شهدت الفترة التي تلت الثورة اليمنية تسارعاً مطرداً نحو الانفتاح والتعليم والتحديث في نواحي الحياة المختلفة المادية واللا مادية بمقاييس عقد الستينيات وبدأ المواطن يتطلع ويطمح دوماً إلى الأفضل حتى تصبح أهداف الثورة حقيقة وشقت الثورة طريقها المتعرج في البداية بعد أن رأى اليمنيون النور وتزايد وعيهم وأدركوا حقوقهم والنفس البشرية تطمح دوماً إلى الأفضل حتى تتوج ذلك بالعهد الوحدوي الديمقراطي الحالي بما اعترضه في البداية أيضاً من تحديات فكانت الوحدة اليمنية هدف نهائي وموحد ومتفق عليه في المجتمع اليمني مقترناً بالديمقراطية رغم تباين الاتجاهات في كيفية سلوك هذا الطريق. ولما أعلن قيام دولة الوحدة في 22مايو 1990م وشكلت حكومة حيدر أبوبكر العطاس أول حكومة بعد قيام دولة الوحدة من مايو 1990م – 1993م وكانت التوقعات أن تكون دعامة أكيدة لصرح الديمقراطية المرتكزة على أساس شعبي والمؤيدة بشرائح عريضة في المجتمع وذلك يعني قوة اجتماعية تحمي التجربة وترفض العودة إلى ما كان الوضع عليه سابقاً ولكن ذلك عائد بالدرجة الاولى إلى مستوى التوقع لدى الإنسان اليمني فهو يتوقع من قيام الوحدة والديمقراطية تحسن الأوضاع الأمنية والمعيشية وطي صفحات الماضي وصعوباته حيث مرت اليمن قبل الوحدة بفترات محن ومآس عديدة تمثلت في الاستعمار والحكومات السلطوية والحروب الأهلية التي ألقت بظلالها القائمة على المجتمع وعانى منها الإنسان اليمني كثيراً حتى أصبح يتوق إلى ذلك اليوم الذي يعيش فيه حياة آمنة مستقرة لينعم فيها بظروف أمنية واقتصادية جديدة وتبدت الديمقراطية والوحدة كبريق أمل وحل سحري لكثير من المآزق وأن في هذا الدعامة أكيدة لصرح الديمقراطية المرتكزة على أساس شعبي لكن الفترة الانتقالية أدت إلى كثير من التعقيدات والاشكاليات بل والأزمات ففي الفترة الانتقالية وفي ظل حكومة العطاس تضخم جهاز الخدمة المدنية دون وجود مصلحة عامة تستدعي ذلك التوسع الذي جاء للأسباب التالية : 1 تحقيق مواقع نفوذ للأحزاب المشاركة في السلطة. 2 مكافآت لبعض العناصر القيادية أو القاعدية 3 عملية توظيف لتوازن القوى بين أطراف السلطة 4 جذب الأصوات للتأييد. ترتب على ذلك نتائج سلبية ركز عليها غير المشاركين في حكومة العطاس أهمها : 1 وجود بطالة مقنعة الأمر الذي ترتب عليه زيادة الاتفاق الحكومي دون عائد استثماري اقتصادي أو اجتماعي ما يزيد العبء على الميزانية في جانب العجز. 2 انعدام الكفاءة الوظيفية واتخاذ المعيار الحزبي معياراً للتوظيف. 3 خلق شعور سلبي إزاء تدني درجات الخدمة المقدمة للمجتمع الناتج من عدم الكفاءة في التوظيف لمجرد عدم انتمائه لجهة معينة وهو ما ركزت عليه صحافة الفترة الانتقالية المعارضة. 4 عدم تكافؤ الفرص للأحزاب الأخرى وخروجها من دائرة توسيع النفوذ بحكم موقعها خارج السلطة. وبقيت مخلفات التشطير في بعض جوانبها إلى جانب قضايا معلقة أو شبه معلقة وعم التفاؤل بأول انتخابات عامة نيابية في 27 ابريل 1993م بعد فترة انتقالية تشكل فيها مجلس نواب من أعضاء مجلسي الشعب والشورى وما صدر عنه بالضرورة كان معبراً عن مسار السلطة القائمة آنذاك رغم مشاركة نخبة من المعنيين في هذا المجلس. حرب صيف 94 وعقب الانتخابات النيابية 1993م بقيت نزعة التقاسم مسيطرة على الطرف الأقل أصواتاً فيها وجاءت حرب صيف 1994م لتهد سقف الأزمة وحينها امتحن صبر الشعب اليمني وأهليته للدفاع عن الوحدة والديمقراطية وحماسه الواعي لبناء دولة النظام والقانون وسط متغييرات دولية وإقليمية رمت بظلالها على الاقتصاد اليمني قبل الحرب كعودة مئات الآلاف من المغتربين في الخليج إلى رصيف البطالة وتبقى حكومة العطاس للفترة من 93 - 1994 مجرد ذكرى لأجواء مرحلة ثانية من التأزيم والأزمات. حكومة المهام الصعبة حكومة إصلاحات شكلها الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني بعد الحرب من 1994 – 1997م : عملت هذه الحكومة على وقف الانهيار الاقتصادي الذي بات وشيكاً عقب الدمار الهائل الذي خلفته حرب صيف 1994م وجسدت جوهراً التزم به فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وشمل إصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والإدارية وقد عملت هذه الحكومة على تجاوز المشكلات الصعبة ومحاصرتها وجاء الاحتفاء بيوم الديمقراطية في 27 ابريل 1997م في أجواء من الاستقرار والتطلعات لكون الطريق لاستكمال بناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على المشاركة الشعبة وتجذر التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة أصبح أكثر أمناً. فقد أدى التطور في إطار التعددية إلى مناخ أفضل لانتقال مشروع المجتمع المدني إلى صيغة أكثر تقدماً حيث بلغ عدد الجمعيات والنقابات والمنظمات الجماهيرية والخيرية إلى ما يزيد عن (4000) فعالية وتوالي التطور في السنوات اللاحقة حيث عملت الدولة والحكومة على تعزيز دور المرأة ومكاسبها في ظل دستور وقوانين دولة الوحدة وأنشأت عدداً من الأجهزة المعنية بتنفيذ الاستراتيجية العامة المتعلقة بشئون المرأة التي انشئت عام96م 15 مايو 1997 وواصلت حكومة فرج بن غانم في الفترة من 15مايو 1997م تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والإداري والاقتصادي ووضع الخطط والاستراتيجيات وتنفيذ الاستراتيجيات القائمة وأعمال القوانين التي تطورت منذ بداية عهد الوحدة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. 14 ابريل 2001 وتولى عبدالقادر باجمال تشكيل الحكومة مرتين في الفترة من 4 ابريل 2001 - 2003م) ثم في مايو 2003م في هذه الفترة شهدت اليمن طفرة على صعيد استكمال بناء الدولة الحديثة وتحقيق مزيد من الديمقراطية بإرساء نظام السلطة المحلية ومجالسها المنتخبة ونجاح متكرر للانتخابات العامة والمحلية والعمل على مواصلة بناء هياكل الاقتصاد الوطني والتوسع في خطط وبرامج التنمية في مختلف المجالات وخاصة في مجال شبكة الطرق حيث ضخت الحكومة مليارات الريالات على المشاريع في هذا المجال وتم التوسع في مجالات البنية التحتية في التعليم العام والتقني والعالي بشكل غير مسبوق. وبناءً على تحقيق الهدف الاستراتيجي العظيم في 22 مايو 1990م تحققت الانجازات في الجانب المادي وغيره على الصعيد الداخلي كما أولت الدولة والحكومات المتعاقبة في ظل الوحدة والديمقراطية الاهتمام بكل ما يعطي هذا المنجز الديمومة والاستمرار لضمان تأييد الأطراف الدولية والعربية فقد بذلت القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح جهوداً عظيمة على كافة المستويات الوطنية والعربية والدولية خلقت الاجماع الوطني والعربي والدولي الداعم والمؤيد لدولة الوحدة منذ إعلانها وفوتت كل الظنون والشكوك التي كانت تتطلب وقتاً وجهداً كبيراً بفضل حكمة فخامة الرئيس وجهوده منذ إعلان الجمهورية اليمنية بل وقبلها إذ كانت النظرة للمستقبل فاحصة ووفق ضرورات اقتران الوحدة بالديمقراطية والتي جسدت رؤية عقلانية وخلاصة حكمة إذ شكلت الديمقراطية حماية حقيقية للنظام السياسي الجديد في إطار الجمهورية وسياج منيع لصون الوحدة وتعزيز مساراتها حيث وجد التوجه الجديد بما حمله من نظام تعددي وصيانة حقوق الإنسان ترحيباً كبيراً من مختلف بلدان العام كما وجد دعم ومناصرة من البلدان الديمقراطية والمنظمات الدولية المعنية بالشأن الديمقراطي وحقوق الإنسان لاسيما وان اليمن وقعت على عدد كبير من الاتفاقيات والمواثيق الدولية في هذا الشأن وأدارت علاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء على أسس أخوية وديمقراطية عجلت بتحقيق نجاحات في معالجة مشاكل الحدود مع الجيران واحتواء الأزمات من خلال التحكيم الدولي مثل قضية الجزر مع اريتريا مما اكسبها احتراماً اكبر من العالم وهو ما نرى تجلياته اليوم في دعم وحدة اليمن وأمنه واستقراره كما ان ذلك يمثل انعكاساً لقدرة الدولة بعد صيف 1994م على تحقيق نجاحات رغم إرث العهود السابقة وفترة التقاسم. فأصبح من الانصاف القول بأن الثاني والعشرين من مايو ثورة وطنية اقترنت بالديمقراطية والتنمية الشاملة تحققت في ظله نجاحات كبيرة في ترسيخ الديمقراطية وتحديث البناء المؤسسي وانجاز مشاريع استحقت وصف عملاقه رغم بقاء تحديات ومهام مستقبلية لمواصلة البناء والإصلاحات وها هي حكومة الدكتور علي محمد مجوَّر تواصل العمل في تنفيذ برنامج فخامة الرئيس الانتخابي وسط أجواء اتسمت بتحديات أمنية جراء أعمال يقوم بها الخارجون عن القانون والوضع الذي عاشته بعض المناطق في شمال الوطن. وأدى إلى حروب ضد المتمردين الحوثيين وأزمة سياسية بدأت تنحل عقدها مؤخراً باجتماع الأطراف السياسية سلطة ومعارضة على طاولة الحوار. وهذا الأخير هو في عهد السلال إلى اليوم والذي أرساه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بحكمة واقتدار.