الولادة مرحلة حاسمة في حياة الأسرة يستبشر بها الأبوان خصوصاً إذا كانت الأولى ويتحينون الساعة التي يرزقون بها المولود لتقر اعينهم به ويهنأون العيش بمعيته. وعلى الطرف الآخر تقف الولادة قبل الأوان حجر عثرة أمام الأبوين خشية تبعاتها وأثارها السلبية على الأم ووليدها ,مع أنها في بعض الأحيان قد تأتي بالفرج الذي يزيل عن الأم المتاعب العصبية والارهاق الرهيب وتخلص الجنين من عناء جم وخطر محقق. إننا أمام مشكلة مغيبة على أهميتها إلى حد كبير إعلامياً إلا وهي مشكلة الولادة قبل الأوان وساعرض تفاصيل كثيرة عنها مايلزم للحفاظ على سلامة المواليد الخدج من تدخلات ورعاية.. المولود الخديج خصائص كثيرة تميز المولود الخديج عن المولود العادي أهمها أن رأس الخديج مستدير أو بيضاوي الشكل ,وحجمه كبير مقارنه بحجم جسمه ,ورقبته واطرافه قصيرة نسبياً وأما جذعه فعريض وطويل والعينان جاحظتان. ويبدو لسان الخديج كبير الحجم ويبرز خارج الفم بسهولة ,كما أن قفصه الصدري أقل صلابة عن القفص الصدري للمولود العادي ,والبطن منتفخة وكبيرة الحجم والسرة بارزة وغالباً ما تصاب بالفتاق. إن الاعضاء الجنسية الخارجية للخديج صغيرة والجلد يبدو متجعداً في العادة وذو حمرة باهته وترى من خلاله الأوعية الدموية السطحية. واللافت في الأمر أن المولود الخديج قليل النشاط والحيوية ,وبكاءه ضعيف وقدرته على المص واهية والحركات التنفسية له ليست منظمة ولا مستقرة (لا في حجمها ولا في سرعتها).. أما حرارة جسمه فهي عادة منخفضة غير مستقرة تتأثر بتقلبات حرارة الوسط الخارجي.. كذلك افرازه العرق بغزارة يجعله عرضة لارتفاع درجة الحرارة بصورة مفاجئة عند زيادة درجة الحرارة في الوسط الخارجي. بالإضافة إلى أن اليرفان الفسيولوجي أشد اصفراراً وأطول مدة عند الخديج منه عند المولود العادي كثيراً ما يتعرض الخديج للكثير من نوبات الأزرقاق في اللون ,والنوبات العابرة من الازرقاق بطبيعة الحال دليل التعرض البرد أو الافراط في الطعام أو الاسراع في تناوله أو انتفاخ البطن أو التعب والاجهاد ,لكن النوبات المتكررة منها على فترات منتظمة الملاحظة لدى الخديج هي دليل على وجود تقلص رئوي خلقي أو أذى في الدماغ أو عاهة قلبية خلقية غير أن ازرقاق اللون الدائم يتنافى مع استمرار الحياة كونه ينجم عن اذى شديد في الدماغ أو عاهة قلبية خلقية أو تقلص رئوي خلقي. متطلبات الوقاية الوقاية من حدوث الولادة قبل الأوان مسألة تتطلب عدة أمور أهمها: الحفاظ على الحمل لبلوغه الحد الطبيعي الذي لايترتب عليه أي ضرر على الأم أو الجنين. معالجة الأمراض الحادة لدى الأم الحامل. الاعتناء بتغذية الحامل وخاصة بما يتعلق بالمواد البروتينية والفيتامينات. تجنب الأم الحامل الاجهاد والتعب. تجنيب الأم الحامل الهموم والاحزان والصدمات العاطفية. تأدية الحامل كل يوم لحركات رياضية ملائمة كرياضة المشي والتنزه في الهواء الطلق وفي الأماكن البعيدة عن أجواء المدينة وصخبها. عوائق فسيولوجية ثمة عوائق فسيولوجية تعترض الخديج بسبب قصر المدة التي قضاها في الرحم وماينجم عن ذلك من عدم الاكتمال والنضوج في نمو الأعضاء وتطورها بالإضافة إلى الاخطار التي تنجم عن الرضوض التي تسبب أذى للجنين وكذا العاهات الخلقية التي تتعارض مع الوظائف العضوية السوية. وأهم هذه العوائق الفسيولوجية: صعوبة التنفس : تظهر عند الخديج في نوبات الاختناق وازرقاق اللون والالتهاب الرئوي. عدم قدرة الخديج على ضبط حرارة جسمه: ويظهر ذلك في نوبات ارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها بصورة فجائية. قصور الكليتين أو عجزهما في اداء وظيفتهما. اضطرابات الجهاز الهضمي كصعوبة التغذية أو الاستفراغ والاسهال. ازدياد تمزق الشعريات الدموية مما يترتب عليه حدوث نزيف. سوء توليد الام بمختلف عناصره ويظهر ذلك في فقر الدم والنزف والاستعداد للانتات. ازدياد كمية الماء المختزن في الجسم داخل الخلايا وخارجها: ويستدل على هذا من خلال التورم والآلام. سوء انتقال الأملاح المعدنية والفيتامينات من الأم إلى الجنين عبر المشيمة الأمر الذي يفضي إلى الكساح وفقر الدم اللذين يصيبا الخديج بعد الولادة. سوء انتقال الأجسام المضادة من الأم إلى الجنين عبر المشيمة ,ويظهر ذلك في (الانتانات الفيروسية والبكتيرية) التي تصيب المولود الخديج بسبب انخفاض نسبة المناعة أو انعدامها. عدم نضوج وظائف الكبد مما يؤدي إلى انخفاض معدل السكر واحتباس الصفراء وانخفاض معدل البروتينات وانخفاض معدل (البروثرومين) في الدم ,وتظهر أعراض هذه الاضطرابات المختلفة في الصدمة (في حال انخفاض معدل السكر بالدم) وفي اليرقان (لدى احتباس الصفراء في الدم) وفي التورم والانتان (في حال انخفاض معدل البروتينات بالدم) وفي النزف (عند انخفاض معدل البروثرومين في الدم).. وفيات الخدج الخدج سبب كبير من اسباب وفاة المواليد في الأسابيع الأولى بعد الولادة وبصورة عامة يمكن القول بأن نسبة الوفيات تعتمد على وزن المولود عند ولادته ,فكلما كان الوزن خفيفاً عند الولادة كلما ارتفعت نسبة الوفيات ,وأغلب الوفيات تحدث في الأربع والعشرين ساعة الأولى بعد الولادة. وفي أغلب الأحيان يكون القصور التنفسي سبباً معجلاً للموت ,وبعد انقضاء الثماني والأربعين ساعة الأولى يصبح (لانتان) سبباً رئيسياً للوفاة ,ولاشك في أن للنزف داخل جمجمة الخديج دوراً كبيراً في الوفاة. حيث أن بعض أنواع هذا النزف يبدو سبباً مباشراً في الوفاة بصورة جلية ,وبعضها الآخر يبدو مساعداً فقط. وفي مختلف أعضاء الجسم كالرئتين أوالكليتين أو القناة الهضمية يبدو أن قدراً من عدم النضوج والإكتمال السبب المباشر في حدوث الوفاة. العناية بالخديج الوقت عامل مهم بالنسبة للمولود الخديج، لأن أكثر الوفيات تحدث في الأربع والعشرين ساعة الأولى بالتالي من الضروري جداً وضع جميع الوسائل الوقائية موضع التنفيذ الفوري منذ اللحظة الأولى ومتى عُلم أن ولادة قبل الآوان باتت وشيكة وجب على الأم الحامل التهيؤ للولادة في المستشفى والتي سيعقبها نقل المولود الخديج إلى الحضانة واتخاذ مايلزم للحفاظ على حياته. فإذا تبين لنا أن الجنين في ضيق أثناء عملية الوضع وجب حينئذ إعطاء الأم كميات وافرة من الأوكسجين، فذلك يساعد الجنين ويفرج ضيقه أثناء مروره عبر القناة التناسلية. وبعد الوضع وعندما يصبح المولود كلياً خارج الرحم يأتي التريث في قطع الحبل السري، فلانسارع إلى قطعة إلا بعد أن يتوقف النبض فيه كونه يكسب المولود الخديج كمية لايستهان بها من الدم وهو في أمس الحاجة إليها. كما يجب الإسراع في تخليص الخديج من المواد (الأمنيوسية) والمفرازات المخاطية المتراكمة في مجاريه التنفسية واعطاءه الأوكسجين للخديج على الفور عقب شفط هذه المواد. وبعد ذلك يوضع المولود الخديج في حضانة دافئة ويترك دون تحريك إلا في حال الضرورة وبصورة عامة يمكن القول بأن المولود الخديج يجب أن يقضي في الحضانة مدة تعادل المدة التي نقصت طيلة بقائه في الرحم. لاينبغي تعرية الخديج عند القيام بأعمال العناية به دون مبرر حقيقي لذلك وأيضاً يجب اعطاؤه فيتامين(K) حقناً بالعضل وتكرار ذلك إذا ضروري عند حدوث نزف في أي جزء من أجزاء جسمه إلى جانب استبعاد الأدوية المنعشة للقلب والحركة الدموية إلا إذا استدعت الضرورة لاستعمالها. وعلى عاتق الممرضات اللواتي يوكل إليهن أمر تمريض المولودين قبل الأوان والعناية بهم القيام بأعباء هذه المهمة الشاقة والدقيقة فنجاح هذه العناية متوقف على المراقبة الدائمة والانتباه المستمر. حيث يوضع الخديج في حضانة خاصة تحدد درجة الحرارة والرطوبة فيها بعناية فائقة، وتوضع في غرفة مكيفة الهواء مصممة بصورة خاصة للمولودين قبل الأوان، تحت رعاية ممرضات ليس لهن عمل آخر سوى العناية بهم. مغادرة الخديج الحضانة خروج الخديج من الحضانة وانتقاله إلى البيت مرهون بقدرته على ضبط حرارة جسمه وتنظيمها والاحتفاظ بدرجة حرارة مماثلة لدرجة حرارة الوسط الذي يعيش فيه، أي(25.22درجة مئوية) أيضاً خروجه من الحضانة مرهون بتلاؤمه مع نظامه الغذائي وازدياد وزنه بصورة مطردة ومستمرة وعدم وجود أي فقر دم عنده، ويحسن بالوالدين وكذا المسئولين بالمستشفيات ابقاء الخديج في الحضانة إلى أن يصير وزنه ثلاثة كيلوغرامات. ومن الضروري كذلك أن يكون هناك ازدياد مطرد في وزنه حتى ولو لم يبلغ وزناً معيناً أو محدداً فإذا كانت حالته الصحية جيدة أو إذا كان تطوره ونموه جاءا بصورة حسنة، فعندئذ يمكن اخراجه من الحضانة ونقله إلى بيئته المنزلية، وهو سيتكيف في البيئة الجديدة وسيزيح القلق عن الأم بسبب وضعها مولوداً قبل الأوان وابتعادها عنه طيلة فترة العناية به في الحضانة وفي المنزل سيعطى الخديج الثدي أو يعطى لبن أمه بعد أن يكون قد شفط من الثدي إذا كان هناك أي عائق ميكانيكي يحول دون اعطائه الثدي مباشرة. المركز الوطني للتثقيف والاعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان