في مثل هذه الايام من كل عام وبعد ظهور نتائج الثانوية العامة تبدأ الحيرة تداهم كل منزل والاقاويل تكثر والرؤى تتعدد ووجهات النظر تتباين حول المسار الذي يجب ان يتجه الخريج أو الخريجة إليه ، الكل يدلي بصوته ويتحدث حول ميوله ورغباته وهذا أفضل وذاك أحسن وهكذا ينشغل ذهن الطالب وولي أمره ويبقى في دوامة الاختيار ..في هذا الاستطلاع نحاول أن نستكشف تجارب واقعية لهذه المشكلة ونلاحظ أن هناك الكثير من المعايير قد تؤثر أو تتحكم في عملية اختيار التخصص ومن هذه المعايير المعدل ، الاصدقاء ، البيئة والاسرة ، العمل ، الامكانيات المادية ، عدم توفر التخصص في مكان الاقامة . وغيرها من المعايير .العائق المادي حيث يقول خالد يحي الهدى طالب كلية الشريعة المرحلة الاخيرة: كنت أيام دراستي الثانوية أحلم وأطمح أن أدرس في كلية الهندسة لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وقفت في طريقي الكثير من المشاكل والعوائق وبددت أحلامي وذهبت أدراج الرياح فكان العائق المادي الذي لا أقدر على توفيره لدراستي في الهندسة ، كما كان لدي عائق آخر حيث كنت أعمل موظفا في إحدى المؤسسات الحكومية وهذا يعني أن لا يسمح لي بالتفرغ والدراسة في مجال الهندسة وهذا ما جعلني أغير هدفي حينها سلكت الشريعة . قلة الوظائف فيما يقول وليد يحيى الشمري منذ كنت في السنوات الاخيرة من الثانوية العامة كنت أتخيل نفسي وأنا أعمل في مجال الكيمياء وأكون كيميائياً ناجحا لكن هناك من وقف أمامي وكان حاجزا يصد آمالي وطموحي رضاء الاسرة كان هو الحاجز معللين ذلك بعدم توفر الوظائف في مجال الكيمياء وتوفرها في التخصص الاخر الذين حاولوا من خلال ذلك اقناعي بالعدول عن رغبتي وتحويلها وسلكت درب كلية التجارة قسم المحاسبة . الأقدار كما أن المعدل في الثانوية العامة له دوره أيضا يتحدث الطالب جهاد علي حسن ناجي طالب في المرحلة الاولى قسم علوم الفيزياء عن هذا بقوله: أن الاقدار وقفت حجر عثرة أمام طموحي كنت أرغب في قسم اللغة الانكليزية لكنني فوجئت عند التسجيل بأن هذا القسم لا يقبل فيه الا بتقدير 80% وهذا المعدل أكثر من المعدل الذي حصلت عليه في الثانوية العامة وهذا ما جعلني اسلك الفيزياء تخصصاً بديلاً . دور الأسرة أما الاسرة وعدم توفر التخصص في مكان الاقامة أيضاً فيقول معتز عبد الله الصارم طالب في كلية التربية حجة رياضيات: الاسرة تلعب دوراً رئيسياً في اختيار التخصص وقال: كنت أرغب في الدراسة في جامعة صنعاء وكانت الرغبة بالتحديد كلية العلوم حاسوب أو رياضيات لكن حب الاسرة وخوفهم علي وحبهم في بقائي بجانبهم جعلهم يفرضون علي بعض المبررات مثلا وضعنا المادي لا يسمح لنا بذلك ، بالاضافة إلى امكانية الحصول على وظيفة خصوصا اذا تخرجت من الكلية التابعة للمحافظة وغيرها من المبررات مما جعلني أذهب الى كلية التريبة وأختار التخصص الاقرب الى رغبتي على الرغم أني لم أكن راض عن ذلك . معايير الاختيار أتذكر الاسبوعين اللذين سبقا التحاقي بالجامعة .... كنت أفكر كثيراً في الكلية التي سألتحق بها ، كانت أمامي خيارات كثيرة التجارة ، الشريعة ، الاداب ...الخ إلا أن المعيار الذي بنيت عليه قراري المهم هو أصدقائي حيث كان كل تفكيري أن أكون مع أصدقائي نذهب معاً ونذاكر معا ونسمع معاً . اختيارات مصيرية منذ المرحلة الثانوية وأنا أنتظر بفارغ الصبر تخرجي لألتحق بكلية اللغات قسم اللغة الانكليزية أو الفرنسية لقناعتي بأن اللغة مفتاح لكثير من الوظائف المغرية ، إلا أني بعد الثانوية العامة وجدت فرصة وظيفة بإحدى المؤسسات الحكومية في الادارة المالية ، انشغالي بالعمل لم يدع لي مجالاً هكذا فكرت حينها فكلية اللغات يشترط فيها الحضور والالتزام ، وهذا شرط عملي أيضاً ولا بد أن اتخذ قراراً حاسماً أما حلم دراستي اللغة ..... أو الوظيفة قطعاً أخترت الوظيفة نظرا لتحملي المسئولية وقتها وطموحي بالاستقلال والزواج ، حينها قررت الالتحاق بكلية التجارة وكوني لا احب كثيراً لغة الارقام ودفاتر وسجلات الحسابات ، التحقت بقسم السياسة ، ولو عاد الزمن الى لحظة اتخاذ قرار الالتحاق بالجامعة لتغير قراري تماماً والتحقت بكلية اللغات ، كنت سأقرر أن أدخل قسم المحاسبة لارتباطها بعملي ، الطريف أنني لم أستفد من تخصصي أي شي لقد تعلمت من تلك التجربة أن أتأنى في قراراتي المصيرية وأن أشاور .... وأشاور .... وأشاور .... القدرات وهكذا .. يبقى المستقبل واختياراته متعلقة بقرارات اليوم ، التي يجب أن يتم اختيارها وفقاً لرؤى مركزة ودقيقة ، بعيداً عن تدخلات الأسرة أو الأصدقاء ، أو حتى المتطلبات المادية ، فالتخصص المتلائم مع الرغبات والميول بل والقدرات الذاتية والشخصية للفرد هو من يجب أن يكون معياراً لاختيار التخصص الجامعي والمستقبلي .