ما زال هناك جدل كبير حول قانون الصحافة المقدم من قبل الحكومة إلى مجلس الشورى والذي ترفضه نقابة الصحفيين بشدة باعتباره يقيد الحريات حسب وصفها ،و يرى في الوقت ذاته العديد من أعضاء مجلس الشورى بأن المشروع مازال بحاجة ماسة لدراسة دقيقة أو تأجيل مناقشته في الوقت الراهن بسبب المماحكات السياسية.الموجودة بين السلطة والمعارضة ..في خضم هذا الجدل نظم ملتقى الرقي والتقدم ندوة موسعة على مدى يومي الأحد والاثنين الماضيين تحت عنوان (مستقبل الصحافة والإعلام في اليمن)قدم خلالها مشروع قانون جديد لتنظيم عمل الصحافة المكتوبة و المرئية و المسموعة في اليمن والذي على ما يبدو شكل توافقا بين القوانين المقدمة من الحكومة ومن النقابة حيث اقترح تشكيل هيئة مستقلة قائمة بذاتها يكون مقرها بالعاصمة صنعاء وتتمتع بالشخصية الاعتبارية للإشراف على عمل مختلف وسائل الإعلام تحت مسمى المجلس الأعلى للصحافة والإعلام . كما اقترح المشروع أيضا أن تقوم الهيئة العليا أو المجلس الأعلى لشئون الصحافة والإعلام بما يحقق حريتهما واستقلالهما وقيامهما بممارسة مهامهما في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ، باعتباره “ سلطة وسيطة للطعون يتم فيه مراجعة قرارات التراخيص الصحفية والإعلامية بهدف تحقيق الحرية والاستقلالية الصحفية والإعلامية “. و حدد مشروع قانون الصحافة والإعلام المكون من (105) مواد موزعة على أربعة أبواب و الذي نوقش في الندوة كان بهدف الخروج من شرنقة التشريعات الصحفية والإعلامية المتخلفة عن العصر مهام يختص المجلس الأعلى للصحافة والإعلام بالعمل على دعم الصحافة والإعلام وتنميتها وتطويرها بما يتواكب مع التطورات الراهنة في صناعة الصحافة والإعلام في العالم من خلال تشجيع البحث والتطوير في مجالات هذه الصناعة وتحسين أوضاع المؤسسات الإعلامية في كل نواحي العمل الصحفي والإعلامي بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الأكاديمية المتخصصة الفنية المحلية والعالمية ومن خلال إنشاء مركز للبحوث ومركز للمعلومات.إضافة إلى التعاون مع المجالس والهيئات المماثلة في العالم وتبادل الخبرات والتجارب في الأمور التي تدخل في اختصاص المجلس.وترشيح رؤساء مجالس إدارة المؤسسات الإعلامية والصحفية العامة. كما حدد مشروع القانون مهام المجلس بمراقبة وتقييم الأداء المهني والصحفي والإعلامي للمؤسسات الإعلامية والصحفية واتّخاذ كل التدابير اللازمة المتوفرة لضمان حسن الأداء وفقا للقانون . حيث أثري مشروع القانون بالعديد من المناقشات والملاحظات الهامة للعديد من رجال الفكر والإعلام والصحافة والقانونيين الجمهورية رصدت في الأسطر التالية أهم الملاحظات والمداخلات والنقاشات على مشروع القانون الذي رحب به المشاركون. تعديلات عديدة يحيى محمد عبدالله صالح رئيس ملتقى الرقي والتقدم أكد بأن الهدف الرئيسي من عقد هذه الندوة هو الخروج من شرنفة التشريعات الصحافية والإعلامية المتخلفة عن العصر والمشاريع الموازية لها التي لا شك بأنها تثير قلقا عاما لدى مختلف الأوساط اليمنية المستنيرة وقال لذلك عندما نتحدث عن حرية الصحافة واستقلال وسائل الإعلام وتعدديتها وتحويلها إلى مؤسسات منافسة غير محتكرة لفئة أو حزب أو جماعة أو مصنفة لمصلحة اتجاه سياسي أو اقتصادي أو فكري فإننا نتحدث عن تحديات حقيقية علينا جميعا أن نتضامن لمواجهتها والتصدي لها من خلال المبادرات الخلاقة والاجتهاد في تقديم البدائل الموائمة للواقع المعاصر ،برؤى مستنيرة تتجاوز الحاضر إلى المستقبل وتتوافق وروح الدستور والنظام الديمقراطي ومع المواثيق الدولية والإقليمية الخاصة بحرية الصحافة واستقلال وسائل الإعلام وتعدديتها بالتالي ، مؤكدا بأن القوانين التي قدمها ملتقى الرقي والتقدم كقانون النشيد الوطني الذي صدر فيما بعد وقانون الآثار وأيضا قانون العلم الوطني المعروضين حاليا على مجلس النواب قد تم تعديلها بنسبة تصل إلى حوالي 60 % من خلال النقاشات الجادة والمداخلات المثمرة في الندوات التي أقيمت بذات الخصوص ،لذلك قانون الصحافة المقدم من الملتقى سيخضع أيضاً لتعديلات عديدة من خلال المناقشات التي أثيرت في هذه الندوة. الضمير الصحفي الدكتور أحمد الأصبحي عضو مجلس الشورى قال بأن مناقشة قانون الصحافة من القوانين التي أوسعت نقاشا على مختلف المستويات ولفترات طويلة ومتقطعة وللجميع سابق خبرة في الحوارات المتعلقة بذات الموضوع ,وهو الأمر الذي يعكس المشاركة في صنع القرار وأقوى القوانين هي تلك القوانين التي تأخذ وقتها من النقاشات والحوارات ،وقال الدكتور الأصبحي بأن مشروع الصحافة نوقش في مجلس الشورى من قبل لجان متخصصة وموسعة وبمشاركة أحزاب السلطة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني ونقابة الصحفيين،كما نوقش مؤخرا في مجلس الشورى بحضور الكثير من الجهات ذات العلاقة، وحاليا في ملتقى الرقي والتقدم والذي قدم مشروعا بجهود كبيرة تضاف إلى الجهود السابقة ،وقال لكن قوة القانون الصحفي الذي سيستقر عليه تعود إلى ما يستقر في ضمير الصحفي ونبع من الذات والمنفذ لمضمونه بروح وطنية تتماهى فيها قدرة الصحفي بالوطني. مشروع جيد أما عبدالرزاق الهجري عضو مجلس النواب فقد أعلن رفضه إنشاء محكمة الصحافة الخاصة لأن حرية الرأي والتعبير حدودها السماء،وقال من الطبيعي بأننا سنرفض تفتيش الضمائر أو أي عقوبات جائرة يتعرض لها أي صحفي بسبب آرائه أو ممارسة أية ضغوط عليه بقصد إثنائه عن أداء دوره المهني ورسالته الإعلامية في خدمة مجتمعه و التعبير عن قضايا أمته ووطنه. وقال عند ارتكاب الصحفي لأي مخالفة قانونية يجب أن يخضع إلى محاكمة عادية كأي مواطن باعتباره مواطناً يمنياً ولا يحتاج الأمر إلى محاكم خاصة ، مرحبا في الوقت ذاته بالمشروع المقدم من ملتقى الرقي والتقدم بعد إدخال بعض التعديلات التي ذكرها العديد من الإعلاميين والقانونيين ،وقال بأن هذا المشروع جيد لاسيما فكرة إنشاء مجلس أعلى للصحافة والإعلام ،مشددا على ضرورة إعادة صياغة بعض المواد لاسيما تلك المواد المتعلقة بمحظورات النشر لتتلاءم مع الثوابت الوطنية ومع المواثيق الدولية ومع التوجيهات الكريمة لفخامة الأخ رئيس الجمهورية بمنع حبس الصحفي بسبب رأيه وأيضا حتى لا تترك فرصة للتأويل والتفسير . يجب ملائمته مع الواقع: فتحية عبد الواسع وكيل أمانة العاصمة للشئون القانونية انتقدت بشدة القانون المقدم من الملتقى وقالت بأن مشروع القانون حول وزارة الإعلام إلى سكرتارية للمؤسسات الإعلامية رغم أنها مؤسسة من مؤسسات الدولة وقالت بأنه بحاجة إلى تعديل معظم مواده ليتلاءم مع واقعنا الحاضر ومع القوانين الموجودة وأثنت في الوقت ذاته على مشروع القانون المقدم من قبل وزارة الإعلام وعلى دور وزارة الإعلام المنظم لعمل المؤسسات الإعلامية حسب قولها . نقابة بدون قانون كما تحدث الأستاذ واثق شاذلي نقيب الصحفيين السابق بفرع عدن الذي أشاد في بداية حديثه بالأجواء الديمقراطية التي يتم من خلالها مناقشة قضايا الحرية والتعبير عن الرأي وما إلى ذلك بشفافية تامة والتي لا شك بأن ذلك يضاف لمنجزات الوحدة اليمنية المباركة ، حيث لم يكن في وسع أي إنسان أن يتحدث بكل حرية وشفافية مطلقة رغم وجود السلطة والأمن وما إلى ذلك ،وقال وبالنسبة للقانون نحن الصحفيين مايهمنا هو التركيز على العمل النقابي خاصة أن النقابة قائمة بدون قانون وإنما على العشوائية،وأضاف قائلا بأن النقابة أهدرت الكثير من حقوقها حسب وصفه بسبب دخولها في المماحكات السياسية وتركت العمل المهني لذلك لها أكثر من ثلاثين عاما وكل انجازاتها عبارة عن وعود متكررة إضافة إلى البيانات التي تصدرها ،وقال شاذلي نأمل أن يكون هناك قانون يحمي الصحفي ليس من عقوبة السجن فحسب ,إنما أيضاً يحفظ له كرامته ويحميه من التسول،خاصة أن هناك العديد من الكوادر التي تقاعدت وأصبحت في حالة يرثى لها بالرغم أنها قدمت عمرها في سبيل الكلمة الحرة والصادقة والإعلام في مختلف بلاد العالم لا يتقاعد ،مختتما حديثه بالتأكيد على أهمية إضافة بعض المواد التي تكفل للصحفي حقوقه لعيش حياة كريمة وليس كما هو حاصل اليوم. نقابة غائبة الأستاذ عبدالرحمن بجاش مدير تحرير صحيفة الثورة أيضا ركز خلال حديثه على أهمية الاهتمام بالصحفي وتساءل قائلا:أين الصحفي من كل هذه القوانين المقدمة ، لأن الصحفي اليوم في وضع لا يحسد عليه على الإطلاق ،هناك العديد من الزملاء يبحثون عن قيمة العلاج والبعض يبحث عن المعاش التقاعدي وما إلى ذلك من الإشكاليات ،وقال: ملتقى الرقي والتقدم بذل جهودا كبيرة في الاعداد لمشروع هذا القانون لكن للأسف أين القانون المقدم من النقابة؟ ولماذا لا تدافع عن قانونها؟ وقال: النقابة دائما غائبة والسبب أننا ندخلها بحزبيتنا وليس بمهنيتنا لذلك لا تنتهج في مختلف أعمالها الأسلوب العلمي لهذا نلاحظ أن كل عملها عشوائي ،مضيفا بأن من واجب النقابة أن تحاسب أي صحفي قبل أن يحاسبه القضاء ، مؤكدا في ختام حديثه أهمية دراسة مختلف مشاريع القوانين بعناية فائقة حتى لا يخرج لنا قانون للصحافة بشكل مشوه قانون يبحث عن وضع الصحفي قبل أن يحاسبه على رأيه ،قانون لا يضع العربة قبل الحصان. النقيبان السابقان لنقابة الصحفيين اليمنيين الأستاذ محبوب علي والأستاذ عبدالباري طاهر شددا من جهتهما على أهمية تطور المؤسسات الإعلامية وذلك من خلال إدخال مواد في القانون ينص صراحة على تحويلها إلى مؤسسات عامة ربحية وخلق تنافس فيما بينها من خلال تحويلها إلى مؤسسات ذات أسهم يكون 49 %من الأسهم خاص للاكتتاب العام ويكون لموظفيها الأولوية في ملكية هذه الأسهم والباقي خاصاً بالدولة ،خاصة أن هذه المؤسسات بقالب صحفي واحد وليس بينها أي تنافس،لذلك تحويلها إلى مؤسسات عامة سيحتم عليها تطوير ذاتها كما أكد النقيبان السابقان بأن مشروع هذا القانون بعد إدخال التعديلات المطروحة سيتوافق مع متطلبات العصر وسيؤسس لرؤية تشريعية للأجيال القادمة تقترن فيها الحرية بالمسؤولية و تتجاوز القيود و النصوص العقابية و المحاذير غير المواكبة للعصر في التشريعات الصحافية والإعلامية النافذة وكذا في المشاريع المماثلة المعدة من قبل أكثر من جهة بما في ذلك إلغاء عقوبة حبس الصحافي و العقوبات المتعددة في القوانين الأخرى ذات الصلة بقضايا النشر وحرية التعبير.وشدد عبدالباري طاهر على أهمية إعادة صياغة المواد الخاصة بمحظورات النشر خاصة أن الخبر الصحفي الكاذب يجب أن يرد عليه بالخبر الصحيح وليس بالعقوبات والحبس وما إلى ذلك.