تتعدد المصطلحات والمفاهيم التي تتعامل معها الهندسة النفسية (أو البرمجة اللغوية العصبية NLP)بتعدد المجالات التي تتناولها , ومن هذه المفاهيم مفهوم العقل الباطن أو العقل اللا واعي والذي يعتبر من اهم المفاهيم التي حظيت بنقاشات وتناولات مختلفة بين مؤيد ومعارض وبين تهويل في قدرات وتأثيرات العقل الباطن وتهوين واستهانة بل ونفي بتلك القدرات والتأثيرات. وفي الحلقتين السابقتين تطرقنا بشيء من التفصيل لمفهوم العقل الباطن (اللاواعي) وتعرفنا على وظائفه وقدراته والمقارنة بينه وبين العقل الواعي ودور كل منهما في تسيير النشاط اليومي للإنسان وتأثير العقل الباطن على مختلف مجالات الحياة للإنسان. وفي هذه الحلقة نتناول الاتجاهات المختلفة في التعامل مع هذا المفهوم وكما رأينا في حلقة سابقة عند حديثنا عن البرمجة اللغوية العصبية والمواقف المختلفة تجاهها حيث وجدنا ان هناك مواقف متباينة ومتضادة نحو هذه التقنية بين متقبل ومتبنٍ لكل ما جاءت به البرمجة وبين رافض لها جملة وتفصيلا وبينهما يأتي الاتجاه الثالث الذي ينظر باعتدال نحو هذه التقنية ويأخذ منها ما يتناسب مع عقيدتنا وفكرنا الإسلامي ويخدم امتنا افردا وجماعات ويترك كل ما يتعارض والمنهج الإسلامي ولا يتناسب مع معتقدات وأفكار مجتمعاتنا. وكذلك الحال بالنسبة لمفهوم العقل الباطن أو اللاوعي حيث نجد إجمالا أن هناك اتجاهين متضادين في التعامل مع هذا المفهوم وبينهما اتجاه ثالث يتوسط الموقف وينظر باعتدال نحو مفهوم العقل الباطن. الاتجاه الأول: إفراط وتهويل يتلخص هذا الاتجاه نحو مفهوم العقل الباطن (اللاواعي) بالإفراط في الحديث عن تأثير العقل الباطن على حياة الإنسان واعتباره الموجه والمتحكم الوحيد في نشاطات وفعاليات الحياة اليومية للانسان ، ويرى أصحاب هذا الاتجاه وهم غالبا من ممارسي ومنظري البرمجة اللغوية العصبية في الغرب وبعض من تأثر بوجهة نظرهم وموقفهم من دارسي وممارسي البرمجة في الوطن العربي والذين يتلقون بالقبول والتسليم لكل ما يقدم ويكتب عن هذه العلوم دون تمحيص وتدقيق أو عرض هذه المعلومات والمعارف على الثوابت الفكرية الإسلامية المعصومة والمتمثلة بكتاب الله عز وجل والسنة الصحيحة الصريحة للمصطفى عليه الصلاة والسلام ، ولعل كتاب قدرة العقل الباطن لجوزيف مورفي كخير مثال على هذا الاتجاه على ما فيه من فوائد ومعلومات قيمة في هذا الجانب. ومن خطورة هذا الاتجاه هو الجفاف الروحي والابتعاد عن الصلة الروحية بالخالق عز وجل باعتباره مسبب الأسباب واليه يجب الرجوع في الدعاء وطلب التوفيق والاعتقاد بمشيئته المطلقة في تصريف أمور الكون عامة والإنسان خاصة. الاتجاه الثاني: تفريط وتهوين في مواجهة الاتجاه الأول يأتي اتجاه آخر مضاد له تماما يقوم على إنكار ورفض هذا المفهوم جملة وتفصيلا ويعتبر الإيمان بوجود العقل اللاواعي نوعاً من المخالفة الشرعية بل اعتبره البعض بمثابة إله يعبد من دون الله وله التصرف المطلق بالإنسان ..ولعل معظم من يرى هذا الرأي ينطلق من باب الحرص على الدين والخوف من الانجراف وراء الحضارة الغربية وشرورها وذلك مع ضعف في جانب التأصيل الشرعي والدراية بحقيقة هذه المفاهيم والخلط بين مفهوم العقل اللاواعي ومفاهيم وتطبيقات أخرى تثير إشكاليات قوية مثل تحضير الأرواح والجسم الأثيري والطاقة الكونية وغيرها..وبالتالي يسارع مؤيدو هذا الاتجاه إلى إنكار ورفض فكرة العقل الباطن والإنكار على من يتحدث عنها سواء بغرض الدراسة أو التدريب أو غيره. وأعطي هنا مثالا في احد المواقع الالكترونية حيث تمت نقاشات كثيرة حول هذا الموضوع وكلها تصب في هذا الاتجاه.. http://www.ruqya.net/forum/archive/index.php/t-8950.html الاتجاه الثالث: توسط واعتدال هذا الاتجاه يرى أن مفهوم العقل الباطن أو اللاواعي هو نتاج لتطور علمي إنساني يجب التعامل معه بحذر من غير إفراط ولا تفريط بحيث يدرس بعناية ويستفاد من كل ما هو ايجابي ويساعد على تنمية وتطوير مهارات الإنسان المسلم وتحسين مستوى إدراكه وتعامله مع فعاليات الحياة بدون التقصير في واجباته الدينية وطبيعة علاقته الخاصة والمستمرة بالخالق عزوجل واعتبار ان مفهوم العقل اللاوعي ماهو الا جزئية من جزئيات العقل الكلي الذي وهبه الخالق سبحانه وتعالى للإنسان وبه تميز عن سائر المخلوقات. إشراقة (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )صدق الله العظيم (سورة التين-5) خبير تدريب واستشاري اداري وأسري [email protected]