تعتبر الشخصية الايجابية القادرة على تحقيق أهدافها والتأثير في الآخرين مطلبا ملحا وهدفا ساميا لكل من يسعى الى النجاح والتميز.. وقد تحدثنا في حلقات سابقة عن هذه الشخصية بشيء من التفصيل, وتعرفنا على مواصفات هذه الشخصية ومقوماتها وارتباطها بالتفكير الايجابي وضرورة التخلص من القناعات والأفكار السلبية. وفي الحلقة الماضية تحدثنا عن تطبيق مهم من تطبيقات الوصول للايجابية وهو التحلي بالكلام الطيب وما له من أثر في شخصية الإنسان.. وفي هذه الحلقة نتناول التطبيق الثالث من التطبيقات العملية التي تساعد على أن يصبح الإنسان ايجابياً وهذه التطبيقات ذكرها الدكتور صلاح الراشد في برنامجه الرائع والمتميز التفكير الايجابي وهو المرجع الرئيسي لهذه المادة. وسوف نستكمل بقية التطبيقات في الحلقة القادمة.. التطبيق الثالث:- ممارسة الصبر مع النفس والآخرين الصبر منزلة رفيعة لا ينالها إلا ذوو الهمم العالية، والنفوس الزكية. والغضب هو ثورة في النفس، يفقد فيها الغاضب اتزانه، وتنقلب الموازين عنده، فلا يكاد يميز بين الحق والباطل، وهي خصلة غير محمودة. إن احتواء الغضب والسيطرة عليه ، علامة قوة شخصية الإنسان، ودليل على اتزانه, وهي من أهم علامات الشخصية الايجابية.. يقول ستيفن كافي في كتابه قيادة المبادئ (الصبر هو التعبير العملي للإيمان والأمل والحكمة والحب) ويصف استراتيجية الصبر بقوله (هي قبول الحقيقة العملية.. الخطوة خطوة ومراحل النضوج الطبيعية). وغاية الايجابية أن يكون الإنسان صبورا..فالايجابي كما يقول الدكتور صلاح الراشد (لا يتخطى دور احد عند الانتظار لمعاملة في مؤسسة ما ..ولا يزاحم السيارات يمينا وشمالا ويتخطاها لأنه لا يطيق الانتظار برهة.. ومن قيادتك لسيارتك اعرف شخصيتك فالتزامك السرعة المحددة تعني صبرك على زوجتك وأولادك..والتزامك لخطوط السير الأرضية تعني التزامك بالتخطيط للنجاح في الحياة الأسرية والعملية..والتزامك باستخدام الإشارة عند الانتقال يمينا و شمالا تعني لطفك في التعامل مع الآخرين وانتباهك بالقيادة تعني حرصك على أسرتك وعملك وهكذا).. نماذج مشرقة وترتبط الايجابية بالصبر ارتباطا وثيقا ...وهناك نماذج مشرقة للصابرين من الناجحين والمتميزين الذين غيروا مجرى التاريخ بصبرهم :- 1 - فهذا سيد الصابرين والناجحين محمد صلى الله عليه وسلم الذي صبر على إيذاء قومه وصدهم واستكبارهم فأضاء الكون بنور الإيمان وعدل الإسلام. 2 - وصبر الضعفاء من الصحابة كعمار وبلال وصهيب فانتصر الإسلام وانتشر في ربوع الأرض. 3 - وصبر ابن حجر على طلب العلم رغم كبر سنه وتقدمه في العمر فأصبح من كبار علماء الإسلام. 4 - وصبر أديسون على تجاربه التي بلغت ألف تجربه فأضاء العالم بنور المصباح الكهربائي. 5 - وصبر نيوتن على بحوثه ونظرياته فيغير مجرى العالم في الفيزياء. 6 - وصبر أبراهام لنكولن على تجاربه المحبطة وعزيمته فأصبح من أشهر الرؤساء للولايات المتحدةالأمريكية. وغير هذا الكثير من النماذج المشرقة بتحليها بخلق الصبر. لماذا الصبر؟ 1 - الصبر يمنحك الإصرار و المثابرة مما يساعدك على مواصلة عملك و تحقيق أحلامك رغم العقبات التي تواجهك. -2 الصبر يولد الهدوء الداخلي مما يجعلك مرتاحا وواثقا في قدراتك العقلية والجسدية وهذا يساعدك على الثبات ومواصلة التحرك نحو الاتجاه الذي ترغبه. 3 - الصبر يمنحك المرونة العاطفية والقدرة على قبول تحديات الحياة بقوة وتفاؤل وبالتالي ستصبح اقل شعورا بالتوتر والقلق وأكثر طمأنينة. 4 - الصبر و امتلاك النفس يساعدك على اتخاذ قرارات سليمة وخاصة في الأزمات لأنه يغمر مشاعرك بالطمأنينة والهدوء والثبات. 5 - الصبر يساعدك على الصمود أمام صدمات الحياة والتسامح مع الآخرين وهذا يقلل من الضغوطات التي تضر بالصحة فصحتك انعكاس لأحداث حياتك. (www.vb.svalu.com) مبدأ إسلامي يعتبر الصبر من أهم المبادئ التي حث عليها الإسلام وتناولتها العشرات من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ، فقد أمر الله نبيه بخلق الصبر فقال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ} [النحل 127] وقال تعالى : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف 35]. وأمر الله به المؤمنين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران 200] ، وأثنى على أهله، فقال تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة 177]. وأخبر بمحبته للصابرين، فقال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران 146]، ومعيته لهم، فقال تعالى : {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال 46]. ووعدهم أن يجزيهم أعلى وأوفى وأحسن مما عملوه، فقال تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل 96] ، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر 10]. وبشرهم فقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة 155] ، وأخبر أن جزاءهم الجنة فقال تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} [الإنسان 12]. وغيرها.. وكذا الشأن في السنة النبوية، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على هذا الخلق الكريم، وكانت سيرته صلى الله عليه وسلم أنموذجاً يحتذى به في التخلق بخلق الصبر بشتى أنواعه وأعلى درجاته، قال صلى الله عليه وسلم: “ عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم وقوله” ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) رواه أحمد. وتوجيهه لأسرة ياسر عند تعذيبهم بقوله (صبراً آل ياسر فان موعدكم الجنة).. ورده على من طلب منه ان يوصيه بقوله( لاتغضب )وكررها ثلاث مرات...وغيرها من الأحاديث التي تتحدث عن فضيلة الصبر. إشراقة قال رجل لعنترة : ما السر في شجاعتك وكيف تغلب الرجال؟ فقال عنترة: ضع إصبعك في فمي وخذ إصبعي في فمك . وعض كل واحد منهما الآخر، فصاح الرجل من الألم ولم يصبر، فأخرج له عنترة إصبعه. وقال : بهذا غلبت الأبطال ...أي بالصبر والاحتمال. خبير تدريب واستشاري اداري وأسري [email protected]