لقد جرت سنة الله تعالى في البشر أن جعل بعضهم لبعض سخرياً، لاتتم لهم سعادتهم إلا بالتعاون والتواصل، ولا تستقر حياتهم إلا بالتعاطف يرفق القوي بالضعيف، ويحسن المكثر على المقل ولا يكون الشقاء والبلاء إلا حين يفشو في الناس التقاطع، لا يعرفون إلا أنفسهم ولايعترفون لغيرهم بحق. أخي المسلم عزيز على النفس الكريمة المؤمنة أن ترى مسكيناً بليت ثيابه، أو ترى حافي القدمين أدمت حجارة الأرض أصابعه أو تلحظ جائعاً يمد عينيه إلى شيء غيره فينقلب إليه البصر خاسئاً وهو حسير. فيما يرى مثل هذا ثم لايكترث القادرون ولايهتم الموسرون! فكيف يكون الحال؟ ولكن الله برحمته حين خلق المعروف خلق له أهلاً فحببه إليهم، وإذا أراد الله بعبدٍ خيراً جعل قضاء حوائج الناس على يديه. فأقول: إن دروب الخير كثيرة، وحوائج الناس متنوعة، إطعام جائع، وكسوة عار، وعيادة مريض وكفالة يتيم، وإعانة أرملة، وتعليم جاهل كل ذلك تكافل في المنافع، وتضامن في التخفيف من المتاعب، وتنفيس للكروب، ومن نفّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. وأخيراً أخي اعلم أن كل معروف صدقة، والصدقة تطفئ غضب الرب. وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة فهل تريد أن تكون منهم؟