هي مجموعة قصص وحكايات يحكيها شيخ علماء اليمن القاضي الفقيه محمد بن إسماعيل العمراني أعدها وحققها الدكتور محمد عبدالرحمن غنيم. العنوان لكتاب أدبي مشوق ولطيف من تراثنا الأدبي العربي.. “الجمهورية” تنشر مجموعة القصص والحكايات التي حواها الكتاب لتعميم الفائدة والمتعة للقارئ. يحكي القاضي محمد حفظه الله: أن رجلاً وقف في أحد مساجد صنعاء، وتكلم بحرقة بأنه قد مات له ميت، وأنه لا يجد ما يكفنه به، ونادى في الناس بصوت باكٍ: هل يرضيكم أن نترك الميت هكذا حتى يجيف؟ وتأثر الناس بهذا، وأقبلوا عليه ليعطوه، ولكن فجأة نادى فيهم أحد المصلين: لا تعطوه شيئاً، وأنا مساعد إن كان هناك ميت حقيقية أن أدفع من ألف إلى عشرة، بشرط أن أشاهد هذا الميت، لأنني رأيت هذا الرجل يقول هذا الكلام في مسجد آخر من يومين أو ثلاثة، فأنكر السائل، وقال: تفضل معي لأريك الميت، فقال الرجل: باسم الله، هيا وذهب ليلبس جوربه ويأخذ حذاءه، فانتهز السائل الكذاب هذه الفرصة، وفرّ هارباً يلتمس النّجاة!! قلت: وهذه القصة تذكرني بما حكاه المؤرخ زبارة في “نيل الوطر” “228” في ترجمة الفقيه الأديب أحمد محمد العلفي، قال زبارة: “وله مع وزراء المنصور على قضية مشهورة كان قد أفلس، فعرض بحاجته لهم، فلم ينل شيئاً منهم، فأمسى ليلة بأشد ما لقي، وكتب إلى كل واحد منهم أن ولدي محمداً قد مات، ولا أجد ما أكفنه به، فاحضروا دفنه، فبعث إليه كل واحد منهم بكفن ومال، وأصبحوا يتواردون إلى المسجد الجامع بالروضة، فلما أصبح قيل له: إن وزراء الإمام وأعيان الدولة بالجامع ينتظرونك للجنازة، فخرج إليهم وهم يضحك، واعتذر بأن ولده أصابه بلغم وأقاله الله، فعلموا أنه خدعهم، وما زالوا يضحكون، وما زالت القالة شهراً من تلك الحالة” أ.ه. ومما يُناسب ذلك: ما حُكي “1” أن أبا دلامة الشاعر “2” دخل على الخليفة العباسي المهدي “3” يوماً فسلم عليه، ثم قعد وأرخى عيونه بالبكاء، فقال له المهدي: ما لك؟ أبو دلامة: ماتت أم دلامة، فقال: إن لله وإنا إليه راجعون، ودخلته رقة لما رأى من جزعه، فقال له: عظم الله أجرك يا أبا دلامة، وأمر له بألف درهم، وقال له: استعن بها في مصيبتك، فأخذها ودعا له وانصرف، فلما دخل إلى منزله لأم دلامة: أذهبي فستأذني على الخيزران جارية المهدي، فإذا دخلت عليها فتباكي وقولي: مات أبو دلامة، فمضت واستأذنت على الخيزران، فأذنت لها، فلما أطمئنت أرسلت عينها بالبكاء، فقالت لها: ما لك؟ قالت: مات أبو دلامة، قالت: إن لله وإنا إليه راجعون، عظم الله أجرك وتوجعت لها وأمرت لها بألفي درهم ، فدعت لها وانصرفت، فلم يلبث المهدي أن دخل على الخيزران، فقالت: سيدي، أما علمت أن أبا دلامة مات! قال: لا يا حبيبتي إنما هي امرأته أم دلامة، قالت: لا والله إنه أبو دلامة، فقال: سبحانه الله! خرج من عندي ساعة، فقالت: وخرجت من عندي الساعة! وأخبرته بخبرها وبكائها، فضحك وتعجب من حيلهما.