نلحظ في الحياة اليومية بعض الحساسيات ، والمناكفات الكائنة بين الأقارب ، على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية، ،ولكن تزداد هذه الحساسية بين الأقارب الذين تفصل بينهم هوة اقتصادية كبيرة ، فتجد أحد الأقارب من الميسرين يتهرب أوقاتاً كثيرة من قريبه المعسر ،وكأنه مرض معد، خوفا من أن يطلبه المال أو المعونة في أي أمر كان ، في الوقت الذي يوزع فيه القريب الميسر خدماته لكل من هب ودب من الغرباء ، ويعلل الميسرون هذا الأمر بقولهم : إن الغريب يطلب الخدمة مرة واحدة ، ويرد الخدمة بأفضل منها في أغلب الأوقات ، لكن القريب يطلب الخدمة مرارا ،ولا يردها بل يعتبرها من حقه. هذا التفكير من قبل بعض الأقارب الميسرين يجعل الهوة تزداد بينهم ، وبين أقاربهم بل خلق هوة اجتماعية كبيرة ، إذ أن كثيراً من الأقارب المعسرين الذين يمتلكون عزة النفس لم يعودوا يزوروا أقاربهم من الميسرين خوفاً من أن تُفهم زيارتهم أنها من أجل طلب المعونة أو التذكير بها ، ومع سوء ظن الميسرين وعز نفوس المعسرين تبدأ أواصر القربى والرحم بالتلاشي والانقطاع. من هنا نجد بعض المعسرين يعانون الفقر، والألم ، ولا يعلم عنهم أقاربهم شيئا ،ولو عرف بعضهم ، فإن سوء ظنهم يسبقهم فيرون في حالة أقاربهم من المعسرين نوعا من التمثيل لكسب المال. في هذه الأيام المباركة وجدتُ مثل هذه الحالات التي تعاني الفقر والمرض المزمن ، في الوقت الذي يمتلك فيه أقاربهم الميسورون المال والعقار، ،ولكن لا يمتلكون مشاعر الرحمة لأولي قرباهم التي ذكرها رب العالمين بعد الإحسان للوالدين في قوله تعالى “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36).النساء . فالصدقة على الأقارب ليست صدقة فقط ، بل صدقة وصلة رحم ، فلنجدد نياتنا في هذا الشهر الكريم الذي يمدنا بروحانيته ، ليس في أيامه فقط بل لسنة كاملة بعده . ودعونا نتذكر أن الدنيا زائلة ، ولن نصحب معنا إلى اللحد إلى أعمالنا الصالحة ، فلتكن صلة الأرحام أولها .