ما أقساها من كلمة وما أشد وقعها على النفس عند سماعها (السرطان )هذا القاتل الذي لا يفرّق بين صغير وكبير ولا غني وفقير، فقد ذاع صيته وتفشّت رائحته وبلغ مداه الآفاق، فما من منطقة في العالم إلا وقد غزاها . ونحن في اليمن نعاني من ويلات انتشاره في عموم محافظات الجمهورية لاسيما في محافظة تعز التي تُعد أكبر محافظات الجمهورية سكاناً و بالتالي فهي أكثرها انتشاراً لهذا المرض . فالمبادرة إلى إنشاء مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في هذه المحافظة تعد ذات أهمية بالغة لأن هذه المركز يُعوّل عليه الكثير والكثير في التخفيف من معاناة مَنْ ابتلاءهم الله بهذا الداء الخبيث والذي سوف يتم افتتاحه الشهر المقبل بعد أن قامت المؤسسة بتعز، وبدعم من الخيّرين، على توفير التجهيزات و المعدات والأجهزة الخاصة وإيجاد الكادر المؤهل لهذه الوحدة. إننا نثق كل الثقة بالخيرين من أبناء الوطن عامة وأبناء تعز خاصة في المساهمة بدعم هذا المشروع الخيري من خلال المشاركة الفاعلة وتقديم الدعم المادي والمعنوي من أجل إنجاحه واستمراره وتطويره حتى يقوم بدوره الإنساني . إنها فرصة للمسابقة والمنافسة في نيل الأجر والثواب من الله تعالى الذي يقول في كتابة العزيز «و في ذلك فليتنافس المتنافسون». إنها دعوة للإحياء فالله تعالى يقول «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً». إنها دعوة لزرع البسمة وإدخال السرور قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من أدخل السرور على أهل بيت من المسلمين لم يجد الله له جزاءً إلا الجنة». إن المعاناة التي يتجرعها مريض السرطان لا تطاق ولا يعرفها إلا من عاشها لاسيما إذا ترافقت هذه المعاناة مع الفقر والفاقة وقلة ما في اليد, فكم من أب مات فلذة كبده بين أحضانه وهو ينظر إليه ولا يستطيع أن يفعل شيئاً , وكم من أسرة اضطرت إلى بيع أغلى ما تملك من أجل توفير قيمة العلاج غالي الثمن . إن مرض السرطان في اليمن صار مشكلة كبيرة والمصابون به والمتوفون بسببه في تزايد مخيف، فآخر الإحصائيات تؤكد أن عدد المصابين في عام 2008م بلغوا قرابة عشرين ألف حالة منهم 10 آلاف حالة توفوا بسبب هذا المرض . لاشك أن هذه الإحصائيات تتطلب وقوف جميع المؤسسات الرسمية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني ورجال المال والأعمال وكل الخيّرين ومضاعفة الجهود من أجل الحد من انتشار هذا المرض والارتقاء بمستوى الخدمات سواءً العلاجية أو التوعوية وتوسيع نطاقها لتشمل أكبر قدر من الناس . فمكافحة هذا الداء والحد من انتشاره لايمكن أن يتم إلا من خلال شراكة مجتمعية تتضافر فيها كل الجهود الرسمية والشعبية.