أكد الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح, المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية أن التنوع في إطار الوحدة هو شعار كثير من الشعوب المتقدمة ثقافياً وحضارياً, وهذا الجزء يمثّل بعض ما يجب أن يتنبه له المثقفون العرب الذين يبدو أن غالبيتهم لم يتفهموا بعد معنى الاختلاف إلا على أنه خلاف, ولا التنوع إلا على أنه تفريط في مقومات الثقافة العربية وواحديتها. مشدداً خلال افتتاحه أمس لندوة “اليمن في المشهد الثقافي .. الثابت والمتغير” التي نظمتها المنظمة اليمنية للثقافة في قاعة مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء على أن المثقف إذا كانت تحاصره دائماً وتتحداه مشكلة الولاء لوطن وأسرة وجماعة وثقافة فإن ذلك لا يمنعه ولا يحول بينه وبين أن يكون إنساناً متحرراً من العنصرية ورافضاً الانعزال بنفسه وبثقافته داخل أسرته أو جماعته. قائلاً: لابد أن يكون المثقف عصياً على الانغلاق وفي الوقت نفسه عصياً على الذوبان والاستلاب السهل.. لافتاً إلى أن مستقبل الثقافة العربية يتوقف على قدرتها على استيعاب الحداثة والانفتاح على التنوع الإنساني والبحث عن مناطق اللقاء والتشارك ومواجهة التحديات العولمية الهادفة إلى طمس الهوية والتنوع ومحو الثقافات الأخرى. مؤكداً أن مواجهة التيار العدواني في العولمة لن يكون بالانكفاء ومحاربة التعددية الثقافية بل بالمزيد من التواصل مع الثقافات الأخرى والانفتاح على التنوع القائم داخل كل ثقافة, وإثراء هذا التنوع والحفاظ عليه لرفد الثقافة الأم وتطوير مكوناتها التاريخية وربطها بروح العصر ومستجداته. كما أشار المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية في الندوة التي دارت في أربعة محاور رئيسية حول التفاعلية الثقافية اليمنية المعاصرة, والقرصنة الثقافية ما بين العرف والقانون, ومفهوم التعددية الثقافية, وكذا قضية الثقافي والسياسي في الزمن العربي إلا أن حال الثقافة العربية لم يختلف عن حالها في بداية القرن العشرين على الرغم من اجتيازها القرن الحادي والعشرين.. لافتاً إلى أن المياه التي مرت من تحت الجسور والكتابات والندوات والأبحاث العلمية التي ملأت نتائجها المخازن والأرفف فما تزال الثقافة في قضية مسلمات تجعلها تزداد فقراً وحضوراً وبُعداً عن التأثير المطلوب في مشهد الحياة اليومية لعدد من الأسباب التي يأتي في مقدمتها تمسكها بواحدية النظرة وعزوفها عن أن تكون ثقافة نقدية تحترم الاختلاف وتناقش بحرية كل القضايا المطروحة على الساحة من منظور قديم جديد من أجل صنع ثقافة وطنية وعربية منفتحة على الآخر وغير منكفئة على ما لم يعد ذاتها وجوهرها.. كما واصلت الندوة مناقشة محاورها من خلال أوراق العمل التي بدأها أولاً الدكتور عمر عبدالعزيز, رئيس المنظمة اليمنية للثقافة بورقة عمل بعنوان “التفاعلية الثقافية اليمنية المعاصرة”. أكد من خلالها أن العولمة أفرزت متغيرات ثابتة ومتغيرة بمفهوم تفاعلي لا يقف عن حدود ثقافة معينة مما يستدعي تعزيز مفهوم القبول بالآخر على قاعدة التوازن المنطقي للآتي والمستقبلي.. وعرضت الدكتورة آمنة النصيري ورقة عمل بعنوان “الثقافي والسياسي في الزمن العربي” أشارت من خلالها إلى متطلبات التغير من منظور التنوع الثقافي والتأثير المطلوب من خلال بوابة الثقافة القادرة على تحديد ملامح الواقع ورسم صورة التأثير الثقافي. كما أكد الأستاذ قادري أحمد حيدر في ورقة بعنوان “نحو مفهوم التعددية في الثقافة وخطورة تجزئة الهوية اليمنية ومحاولات الحديث عن الأصل العرقي للمجتمع وتنمية ثقافة الفتنة من خلال رسم خارطة تفكيكية وإعادة انتاج مفهوم جديد للتفرقة للمجتمع الواحد من خلال سايس بيكو جديدة بشروط عولمية جديدة”.. وتناول الدكتور علي الجمرة من خلال ورقة عمل بعنوان “القرصنة الثقافية ما بين العرف والقانون”, قضية السرقات الأدبية والقرصنة على الفكر الإنساني وخطورة هذا الأمر الذي يحاول إضفاء ملامح ثقافات أخرى على ثقافة الأصل وتمييع التنوع الثقافي بأسلوب آخر من الفكر المضاد.