قال علماء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) أنهم تمكنوا من إحداث تصادمات بين جسيمات دون ذرية بطاقة قياسية يوم الثلاثاء بغية محاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون منذ 13.7 مليار عام. وسط تحذيرات علماء من خارج التجربة “بأن ثقوبا سوداء صغيرة قد تنجم عن التجربة. وربما التهمت هذه الثقوب كوكب الأرض إن عاجلا أو آجلا”.. وهذه المادة المعتمة (الثقوب السوداء) غير معروفة من حيث التكوين والطبيعة ولا يمكن رصدها لأنها لا تعكس الضوء أو أي موجات كهرومغناطيسية بل تلتهمها. ويعتقد أنها تتكون من جسيمات لا يمكن قياسها بالإمكانات العلمية الحالية، أو أنها تقع في أبعاد أخرى غير الأبعاد الأربعة المعروفة في الفيزياء الكلاسيكية وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن. وقال عالم الفيزياء الألماني “اوليفر بوخمولر” أحد كبار المسؤولين عن التجربة: “أنه بحلول نهاية 2010 نعتقد أننا سنتوصل إلى أدلة تؤكد وجود المادة المعتمة وماهيتها”. ويركز العلماء في تجاربهم المستفيضة على التعرف على كيفية نشوء المادة وما يعرف بمضاد المادة وما إذا كان هناك وجود لما يعرف نظريا باسم “بوزون هيجز” وهو جسيم افتراضي قال عالم الفيزياء الاسكتلندي “بيتر هيجز” قبل ثلاثة عقود من الزمن أنه يساعد على التحام المكونات الأولية للمادة ويكسبها تماسكها وكتلتها. علما أن جميع المحاولات السابقة قد فشلت في فك شفرة جسيم “بوزون”. وكانت التجربة الأخيرة تأجلت لعدة ساعات بسبب خلل فني في مصدر إمدادات الطاقة وفي نظام للامان المغناطيسي الفائق الحساسية. وأدى هذا إلى تعليق العلماء تجارب تصادم الجسيمات. وفي التجربة الأخيرة ظهرت مشاكل مع سريان حزمتي الجسيمات في قلب المصادم في وقت مبكر من صباح يوم التجربة (الثلاثاء 30 مارس 2010). علما أن حادثا كبيرا وقع في سبتمبر 2008 أجل إطلاق المشروع بصورته الكاملة. وأجريت التجربة على عمق مئة متر تحت الأرض في منطقة الحدود السويسرية الفرنسية المشتركة قرب جنيف. وتضمنت التجربة (تعد أضخم وأخطر تجربة علمية في العالم حتى الآن) إحداث تصادم بين حزمتي جسيمات من البروتونات تسيران في اتجاهين متقابلين في مسار بيضاوي داخل نفق طول محيطه 27 كيلومترا في مصادم هيدرونات ضخم، وبكم طاقة يصل إلى 3.5 تريليون إلكترون فولت في الاتجاه الواحد. ويعكف آلاف من العلماء في شتى أرجاء العالم خلال الأشهر والسنوات القادمة على رصد وتحليل الكم الهائل من المعلومات المستقاة من التجربة وذلك عبر شبكة كمبيوتر لإماطة اللثام عن طلاسم كونية منها منشأ النجوم والكواكب والمجرات وماهية المادة المعتمة غير المرئية.