذه المحافظة البكر مرتعاً خصباً لناهبي الآثار وتجار المخدرات، ولو توفرت التنمية الشاملة المصحوبة بالأمن والاستقرار لكانت الجوف عصية على أي دخيل وعميل. وهذا كله لن يتحقق إلا إذا توفرت الكوادر الكفوءه سواء من قيادة السلطة المحلية والوكلاء ومدراء العموم ومدراء المديريات، الذين لا يكتفون برفع التقارير المضللة بأن كل شيء تمام، ووجود الكادر المتخصص والمؤهل صاحب النية الصادقة في بناء هذا الوطن شيء ضروري من أجل الرقي والتقدم، وهنا أجزم بصدق: لو توفرت النية الصادقة وفق هذه المتطلبات، فعشر سنوات من الزمن كفيلة بأن نرى هذه المحافظة وقد تحقق فيها الشيء الكثير.