رحبت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني بالقرار الرئاسي القاضي بالإفراج عن المحتجزين على ذمة الأحداث التي شهدتها بعض المحافظات الجنوبية، وحرب صعدة، وكذا الصحفيين على ذمة قضايا الرأي مع إغلاق ملفات الدعاوى المرفوعة ضد عدد من الصحف, معتبرة ذلك خطوة نحو إجراء الحوار الوطني الشامل وفقاً لاتفاق فبراير2009 م. وأعلنت اللجنة في البيان الختامي الصادر أمس لأعمال دورتها الاعتيادية الثامنة - المنعقدة بصنعاء يومي 25 و26 مايو- تأييدها أية مساعٍ مخلصة تهدف إلى إقامة حوار وطني شامل تشارك فيه كافة الأطراف المعنية بالمشكلات القائمة في البلاد بدون استثناء، في الداخل والخارج، والعمل من أجل توفير آليات فعالة لهذا الحوار، وضمانات داخلية وخارجية لدعم توصله إلى نتائج ناجحة. وأكدت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني أنه بات من الضروري أن تلتفت كافة القوى السياسية والاجتماعية إلى مسؤولياتها لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالوطن وحفظ البلد من الضياع والتشرذم .. مشددة على أن تحقيق ذلك يرتكز على الإقرار بالحوار خياراً لا حيدة عنه في معالجة الأزمات والمشاكل والبحث عن الصيغ التي تحقق تكاتف الجميع في مواجهتها، وقبل ذلك الإقرار بوجود المشكلات، وبالأسباب الموضوعية والذاتية المولدة لها، كما هو شأن الاعتراف بالأسباب الموضوعية للأزمة السياسية عام1993م. وأوضح البيان الختامي أن اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني أقرت تسمية هذه الدورة التي عقدت ، برئاسة الأمين العام للحزب الدكتور ياسين سعيد نعمان - وبحضور رئيس وأعضاء اللجنة العليا للرقابة الحزبية والتفتيش المالي وعدد من كوادر الحزب- بدورة الفقيد المناضل أنور محمد خالد عضو اللجنة المركزية، وذلك اعترافاً بأدواره الكفاحية المتميزة كواحد من أوائل الفدائيين المنخرطين في معركة التحرير الوطنية ضد القوات الاستعمارية البريطانية، ومواصلة الكفاح في جبهة البناء السلمي على المستويات السياسية والثقافية والحزبية، مجسداً بذلك صفات المناضل الجسور الملتزم بالقضايا الوطنية والاجتماعية الكبرى، وبالقيم الإنسانية الرفيعة. وأشار البيان إلى أن اللجنة المركزية وقفت في دورتها هذه أمام تقرير سياسي، وتقرير تنظيمي تناولا تطورات الأوضاع الوطنية والحزبية في الفترة بين دورتي اللجنة المركزية والمواقف التي اتخذتها الأمانة العامة إزاءها وسير التحضيرات لانعقاد المؤتمر العام السادس، وكذا أمام الميزانية السنوية للحزب . مبيناً أن مناقشات الأعضاء اتسمت بالجدية والشفافية، وتناول الموضوعات الواردة في التقارير بدرجة عالية من الحرص والمسؤولية، والتفاعل معها بتقديم الآراء والملاحظات بما يصوبها ويثريها.وأثنت اللجنة على جهود الأمانة العامة في تجسيد خط الحزب السياسي ووثائقه البرنامجية في كافة المواقف الصادرة باسم الحزب، وإسهاماتها في العملية السياسية الجارية في البلد، والحوارات السياسية التي شهدتها على مستويات عديدة. ولفت البيان إلى أن اللجنة ولدى تناولها للتطورات على الساحة الوطنية، جددت تمسكها بعدالة ومشروعية ما أسمته «القضية الجنوبية»، وتصدرها للحياة السياسية الوطنية في الظروف الراهنة، في ضوء آثار حرب1994، و التي اعتبرتها اللجنة أنها أثرت على المشروع الوحدوي الديمقراطي العظيم. كما جددت اللجنة المركزية تمسك الحزب الاشتراكي اليمني برؤيته الخاصة بمعالجة الأوضاع في البلاد ، والحل الجذري لما أسمته «القضية الجنوبية» حلاً عادلاً يكفل معالجة آثار حرب 1994 في إطار صياغة عقد اجتماعي سياسي يعيد هيكلة الدولة اليمنية، وبما يضمن حقوق المواطنة المتساوية ويصون الحريات العامة، ويحقق النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والثقافي للبلد. ورأت اللجنة أن عدم المعالجة الجذرية لآثار حرب 1994 قد أسهم في إحياء الإشكاليات المختلفة التي اعترضت تكون وتبلور الهوية الوطنية في مرحلة ما قبل الثورة وقيام دولة الاستقلال، والتي تصدت لها أجيال استثنائية من المناضلين الأفذاذ، الذين حسموا بعرقهم ودمائهم وبسالتهم وجرأة عقولهم محتوى هذه الهوية، وأكسبوها المشروعية التاريخية المرتبطة بأعظم وأنبل التطلعات في بناء مستقبل اليمن على قيم الحرية والعدالة والمساواة والتقدم الحضاري. وفي حين حيت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي المركزية الفعاليات السلمية الديمقراطية التي شهدتها عدد من المحافظات اليمنية بما فيها الفعاليات السلمية التي تبناها ما أسمته ب «الحراك» في المحافظات الجنوبية والشرقية.. شددت في ذات الوقت على أهمية الحفاظ على الطابع السلمي للحراك، وحمايته من الانزلاق نحو أفخاخ العنف المنصوبة هنا وهناك سواء بتدبير من الرافضين لفعالياته، أو بدفع من ذوي الأمزجة الحادة. وأهابت بالجميع بالتسلح باليقظة إزاء بعض الدعوات المثيرة للنزعات غير الموضوعية، أو المحرضة على الإقصاء السياسي أو الثأر التاريخي، وعدم التهاون مع أية نزاعات لا تحترم حق التعدد والتنوع أو أية ردود أفعال أو نزعات انتقامية أو القناعات والأعمال التي تتنافى مع قيم التسامح.. منبهة من أن أية نزعات تقوم على أسس قبلية أو شطرية في محاولة للانحراف بالحراك عن أهدافه وطابعه السلمي، من شأنها أن تقوض وحدة وتماسك الجماهير الحاضنة له، وتضعف من حجم القوى المتعاطفة والمتضامنة معه ومع مطالبه. وحثت الجميع على العمل بكل الوسائل الممكنة لدحض أية افتراءات تحاول ربط الحراك بالقاعدة أو أية أنشطة إرهابية، وتجنب المظاهر التي تسيء للحراك ولخياراته السلمية، مع التأكيد على أهمية ترشيد الشعارات وبلورة خطاب سياسي راشد. وبشأن الجهود المبذولة لإحلال الأمن والسلام في صعدة ومعالجة آثار فتنة التمرد والتخريب, أوضح البيان الختامي أن اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني رحبت بالإعلان الرسمي القاضي بوقف العمليات العسكرية من جانب القوات المسلحة، والتزام الحوثيين بتنفيذ شروط الدولة الستة، داعية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمنع تجدد المواجهات وضمان حالة السلم الدائم ومعالجة آثار الحرب، وتوفير الظروف لعودة المشردين إلى قراهم ومزارعهم، وتقديم التعويضات للمتضررين، وإنشاء صندوق لإعادة الإعمار للمناطق المتضررة. وأكدت اللجنة في ذات الصدد أن معالجة الأوضاع في صعدة يمكن تحقيقه من خلال الحوار السلمي، وفي إطار مشروع وطني شامل يعالج كافة مشاكل البلاد، ويصون الحقوق السياسية والثقافية للمواطنين وإقامة دولة القانون. وبشأن مكافحة الإرهاب أكدت مركزية الحزب الاشتراكي اليمني أن مكافحة الإرهاب مسؤولية وطنية يجب أن تعبر من خلالها اليمن عن احترامها لسيادتها ولمسؤوليتها نحو المجتمع الدولي.. داعية إلى تحويل الحرب على الإرهاب إلى معركة وطنية شاملة تشارك فيها مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية، وألا تقتصر هذه الحرب على الوسائل العسكرية والأمنية، بل يجب أن تستخدم فيها المعالجات السياسية والاقتصادية والثقافية مع ضمان عدم خروج الوسائل العسكرية والأمنية عن احترام القانون والانضباط لأحكامه. وأكدت اللجنة رفضها للأعمال التي تضر بالمصالح العامة والمصالح الخاصة للمواطنين. وأفاد البيان الختامي أن اللجنة المركزية استعرضت باهتمام بالغ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد وآثارها السلبية على الحياة المعيشية للمواطنين وحددت مواقف الحزب إزاءها . مبيناً أن اللجنة شددت على أهمية أن تتبنى الحكومة السياسات الملائمة لمعالجة تلك الأوضاع بما يكفل إنهاء معاناة المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية . وأكدت اللجنة أهمية أن تستهدف الإجراءات الحكومية تلافي تدهور سعر صرف الريال والحد من الارتفاع المتسارع للبطالة بين الشباب، ومعالجة معوقات الاستثمارات، وتتجنب استنزاف الاحتياطي النقدي، فضلاً عن محاربة الفساد في الجهاز الإداري والحكومي و إرساء معايير علمية ووطنية في تعيين قياداته، وتلافي أي تخبط في السياسة المالية والنقدية، أو تدهور قطاع الطاقة وخاصة قطاع الكهرباء وقطاع النفط والغاز.