تطاول في البنيان أخذت قصور وفلل مغتربي عزلة بني بكاري صيتاً واسعاً لا تفوقه إلا ناطحات مغتربي مديرية الشعر في محافظة إب وإن كانت الشعر تنعت ب«نيويورك»إب فإن عزلة بني بكاري يصفها الكثيرون ومنذ حوالي 25 عاماً ب«الكويت» أما القاسم المشترك بين الشعر وكويت جبل حبشي هو الفراغ المسيطر على معظم الأدوار والغرف في تلك القصور إلا في بعض الإجازات الصيفية نهاية كل عام أو عامين وأكثر. إنها شهوة التفاخر والتباهي بالعلو والتطاول بالبنيان وإزهاق مئات الملايين في جدران رخامية وأسطح مزخرفة كان بالإمكان إنفاق ولو خُمس أو أقل من ذلك لإنعاش طريق بني بكاري بالغة القبح أو حتى تشغيل مئات الأيادي العاملة من الشباب العاطل في أي مشروع استثماري داخل أو خارج المديرية. يقول الشاب عادل هزاع من أبناء القرية: معظم أصحابنا المغتربين لم يصنعوا شيئاً يستحق الذكر لأبناء عزلة بني بكاري وذلك لأنهم بعيدون عن همومنا، أما رجل الأعمال الكريمي من عزلة مراتبة فهو أقرب إلى أوجاعنا ذلك لأنه يعمل في وطنه وقريب منا لذا فقد استوعبت فروع شركته للصرافة العشرات من شبابنا وإخواني الاثنين من بينهم.. وبصراحة نكن له كل التقدير والثناء. أطلال المحطة والشط يمكنني الجزم بأن أغرب ما أدهشني خلال زيارتي الاستطلاعية لمديرية جبل حبشي ومالم أتصوره في مخيلتي أن أجد محطة وقود مجاورة لهنجر عملاق مقاسه «25 ×40 متراً» فالأدعى إلى الدهشة انتصاب محطة مكونة من ثلاث كبائن للوقود على أطراف جبال شاهقة ترتفع عن مستوى سطح البحر نحو «1500» متر وأقل من ذلك هو مستوى قاع الوديان في الأسفل المتجهة صوب مديريتي مقبنة وموزع وفي واقع الأمر لم يكن فضول الكاميرا ليستثير لالتقاط صور محطة على طريق سهل لاسيما وإن كانت إسفلتية، لكن محطة بني بكاري المغروسة على مشارف جبل اشم والمتكئة على رصيف ترابي خشن لطريق بالغة الوعورة أمر شديد الغرابة لاسيما والمحطة على ذلك النحو فقد أغلقت منذ نشوب حرب صيف 1994م المشؤوم فلم يهنأ بها السائقون المتوجهون من جبل حبشي صوب الوازعية وموزع وطور الباحة سوى أربع سنوات من “1990 1994م”. لماذا جفت كبائن الوقود إذاً ولماذا استمر الحال إلى اليوم ولماذا تحول الهنجر الضخم المجاور للمحطة سكناً للعناكب والفئران بعد أن كان يغذي عديد قرى وعزل م / جبل حبشي البعيدة من المدينة خاصة بمختلف الحبوب والبضائع الاستهلاكية المكلف وصولها فراداً إلى دكاكين القرى؟ للإجابة عن تساؤلاتي التقيت الأخ أحمد الرقيبي مدير فرع ما كانت تسمى ب «تعاونيات الشط الاستهلاكية» التي عمل فرعها في بني بكاري أربع سنوات حد قوله وزاد الرقيبي قائلاً: ما يزال مفتاح الهنجر في عهدتي وما يزال الهنجر من الداخل ومن الخارج في كامل عافيته مع العلم بأنه مركب بأعلى المواصفات على «بُلت بُلت» ما فيش فيه ولا طزة لحام!. وعمره “20” عاماً هو عمر الوحدة المباركة ومعه المحطة لكن ما باليد حيلة توقفت التعاونيات مع نشوب حرب صيف 94م ومن يومها والأخ عبده هزاع عضو مجلس النواب في 1995 ورئيس تعاونيات الشط يشارع ويأمل في استعادة نشاطها كونها شكلت وهجاً مشرقاً في أوجه التلاحم والاندماج بين الشعب اليمني الواحد لكن للأسف الشديد لم ينفذ الحكم القضائي بإخلاء عهدة بن هزاع واستعادة نشاط التعاونيات. وفي المساء وأثناء جلسة المقيل عرض الشيخ محمد علي العطار على الأخ أحمد الرقيبي بتسليم الهنجر أو تأخيره لتقسم مساحته إلى مجمع للأمن والنيابة وعندما رفض أحمد الرقيبي فكرة الشيخ العطار عرض عليه فكرة أخرى بتحويل الهنجر إلى مركز صحي لمصلحة العزلة فوافق الرقيبي ،ولا أجزم إن يتمكن الشيخ من متابعة المعنيون في محلي المديرية ومكتب الصحة بتعز لتجهيز الهنجر بما يلزمه من أثاث وأدوات وكادر صحي الأيام ستكشف. قرية العسلي لنترك الحديث عن حمى التنافس في بني بكاري على الفيز ثم القصور والدور في كويت جبل حبشي. لننتقل إلى منافسة من نوع آخر في قرية تعتليها تدعى قرية العسلي وتقع ضمن عزلة البريهة. هذه الخصوصية الكامنة في التسابق نحو أعلى الفوز بأعلى المؤهلات الأكاديمية فالحاصلون على شهائد الدكتوراه فيها نحو «20» أكاديمياً يتوزعون على مناصب حكومية وخاصة من بينهم أ .د سيف العسلي وزير المالية الأسبق. صحة جبل “ذخر” وسقم مرضى النفوس واقع الصحة في مديرية جبل حبشي ليس بأحسن حال غير أن الأخت هدية علي ناجي مدير فرع الصحة بالمديرية لديها من الإصرار والصمود أمام من وصفتهم بالمغرضين والحاسدين والمتآمرين مايمكنها من الاستمرار في سبيل الطريق الصعب الذي اختارته بين فحول وشوارب وعمائم المديرية ومكتب الصحة خاصة أنها أول مديرة فرع مكتب صحة بين مديريات محافظة تعز التقيتها أثناء زيارتي للمجمع الحكومي بيفرس مركز مديرية جبل حبشي وشدني قوة شخصيتها ولباقتها وشجاعتها في الانتقاد حيث والمديرية فيها “21” وحدة صحية و”3” مراكز صحية فقط يمكن الصبر على هذا الوضع في حال تداوى مرضى النفوس من أبناء جبل ذخر “جبل حبشي” من حياكة المؤامرات فيما بينهم حسب خاتمة الأخت هدية علي ناجي ووضع النقاط على الحروف.. سألتها في البدء عن صحة مايشاع عن فساد فرع الصحة بالمديرية حسب وثائق بين أيدينا فأجابت بتأكيد ذلك ولكنها أضافت بأن ذلك الوضع كان من قبل عامين فلم يمض على تعيينها أكثر من سنة وشهرين خلالهما تقول بأنها ذاقت الأمرين لتقويم الاختلالات متمنية مساندة قيادة المجلس المحلي بالمديرية والهيئة الإدارية لما من شأنه إنعاش المرافق الصحية بالكادر والنفقات التشغيلية الذي تفتقر إليه لاسيما ووعورة الطريق بين جبال وعزل جبل حبشي دون الوصول إلى المدينة يعزز الحاجة الماسة إلى ذلك وفي الأخير تمنت الأخت هدية من مكتب الصحة بالمحافظة وقيادة السلطة المحلية تلبية حاجة معظم عزل جبل حبشي لبناء مستشفى ريفي على الأرضية الشاسعة التي تبرع فيها فاعل خير في مفرق “الضباب جبل حبشي” باعتبار ذلك الموقع يتوسط معظم عزل جبل حبشي وتتوفر فيه عوامل سهولة الطريق الإسفلتية إليه. وتمنت أن لايتدخل ضعفاء النفوس بتحويل موقع ذلك المستشفى إلى مكان آخر لخدمة أقل الكثافات السكانية في هذه العزلة أو تلك. هذا وقد رأت الأخت هدية في هذا الملف الصحفي والحوار فرصة سانحة لتشكر من خلاله كلاً من مدير مكتب الصحة بالمحافظة والمحافظ حمود خالد الصوفي اللذين لا يألوان جهداً في مساندتها للمصلحة العامة كما تعشمت وطمعت بالمزيد من الدعم للمديرية التي هي بحاجة حد قولها إلى 100 % مرافق صحية وكوادر ونفقات تشغيلية. الإصرار على التعليم يصر أبناء مديرية جبل حبشي على مواصلة الالتحاق بالمدارس المتباعدة الموزعة على أكناف الجبال حيث قراهم تتكئ أيضاً والقليل منهم فقط من يحظى بسهولة المسير صوب تلك المدارس على طريق مستوٍ، وأحمد عبدالوهاب البريهي “15” عاماً ليس أحدهم فانتقاله إلى مدرسته يومياً ليس بالأمر الهين إذ يستغرق سيره على الأقدام من منزله إلى مدرسته أكثر من ساعة ما يعني خروجه من منزله السادسة صباحاً ولأنه فتى فمشقته تهون أما طالبات القرية فيتعرضن لمخاطر ومشقة جراء الخروج باكراً من منازلهن والانحدار من قريتهن باكراً إلى قاع السائلة” ثم الصعود ثانية في الجبل المقابل المرتفع عن “السائلة” نحو “8000” متر.. يقول الحاج ناصر: عندي ثلاث فتيات تركن الدراسة لهذا السبب وبقيت معي ثنتان سأزوجهما وأسكه والعيال يكاوشوا كما قدروا لما يجي الفرج بوظيفة بأي مصنع بالمدينة أو انتظار فيزة إلى السعودية أو حتى تهريب لأنهم يا بني ما عاد لهم نفس بالدراسة مع وضعنا هذا المنفر بعد التخرج من الجامعة والبلطحة سنوات وما تجي الوظيفة إلا وقد شبعونا حياة!! يقول الأخ أيوب عبدالواسع مدير إدارة التربية والتعليم بمديرية جبل حبشي : الاختبارات في هذا العام كانت أقسى ما يكون على طلاب جبل حبشي حيث انتقلت سبعة مراكز امتحانية إلى مدينة تعز وبقيت “6” فقط بمعنى أن أكثر من نصف طلاب الثانوية العامة بجبل حبشي تكبدوا عناء الانتقال إلى مدينة تعز للخضوع للامتحانات. مدرسة السلام ومن الأمور العجيبة التي استوقفتنا خلال الزيارة لجبل حبشي واستيعاب حال التعليم ما يتهدد مدرسة السلام الأساسية في بني بكاري المكونة من ثلاثة فصول والتي بنيت على نفقة الشيخ محمد علي العطار في 1994م فالمدرسة مرشحة للإغلاق لصعوبة منحها مدرساً واحداً مؤهلاً وموظفاً رسمياً إذ يقوم بتدريس الصغار الوافدين إليها من “6” قرى “أنعم مدهافه عدمة تحيوه المحصار الحداد بني بكاري” حد قول رئيس مجلس الآباء الوالد سيف أحمد سعيد الضالعي الذي يقوم بجمع مائة ريال من كل طالب شهرياً لتوفير رواتب ثلاثة فتيان يقومون بتدريس الصغار وتتراوح أعمار المدرسين الفتية بين “15 20” عاماً وبهذا الشأن يشكو أحد الآباء هذا الوضع قائلاً: نحن نخاف على بناتنا الصغار من تلقي العلم من أيدي فتيان وشباب مراهق لذا فضل معظمنا ترك بناته بلا تعليم وحسب الأهالي فإن من يقوى من الأهالي لنقل صغاره من البنين والبنات إلى المدرسة الكبيرة في أعلى بني بكاري “مدرسة النور” فلا بأس ومن لم يقو فما عليه إلا ارتقاب عريس لابنته وفيزة لابنه. تكريساً للثقافة التي عمت القرى الوعرة الغنية بالمغتربين بالمملكة كعزلة بني بكاري التي تنعت ب “الكويت”. كثرة طلاب وقلة مدرسين وعودة إلى مدير التربية بجبل حبشي يقول الأخ أيوب عبدالواسع: هذه المدرسة التي ركزت عليها في زيارتك الاستطلاعية لا سيما ومديرية جبل حبشي تعد من بين أكبر المديريات كثافة سكانية فطلابها “20039” أما الطالبات فأقل من ذلك بقليل فعددهن يفوق “15053” هذا فقط في المرحلة الأساسية أما الثانوية فعدد الذكور “3710” والإناث “2200” وبهذا يصبح مجموع عدد طلاب وطالبات المديرية لمختلف المراحل “41002” يقوم بتدريسهم “1117” مدرساً و”151” مدرسة فيما عدد المدارس فقط “88” مدرسة فقط منها “48” أساسي و”40” ثانوي وأساسي.. يقصد مدرسة النور فيها وفرة طلابية وشحة كادر تعليمي وذلك لأن فيها من الطلا ب والطالبات “900” فيما لديها فقط “18” مدرساً لذا فالمدرسون يتحملون فوق طاقتهم وهناك مدارس مماثلة في هذا العناء كمدرستي الوحدة المشتركة والشهيد أحمد عبدالجبار أما مدرسة خالد عفيرة ففيها “550” طالباً وطالبة وليس فيها سوى “5” مدرسين وبالله عليكم كيف نوزع هؤلاء ال”5” على “550”. يخلص مدير فرع تربية جبل حبشي إلى المطالبة بسد احتياج المديرية ل30 %من الكوادر على أقل القليل و40 %مرافق دراسية جديدة. محو أمية جبل حبشي خلال الزيارة الاستطلاعية لنقل أوضاع مديرية جبل حبشي كان لنا لقاء مع الأخ محمد غالب محمد سعيد مدير إدارة محو الأمية بفرع مكتب التربية والتعليم بالمديرية حيث مضى يكشف حال النشاط التعليمي في مجال محو الأمية بقوله: في الواقع تحول قسم محو الأمية لدينا إلى إدارة ولكن شيئاً لم يتغير من حيث تحسين النفقات التشغيلية وتوفير كوادر إدارية تشاركنا وتساندنا في تأدية مهامنا حيث أعمل بمفردي في هذه الإدارة المشرفة والمنظمة ل”12” مركزاً موزعاً على عزل المديريات ال”18” حيث تخصص بعض من فصول مدارس تلك القرى والعزل لتدريس “480” طالبة. وكم عدد الطلاب؟ لايوجد لدينا طلاب محو أمية. لماذا؟ لافتقار إدارتنا إلى مدرسين ذكور لتدريسهم فليس لدينا سوى “30” مدرسة لايمكنهن إلا تدريس طالبات محو الأمية لاسيما وال”30” معلمة لسن حاصلات على درجات وظيفية رسمية بل عقود عمل أبرمناها معهن بفضل من الله وتسخيره لمصلحة محو أمية الإناث. وكم رواتب التعاقد مع تلكن المعلمات؟ الميزانية المتوفرة لرواتب محو الأمية في المديرية هي فقط “300” ألف ريال تتوزع عليهن بواقع ألف لكل معلمة. في الشهر؟ بل في الثلاثة الأشهر. ولكن هذا يكاد يقترب من رواتب الشئون أليس كذلك؟ نوعاً ما لكن ما بأيدينا عمل شيء هذا الوضع الحاصل والإمكانات المتاحة غير أن يواسي ويصبر ال”30” معلمة التفاؤل بنزول درجات وظيفية بعد سنة أو أكثر بإذن الله وما علينا وعليهن إلا الصبر خاصة وأن معظم المدرسات من خريجات البكالوريوس والبقية القليلة من حملة الثانوية العامة.