أبين.. مقتل شاب بانفجار عبوة ناسفة في لودر    مكتب الصناعة بشبوة يغلق ثلاث شركات كبرى ويؤكد لا أحد فوق القانون "وثيقة"    مصرع 54 مهاجرا افريقيا وفقدان العشرات قبالة سواحل ابين    انصار الله يستنكر انتهاك المجرم بن غفير للمسجد الاقصى    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    عدن.. البنك المركزي يوقف ويسحب تراخيص منشآت وشركات صرافة    المعتقل السابق مانع سليمان يكشف عن تعذيب وانتهاكات جسيمة تعرض لها في سجون مأرب    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    ابوعبيدة يوافق على ادخال طعام للاسرى الصهاينة بشروط!    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    اجتماع للجنتي الدفاع والأمن والخدمات مع ممثلي الجانب الحكومي    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس بحجة    بدلا من التحقيق في الفساد الذي كشفته الوثائق .. إحالة موظفة في هيئة المواصفات بصنعاء إلى التحقيق    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    مونديال السباحة.. الجوادي يُتوّج بالذهبية الثانية    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    وكالة الطاقة تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    العسكرية الثانية بالمكلا تؤكد دعمها للحقوق المشروعة وتتوعد المخربين    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    مجموعة هائل سعيد: نعمل على إعادة تسعير منتجاتنا وندعو الحكومة للالتزام بتوفير العملة الصعبة    عدن .. جمعية الصرافين تُحدد سقفين لصرف الريال السعودي وتُحذر من عقوبات صارمة    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    خيرة عليك اطلب الله    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    مليشيا الحوثي الإرهابية تختطف نحو 17 مدنياً من أبناء محافظة البيضاء اليمنية    الشيخ الجفري: قيادتنا الحكيمة تحقق نجاحات اقتصادية ملموسة    طعم وبلعناه وسلامتكم.. الخديعة الكبرى.. حقيقة نزول الصرف    شركات هائل سعيد حقد دفين على شعب الجنوب العربي والإصرار على تجويعه    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحذر من اختفاء أوكرانيا كدولة    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنابي.. تراث الأجداد يقتله الأحفاد
اليمن السعيد .. فلكلور فريد
نشر في الجمهورية يوم 04 - 04 - 2011

يذهب معظم المؤرخون أن الحضارة اليمنية من أقدم الحضارات الإنسانية والمعمارية في العالم الضاربة في التاريخ نحو سبعة آلاف عام نضح اليمنيون خلالها ما أمكنهم من إرث ثقافي وفني وبصري وفلكلوري فريد, كما وفتحت مدنهم العامرة بالفن والرقي والمدنية ذراعيها للقادمين لكل جميل قادم من تراث الأصقاع المحيطة باليمن السعيد , مع الاحتفاظ والتجديد بالأصيل والمتجذر بأنماطه المتناغمة مع المناخ والحدث والفكر اختزله اليمنيون في مدنهم في قوالب حضارية بالغة الرقي والجمال والاعتراف بالآخر في صور تنوع العادات واللهجات والأزياء والحلي ولوازم الفرح والحزن والحب .. هذا الملف يسبر أبرز تلك اللوازم الجمالية والدلالية كالفل والبخور والجنابي في هذا الملف وتأجيل الحديث عن العقيق اليماني لنشر لاحق كونها ترسم ملامح لكينونة الإرث اليمني البصري والفلكلوري بالغ الخصوصية والتفرد وتنقله إلى العالم بسلاسة منذ الوهلة الأولى :
ما أن يظهر رجل يمني على قناة فضائية إلا ويدرك هويته العالم بأنه يمني , هذا التفرد وتلك الخصوصية لم تأت إلا من قوم اتصلت جذورهم الحضارية بسحيق الزمن وتمسكوا بتراثهم جيدا حتى الساعة , فالجنبية هذه المعشوقة الممشوقة ما اتفكت تشغل حيزاً عظيم الشأن في وجدان اليمني من ناحية وما تضفيه على شخصيته لمن حوله كبطاقة تعريف , ناهيكم عما تلعبه صناعة الجنابي من دور اقتصادي وثقافي بالغ الأثر والتفرد لدى العاملين في صناعتها وبيعها , هذا التحقيق يسبر أغواراً أخرى تكشف أسرار الصناعة وجذورها وروادها ومصادرها وأنواعها ومخاوف زوالها وكينونتها العريقة :
تاريخ
- تشكل الجنبية جزءاً من خصوصيات ومكونات هيئة الرجل اليمني وهيبته منذ القدم كما هو واضح في تماثيل ومنحوتات التاريخ السبئي والحميري .. فهي تضفي عليه نوعاً من الاكتمال الرجولي كما هو شائع في العرف الاجتماعي .. وأيضا موقعها التاريخي الطويل من تراتيب الزي اليمني .. ودلالتها على عراقة الأسرة اليمنية كونها زينة وسلاحاً ثميناً متوازناً وكلما زاد عمرها ازدادت قيمتها ووجاهة من يمتلكها كشخصية اجتماعية تنسب لأسرة عريقة .. فهناك مقولة تقول: (الرجل اليمني أغلى رجل في العالم).
ففي صدره جنبية تتجاوز قيمتها 2 مليون ريال وفي حال تعرضه لمصيبة يمكنه بيعها أو رهنها للحصول على المال اللازم الذي يخرجه من المأزق).
وسيلة
وهي وسيلة دفاع أولى عن النفس كسلاح أبيض فتاك وهي الوسيط لحل النزاعات .. حيث تبرز كعنوان للوجاهة والاعتراف بالخطأ أو الإقرار بالمشكلة التي تطلب عدلاً مفوضاً للسماع لطرفي النزاع والحكم فيه بموجب (العدال، الجنابي) التي تدل على الرضا بما يحكم والقبول بمنطوقه.
وجاهة
يرى البعض أن الجنبية تضفي على صاحبها قدراً من الوجاهة جاءت كعادة اجتماعية متوارثة يرجع أصلها إلى ثمن الجنبية ومكانتها العالية لدى ممتلكات الشخص , كما ويلعب نسبها في سعرها ووجاهة من يمتلكها في حال انتقلت ملكيتها إليه من شخص ورثها عن أب , عن جد رفيع المقام .
وعن مخاوف تلاشي اقتناء الجنابي وبالتالي صناعتها في اليمن يشير الأخ فؤاد المجاهد أحد صناع وباعة الجنابي في تعز أنها لا زالت سارية بل هناك تطور وتمسك كبير بهذه العادة الاجتماعية والقبلية ، فالجنبية عنوان لمكانة الرجل الاجتماعية .. فأول ما يدخل الرجل أي مجلس (في المجتمع اليمني) تتجه أبصار الناس إلى صدره وإلى موضع رأس الجنبية (قرن النصلة) لكن في البلدان الأوروبية تتجه الأنظار إما إلى ربطة العنق (الكرفته) أو إلى الجزمة أو التسريحة أو أي شيء آخر من مفردات الموضة .. ومن هذا المنطلق .. يحدد نسب ومكانة الشخص .
أشهر الجنابي
وهل اشتهرت جنابي معينة ونسبت إلى شخص أو أسرة أو قبيلة؟
هناك جنابي مشهورة بنسبها إلى قبيلة أو إلى شخصيات اجتماعية مرموقة توارثتها المشيخة أو الوجاهة وتكون هذه الجنبية جزءا من مكونات وسمات شخصية صاحبها .. ولعل أبرز ما سمعت به في صغري هو أن أشهر جنبية هي جنبية (راجح بن سعد) وهو شيخ مشائخ اليمن من مشائخ حاشد .. وكانت من أشهر الجنابي اليمنية.
ويقال إنه (أي راجح بن سعد) في نهاية عمره قال: (أخشى أن يفتتن الورثة من أولادي على الجنبية)، فأهداها للإمام يحيى ، وهذا ما نعرفه .. وهناك جنابي أخرى مشهورة تنسب إلى بيوت يمنية مختلفة .. كجنبية بيت زهرة، جنبية بيت العاضي ، جنبية بيت الأحمر (جنبية الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر) وجنبية الإمام شرف الدين المتوكلي والناصري وغيرهم.
صناعة الجنابي
- حالياً .. ما واقع صناعة الجنابي كمهنة ، ومن أين اكتسبت احتراف هذه المهنة؟
- ما زالت مهنة صناعة الجنابي قائمة ومزدهرة بمختلف أجزائها .. فمهنة صناعة الجنبية لا تقتصر على شخص يفتح مشروعاً صغيراً للجنابي فهي متشعبة فهناك من يصنع رأس الجنبية ( القرنِِ ) ومنهم من يصنع النصال (الخنجر) .. ومنهم من يقوم بحياكة وصناعة الأحزمة .. وبالتالي فهي مهنة واسعة تشغل الآلاف من الأيدي العاملة ومهنة بحاجة إلى دعم ورعاية الحكومة ..
وبالنسبة لمهنتي فهي تقتصر على صناعة رؤوس الجنابي وصناعة وصقل النصال المتميزة ذات الجودة العالية وفق المعايير الأصيلة الموروثة فقد اكتسبت هذه المهنة من والدي وأعمل فيها منذ طفولتي .
رواد الصنعة
كنت قد التقيت سلفا في سوق الجنابي بصنعاء القديمة شاب يدعى محمد العزيري نجل عاقل سوق الجنابي هنالك وأخبرني أنها مهنة متوارثة ، وقد أدى التوارث إلى شهرة أسرتهم ( بيت العزيري ) في صناعة الجنابي منذ دخول الجد الأول العزيري صنعاء القديمة قبل ألف سنة .. وكان أصله من حاشد من بيت العزيري في عمران .. هاجر إلى صنعاء واحترف مهنة الجنابي فتوارثها أبناؤه وأحفاده أباً عن جد وخلفاً عن سلف، وصارت بعض الجنابي تنسب الآن باسم الجنبية العزيرية، حيث استطاعوا تطوير بعض جوانب صناعتها من خلال الخبرة الطويلة والاستفادة من التقنية الحديثة .. فتجد أن جنبية بعمر 25 سنة تعادل جنبية بعمر 400 سنة .. والإشارة هنا إلى أن صناعة الجنبية تقدمت .. فهناك جنابي بيعت قبل خمس وعشرين سنة ب 5000 ريال وب 10000 ريال يدفعون بها الآن ملايين.
مسميات الجنبية
ما هي مسميات الجنبية وتحديداً رأس الجنبية (المقبض)؟
- من مسميات الجنبية: الرأس الأسعدي وهي النوع الحديث من حيث الصنع الذي مر عليه فترة قصيرة من تاريخ صناعته .. وسميت بالأسعدي نسبة إلى أحد المشاهير في اليمن في صناعة الجنابي يقال له (أسعد).
أما الصيفاني فهي التي تجاوزت مئات السنين وتفوق الثلاثمائة سنة .. وسميت باسم صانعها من بيت الصيفاني فالمسميات هنا تدريجية.. والآن توجد الجنبية العزيرية نسبة لجدنا الذي ذكرته سابقا .. إلى جانب مسميات أخرى كالكرك المصنوع من قرن الثور والمصنوع من ناب الفيل وهو نادر ما يستخدم لصلابته وصعوبة تشكيله ونحته.
أنواع الجنابي
وماذا عن أنواع الجنابي بالنسبة للشكل وما تفضله المناطق؟
- هناك الجنبية المفتوحة ذات الرأس المقرن باتجاهين ويفضلها أبناء حاشد وتسمى أحيانا الحاشدية ، وهناك (الدبعا) خفيفة التقرين ويفضلها أهل خولان وبني حشيش .. وهناك المربوعة ويفضلها أبناء صنعاء وبعض المناطق الجبلية.. لكن هناك تسميات أخرى تتعلق بمناطق صناعتها مثل الجنابي الماربية والحضرمية والبيضانية والحريبية وتتميز النصال أو الجنابي الحضرمية بالعراقة والرصانة في شكل رأسها وجوهر نصلها .. وهذا راجع إلى ما تميز به الحضارم من تاريخ تجاري إلى الهند والصين والشرق الأقصى حيث كانوا يجلبون أجود الحديد الذي تصنع منه النصال، وأجود قرون وحيد القرن من الهند وما جاورها بالإضافة إلى مهارتهم في الجانب الصناعي.. وهناك مناطق لا يرى في الجنبية جدوى إذا لم يكتمل رأسها ونصلها .. أي تكون (سلتها) جيدة حادة وفتاكة .. ومنهم من يهتم بالنصل فقط دون الرأس .. ومنهم من يهمه منظر الرأس القرن دون النصل .. وهكذا.
النصل الحضرمي
كل حديثنا السابق يدور حول مقبض الجنبية أو قرنها .. ماذا عن صناعة النصل الحديدي اللامع أو المصقول؟
- النصل الحديدي و(العسيب) غلاف الجنبية أو غمدها وكذلك الحزام .. هذه مراحل مكملة لصناعة الجنبية؛ فنصل الجنبية عبارة عن قطعة معدنية حديدية حادة وتكون على شكل مثلث طويل منحني في وجهيها خط مجوف للأعلى ، ومن أنواع النصال الحضرمي والجوبي ، والعدني، والزنك، والمبرد، وتلعب النصلة دوراً كبيراً في تحديد قيمة الجنبية، وأبرز مناطق صناعتها رداع وصنعاء ، وذمار وحضرموت وغيرها من المدن اليمنية.
وتتم صناعتها بطرق يدوية هي الطرق والسحب والصقل والتلميع ولتثبيت الرأس بالنصل يتم صب اللحام الذي يتكون من اللبان والرماد والزيت في مبسم الجنبية وهو الذي يربط بين الرأس والنصل ويصنع عادة من الفضة .
الغمد
أما الغمد أو العسيب أو ما يسمى بجراب الجنبية فيصنع من خشب العشار - أو الطنب- وغيرها، والأغمدة نوعان حاشدية ، وتشبه حرف اللام .. وبكيلية وتشبه حرف الراء وهو ما يسمى (بالتوزة) ويقتصر لبسه على القضاة والعلماء.
الأحزمة
أما الأحزمة التي تظهر من خلالها قدرة اليد العاملة اليمنية التشكيلية والإبداعية فتتعدد أنواعها فمنها الأحزمة المتوكلية والكبسية والطيرية والمركزية والمرهبية وغيرها وغالباً ما يتم حياكتها وتجهيزها في معامل في البيوت ثم إخراجها للسوق. وفي السنوات الأخيرة طغت المكائن الكهربائية لزخرفة الأحزمة وبالمقابل تراجع المشاغل اليدوية وندراقتناء الخيوط الذهبية والملونة الممتازة إلا بحسب الطلب وبالسعر المكلف الذي قد يصل إلى ثلاثين ألف ريال . بينما يتدنى ثمن الحزام المعمول ميكانيكياً إلى ألف ريال فقط.
مصادر القرون
ومن أين يجلب هذا القرن؟
- هذا لا يوجد في اليمن وإنما يوجد في قارة افريقيا وكان يأتي بصعوبة في السابق ، حيث كان أكثر المهاجرين يتجهون إلى القارة الافريقية من الجزيرة العربية ومن اليمن تحديدا وعندما يسكن هناك عدة سنوات يعود إلى اليمن ولا شيء أثمن أو أغلى كهدايا من قرن وحيد القرن فكانت تدخل كميات كبيرة .. ومنه تم صناعة قرن الجنبية (المقبض)، ولا يستخدم لهذا الغرض في الدول الأخرى لأن الجنبية خصوصية يمنية ، وإن كان يستخدم كمقابض للسيوف والخناجر والأواني أو أواني خاصة بالملوك نظرا لسره العظيم حيث تدور حوله قصص كثيرة ومنها امتصاص السم من إناء الطعام.
جاذبية
الهذا فقط تم اختيار وحيد القرن في صناعة مقبض الجنبية؟
- ليس لهذا السر فحسب بل جماله واستمرار رونقه وسحره وازدياده مع تقادم عمره فكلما طال عمره وزاد تلميعه بالغبار الناعم مثلاً كلما زاد نصوعا وشفافية وظهورا لعروقه أو خلاياه الداخلية الشفافة.. ويرجع هذا الاستخدام إلى آبائنا وأجدادنا القدماء فنحن نواصل هذا الاستخدام دون البحث عن علة كهذه .. وإنما أقرب تعليل هو جمال وجاذبية ورونق هذا النوع من قرون الحيوانات وهذا أقرب التفاسير.
اتفاقية دولية
وهل تستطيعون الآن استيراد قرن وحيد القرن أم أنه محظور؟
- أنه محظور حاليا لأن اليمن صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية حيوان وحيد القرن من الانقراض والتي بموجبها يحرم اصطياده .. وبالتالي فنحن لا نعمل ولا نستخدم إلا الأجزاء المتبقية والنادرة الوجود هنا أو هناك إلى جانب عملنا على إعادة إصلاح ومعالجة رؤوس الجنابي الأصلية وبيعها.
ونتمنى من الحكومة أن تطالب الجهات الدولية القائمة على هذه الاتفاقية بالسماح لليمن بالحصول على كمية معينة سنويا أسوة بالصين وتايلندا ودول أخرى تحصل على كميات هائلة من هذه السلعة الثمينة .. وربما بعض الدول مرفوع عنها حظر اصطياد وحيد القرن.
مشاكل البيع والشراء
ما المشاكل التي تواجهكم في بيع وشراء الجنابي ؟
- نحن لا نشتري إلا بضمين وقد حصلت كثيراً من القضايا ووصلنا للمحاكم ولكن للأسف ، رغم احضارنا للضمين والشهود وأحيانا البائع الذي اشترينا منه .. لم ينفع هذا فقد وقعنا ضحية بأن سلمنا الجنبية لصاحبها المدعي وظلت القضية معلقة ونحن الخسرانون في كل الأحوال لأن أصعب شكوى أو مشكلة هي التي تتعلق بالجنابي لأن هناك جنبية بخمسمائة ريال .. وجنبية ب30 مليون ريال وقد ساهم عدم وعي المواطنين ومعرفتهم بالمغالطين في تزايد الظاهرة.
وقد حذرنا أكثر من مائة مرة بعد الشراء من أي بائع متجول، وكذلك حذرنا المواطن أن لا يخرج جنبيته في مكان عام أو يبايع بها .. لكن من يوصل رسالتنا.
غياب القانون
كيف يتم اكتشاف الجنابي المغشوشة؟
- هذه العملية سهلة ولا تصعب على أصحاب المهنة فكلٌّ في مهنته سلطان، فعملية الغش كما ذكرت لك سابقا تتم من خلال التمويه وعمل ثغرات بواسطة الإبرة والذي ما يعرف الصيفاني الحقيقي يوهم بأن هذا القرن هو الصيفاني، لذا نحن ندعو الدولة إلى الالتفات بجدية للباعة الجوالين والنشالين ومعاقبتهم ، ونطالب الحكومة بوضع قانون ينظم هذه المهنة ويجرم كل من يمارس عملية الغش والمغالطات وإلزام الباعة المتجولين بعمل ضمانات كافية أو محلات معروفة حتى لا تتكرر وتتوسع هذه الظاهرة وتعصف بالمهنة.
غش
ما هي الطرق أو الخصائص التي من خلالها تتعرفون على ملامح الجنبية الأصلية؟
- ملامح الجنبية لا تتطلب إلى طرق علمية بل تتطلب إلى خبرة في الجنابي القديمة .. فالجنبية الأصلية تعرف بقدمها والمادة المصنوعة ونحن نتحدث عن رأس الجنبية- من قرن وحيد القرن ، وهو أضخم وأغلى حيوان .. وقرنه سلعة صارت أغلى من الذهب بل محضور الحصول عليه.
عصابات
لكن تنتشر الآن وخصوصا في السنوات الأخيرة- عصابات الغش والتزوير بل والمغالطات في الجنابي وهذه القضايا واضحة وقد وقع ضحيتها مواطنون كثر .. بالذات في صنعاء القديمة .. كيف تفسرون ذلك؟
- هذه الظاهرة صارت خطراً يهدد المهنة وينزع الثقة من أصالة الجنابي .. خصوصا وأصحاب الخدع والمغالطات محترفون ليس في التقليد من خلال الصناعة لرؤوس الجنابي من مواد بلاستيكية ولحام بارد أسود صناعي واستخدام ألوان وهمية وتخطيط القرن بالإبرة وعمل ما يشبه الشعرة بل محترفون أيضا في إقناع الناس بالمبادلات .. حيث يقومون بالاحتيال على أي مواطن مستوى وعيه متدنٍ ولا يفهم جوهر الجنبية التي يملكها فيقوم بمبادلة أو بيع الجنبية التي مظهرها صيفاني ، وهذا أوقع ضحايا كثر .. وقد وقعنا نحن ضحية هذا النصب ليس بشراء جنابي مغشوشة بل جنابي أخذت من مواطنين بالطريقة المذكورة ، وبعد أن نشتريها يظهر غريم يطالب بها، بعد معرفتها.
تزوير الصيفاني
- وللاقتراب أكثر بغرض التوضيح يكشف الأخ فؤاد المجاهد أخطر أسرار تزوير الجنابي بعد أن استل كاتب السطور جنبيته المقلدة بالنمط الصيفاني , التي اشتراها قبل عام بخمسة آلاف ريال يومها طار من الفرح واليوم كشفها فؤاد بأنها مجرد خشب مطلي بمعجون اللحام البارد مضاف عليه لون قريب من لون القرن الصيفاني وبعد الصنفرة اتعرضت لكشوط برأس الإبرة في وسط القرن خاصة لتظهر الكشوط كأنها خلايا قرن وحيد القرن , وبالطبع يصعب على الشخص العادي اكتشاف ذلك دونما التأكد عملياً من خلال خلع جزء من ظهر الرأس المستور من منطقة ماتحت الحلية الفضية أو المعدنية المستديرة .
- يضيف الأخ فؤاد : أعترف بأننا مارسنا هذا التقليد لشكل الجنابي الصيفاني بغرض بيعها لمن يهمهم يلبسوا والسلام وبما لايزيد عن (5) آلاف ريال لكن للأسف استغلها بعض الباعة المتجولين ببيعها على أنها صيفاني أو عزيري بأثمان تبلغ نصف مليون , إضافة إلى أن أحد الورثة مثلاُ يأتي بجنبية والده أو جنبية أي ضحية آخر ممن يعرفهم ويدفع لبعض ضعفاء النفوس من زملاء الحرفة مبلغ 10 20 ألف ريال للحصول على نسخة مطابقة مزيفة ثم يسرق الأصلية ويبيعها بمليون أو أكثر أو أقل ويعيد لصاحبها المزيفة , وبعد أن بدأت تنكشف ألاعيبهم عاهدت الله أنا وأشقائي على ترك حرفة تقليد الجنابي االصيفاني وزرقنا على الله , حتى لانتسبب بظلم أحد دون أن نشعر .
جنابي الصين
إلى جانب خطورة الجنابي المزورة تتجلى مشكلة أخرى تهدد أصالة الجنبية اليمانية برمتها حسب الحرفي فؤاد المجاهد , وهو الافراط في استيراد الجنابي ذات الرؤوس البلاستيكية برتقالية اللون في الغالب وهي الواصلة من معامل في الصين يستوردها التجار بكميات مهولة نتيجة رخص ثمنها البالغ 2 4 دولار فقط والتي انخدع الكثيرون بها واشتروها بأكثر من ذلك رغم سذاجتها ولونها وخامتها البلاستيكية الحقيرة .
الجمارك
هاتفنا الأخ محمد عبدالله عثمان مدير جمرك محافظة تعز لمعرفة المزيد , فأجاب : كنا في السابق نسمح بجمركتها لغياب قانون خاص يحظر استيراد الجنابي لكننا هذا العام منعنا ذلك تلبية لسماعنا عزم وزارة الصناعة والتجارة سن قانون يحظر دخولها البلد كونها تهدد الصناعة التقليدية للموروث اليمني غير أننا رسمياً لم نتلق تعميماً مؤكداً ومدعماً بنص قانوني صريح للجنابي بالتحديد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.