تحدثنا في حلقات سابقة من هذه السلسلةحول قضايا كثيرة مرتبطة بصناعة الشخصية الايجابية والتي سميناها في حلقة الاسبوع الماضي بالشخصية المغناطيسية والتي تعتبر هدفاً رئيسياً من الاهداف التي تسعى الى تحقيقها الهندسة النفسية..ومن هذه القضايا مظاهر ضعف الذات عند الافراد واهمية توكيد الذات وتعزيزها باستخدام الاساليب العلمية المختلفة في سبيل الوصول الى شخصية قادرة على تحقيق اهدافها.. وللوصول الى الشخصية الايجابية المنشودة يجب ان نتعرف على اهم مظاهر هذه الشخصية وهو التفكير الايجابي.. وفي هذه الحلقة -والتي اكتبها لاول مرة من خارج الوطن – سنركز الحديث عن التفكير الايجابي وثماره بعد التعرف على التفكير السلبي وانماطه واساليب التخلص منه. أنواع التفكير - التفكير الواقعي: يقوم على الخبرات الحسية المباشرة، أو على الصورة العقلية التي يزودنا بها الإدراك الحسي، ويرتبط هذا التفكير بالواقع، ويحاول تغييره أو التوافق معه. - التفكير الخيالي: فهو لا يكاد يلمس الأرض، وليس هناك أي اعتبار للإمكانيات، وحتى لا يتهم صاحبه هل يمكن تحقيقه أم لا؟ إن قمة اللذة والشعور بالسعادة هي مجرد الحلم؛ لأن الأحلام هي نوع من استبدال ما يجب أن يحدث بما يتمنى أن يحدث دون بذل مجهود. - والتفكير الإيجابي: يقوم على دراسة الأسباب ووضع الحلول الممكنة في ضوء الإمكانيات مع وضع أكثر من بديل. - التفكير السلبي: فهو الهروب!! وهو طريق إلى اليأس يبدأ بحماس زائد يمنع عن الدراسة الجيدة وينتهي بتهافت وسقوط مزر. - والتفكير المتزن: يقول كارنيجي عنه: إن التفكير المتزن يفترق عن التفكير الأحمق في نقطة أساسية لا يمكن عدم ملاحظتها، وهي أن الأول يعالج الأسباب والنتائج، ويؤدي بفضل تلك المعالجة إلى وضع خطة منطقية بناءة عند المفكر. - وأما الأحمق: فيتسم بالتوتر وعدم الرؤية، ويفضي إلى الانهيار العصبي وهو أولى درجات الإخفاق والفشل.. والآن اي نوع من التفكير يقود تصرفاتك؟! الإنسان كما تفيد الدراسات يتحدث مع نفسه يومياً بحدود (5000) كلمة وتفيد الدراسات أيضاً أن 80 % منها تكون سلبية !! ( تخويف، تشاؤم، قلق، تردد، حزن ).. لذا نجد أن الإنسان (السلبي طبعاً ) كلما كبر في السن كلما ازداد هماً وقلقاً وذلك لانه كل يوم يزداد سلبية أكثر.. في البداية لنتعرف على بعض انماط التفكير السلبي: - التعميم الزائد: ترى حالة سلبية واحدة مثل الفشل العاطفي أو الفشل في العمل كفشل لا ينتهي فيكثر استخدام كلمات مثل “دائما” أو “أبدا” عند التفكير في هذا الأمر. - التصفية الذهنية: تختار سلبية صغيرة وتتعمق فيها بشكل كبير لدرجة أن نظرتك لجميع الحقائق تصبح مظلمة مثل تلوين نقطة الحبر لكمية الماء. - تهميش الايجابيات: ترفض الخبرات الإيجابية بإصرار على أنها “ لا تعد بشيء” إذا عملت عملا جيدا.. فانك تحدث نفسك بأن هذا العمل غير جيد بدرجة كافية أو أن هذا العمل يمكن انجازه بواسطة أي شخص فتهميش الايجابيات يسلب الحياة متعتها ويجعلك تشعر بعدم الملاءمة والفائدة .. - القفز إلى الاستنتاجات: تفسر الأشياء بسلبية بدون أن يكون هناك أي حقائق تدعم هذا الاستنتاج أو التفسير. - قراءة الأفكار : بدون تحقق تستنتج بعشوائية أن تصرف أي شخص ما هو سلبي . - العرافة : التنبؤ أن الأمور ستنتهي بشكل سيئ قبل أي امتحان. - المبالغة: عندما تبالغ في أهمية مشاكلك وعيوبك أو تقلل من أهمية صفاتك الجيدة أو المرغوبة ويطلق على هذه الحالة الخدعة المجهرية . - الاستنتاج (التعليل)العاطفي: تجنب الإحساس السلبي لأنه يعكس حقيقة الأمور.. أحس برعب من ركوب الطائرة .. لابد أن الطيران خطر. - اللوم: يحدث عندما ترمي المسئولية الكاملة على نفسك أو الآخرين لأن اللوم عادة غير مجدٍ لأن الآخرين يرفضون أن يكونوا كبش الفداء وسيرجعون إليك اللوم مره أخرى. كيف نتخلص من التفكير السلبي؟ - كن واعياً للفكرة: بمعنى أن نتنبّه عندما تأتينا الفكرة السلبية نعرف أنها فكرة سلبية ، وعلامتها : انها تخفض مستوى طاقتك وحيويتك وتجعلك تشعر بالقلق والتعاسة.. معرفتك للفكرة يحاصر تفاعلك الوجداني معها وبالتالي يقلل من التفاعل السلوكي معها .. لأن الفكرة أصبحت في حسّك انها فكرة سلبيّة . - شتت فكرك: فعندما تداهمك فكرة سلبيّة .. لا تسترسل مع أحداثها بل شتت فكرك بالانشغال بأي عمل ذهني أوحركي كالقيام بممارسة الرياضة مثلاً أو الكتابة أو الطبخ أو ترتيب غرفتك أو القراءة في قصّة أو كتاب.. المهم أن تشتت فكرك ولا تسترسل مع الفكرة السلبيّة . - استعذ بالله من الشيطان الرجيم: فكلما راودتك فكرة سلبية أكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، فإن الشيطان حريص على أن يصيب المؤمن والمؤمنة بالهمّ والغمّ والتحزين . سواءً بما يلقيه في روعه من افكار أو ما يلقيه عليه من الرؤى والمنامات.. جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : “ فالرؤيا الصالحة بشرى من الله عز وجل والرؤيا تحزين من الشيطان والرؤيا من الشيء يحدث به الإنسان نفسه “ . - افزع مباشرة إلى الصلاة: فإن في الصلاة أنساً بالله وقربا منه واطمئناناً إليه ومناجاة له.. والإنسان الذي يصلّي وهو يستشعر أنه في صلاته يناجي الله جل وتعالى ويبثّ إليه همومه وشكواه فإن ذلك يساعده على حسن الظن بالله وتقوية الصلة به.. ومن لم يستطع الصلاة لعذر أو مانع - كما يقع للمرأة من الأعذار - فعليها أن تفزع للدعاء . - لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله: فإن ذكر الله مما يطرد وسوسة الشيطان ، ويكون شغلاً للعبد في التفكّر بمعاني ذكر الله. كن ذاكراً لله لاسيما الاستغفار . فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية “ .. والاستغفار النافع هو الذي يستحضر فيه المرء قلبه ويتأمّل في معانيه ويرجو اثره وعاقبته من الله . وأيضاً : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. فإذا راودتك فكرة سلبيّة فصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم.. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تذكّرك بأعظم إنسان وأطهر البشر وأحب الخلق إليك.. وعند ذكر الحبيب لا يبقى للأفكار السلبية مكان..عن أبي بن كعب قال : قلت : يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ فقال : “ ما شئت “ قلت : الربع ؟ قال : “ ما شئت فإن زدت فهو خير لك “ . قلت : النصف ؟ قال : “ ما شئت فإن زدت فهو خير لك “ قلت : فالثلثين ؟ قال : “ ما شئت فإن زدت فهو خير لك “ قلت : اجعل لك صلاتي كلها؟ قال : “ إذاً يكفي همك ويكفر لك ذنبك. - مارس شيئا إيجابيّاً: لا تكن فارغاً.. الفراغ يفتح باباً للتفكير غير السويّ.. لا تكن فارغاً أبداً.. فإن لم يكن وقت نومك .. فاحرص على أن تعمل شيئا إيجابيّاً.. وليكن هذاالعمل عملاً جديداً لم تألف على عمله.. فعندما يكون العمل مميّزاً وجديداً فإن ذلك يمنحك شعوراً بالرضا والثبات ..مثلاً .. اختم سورة أو حزباً أو جزءاً، تصدّق .. عد مريضاً.. اصنع معروفاً .. اكتب مقالة . - فضفض ولا تكتم: اختر صديقاً ثقة أميناً ناصحاً ، وفضفض له ما بداخلك من الأفكار ، أن تشارك غيرك في أفكارك وهمومك فذلك يخفّف عنك كثيراً من أن تسترسل مع الأفكار السلبية ، لاسيما لو كان الصديق ثقة ناصحاً فإنه سيعينك على تجاوز هذه الأفكار.. ولابد من شكوى إلى ذي مروءة : يواسيك أو يسليك أو يتوجّع ! - ليس لك ولا عليك إلاّ ما عملت: فإن سعادة الإنسان مرهونة بعمله ، وشقاؤه وتعاسته مرهون بعمله.. فالتفكير هل سأكون سعيداً أم تعيساً لا يعطيك وجه الحقيقة . الذي يعطيك وجه الحقيقة هو ( العمل الذي أنت عليه ) فإن كنت على طاعة واستقامة وإنجاز لأعمالك بلا كسل فأنت على سعادة مهما راودتك الأفكار.. اجعل العمل هو المقياس .. ولا تجعل التخمين هو المقياس! - لا تجلد ذاتك: عندما تعي أن الفكرة التي تفكّر بها هي فكرة سلبيّة فلا تلم نفسك عليها ، وإنما حفّز نفسك على أنك استطعت أن تضبط الفكرة وتقبض عليها قبل أن تتوغّل في بنيّات افكارك.. عندما يتهكّم بك الآخرون أو يسخرون منك لا تبرر ذلك بضعفك ، وتقول لأني ضعيف يتهكّمون بي!.. أو لأني أنثى فهم يسخرون منّي.. تناقش معهم واطلب منهم ان يتوقفوا عن ذلك .. - امنح نفسك فرصة للاسترخاء والمرح: عندما تشعر بالقلق أو الاكتئاب .. مارس شيئا مرحاً مع نفسك أو مع غيرك.. غيّر مكان جلوسك.. اخرج في نزهة.. غيّر ما حولك ، كأن تقوم بتغيير ترتيب غرفتك أو مكتبك.. مارس الرسم أو الكتابة.. العب مع الأطفال حولك .. مارس الاسترخاء.. المهم ان تمارس شيئا مرحاً أو يضفي عليك جوّا من المرح والشعور بالاسترخاء . خبير تدريب واستشاري اداري وأسري [email protected]