سبق لي زيارة محافظة البيضاء قبل ثلاث سنوات وخلال الأسبوع الماضي زرتها ثانيةً في مهمة صحفية , وكنت أظن أنني سوف أشاهد نهضة تنموية وخدمية حدثت خلال الثلاث السنوات الماضية، ولكن للأسف الشديد وجدت عكس ما كنت أتوقع . أثناء الزيارة السابقة للمحافظة التقيت بعدد من المسئولين وقيادة المحافظة الذين تحدثوا عن خطط ومشاريع مستقبلية عديدة في مختلف المجالات تلبي متطلبات البنية التحتية والخدمات التي يحتاجها أبناء المحافظة وسوف تظهر مدينة البيضاء بمظهر يليق بها كعاصمة للمحافظة ولهذا كنت أتوقع أن أشاهد تطورا في القطاعات والمشاريع الخدمية على وجه الخصوص وفي المشاريع التنموية الأخرى, ولكن ما حدث وما هو حاصل العكس تماماً، وخاصة في الخدمات، وخصوصاً في مجالات الكهرباء والمياه والصحة. فقد تجلت مدينة البيضاء عاصمة المحافظة أنموذجا في تدهور الخدمات حد قول أبنائها الذين قالوا إن الأعوام الماضية كانت أفضل حالا في الخدمات. انطفاء الكهرباء 15ساعة فمدينة البيضاء عاصمة المحافظة تعاني من عدة مشاكل، من أبرزها مشكلة الكهرباء التي توصف بأنها أسوأ مشكلة تعاني منها المدينة فالانقطاع الكهربائي مستمر ويصل في بعض الأيام إلى أكثر من 15 ساعة في اليوم الواحد لتمثل أسوأ خدمة كهرباء في الجمهورية وأعلى معدل تعرفة, ومن المتوقع أن الأزمة ستستمر ما لم تربط بالشبكة الوطنية العامة للجمهورية وسنتناول مشكلة الكهرباء وأسبابها في موضوع لاحق إن شاء الله. أزمة خانقة في المياه إلى جانب المشاكل التي تعاني منها مدينة البيضاء حالياً أزمة خانقة في المياه ووصل الأمر إلى أن كثيرا من الأسر أصبح لديها قناعة بعدم الاعتماد على مياه المشروع وطبعا هؤلاء ممن يستطيعون القيام بذلك أما غالبية السكان ففي أزمة خانقة وواقع الحال ينادي بضرورة تأمين مصدر ثابت ودائم لمياه مدينة البيضاء, إضافة إلى ذلك تتزامن مع مشكلة أزمة المياه مشكلة الصرف الصحي، لأن الصرف الصحي مرتبط به ارتباطا وثيقا فمشروع مجاري مدينة البيضاء أو ما يسمى ب (مشروع وحدة معالجة المجاري الجديد ) شبه متعثر ولم ينفذ, فالمدينة أولا تعاني من قلة المياه بشكل حاد ومستقبل غير مطمئن إذا لم يؤمن للمدينة مصدر ثابت ودائم للمياه. ورغم أنه توجد مؤسسة محلية للمياه مقرها الرئيسي مدينة رداع ويوجد لها فرع في مدينة البيضاء إلا أنها لم تحل المشكلة.. سألنا عددا من المواطنين عن فترة توزيع المياه من المؤسسة فقالوا إنه يأتي في الشهر مرة واحدة وبعض الحارات شهرا ونصفا ولساعات محدودة وبعضهم قال: هناك حارات لا يأتي تماماً فمشروع مياه المدينة والذي وعد به رئيس الجمهورية لا يزال يراوح مكانه إلا من بعض الدراسات الأولية التي أجريت حسب قول المسئولين. شبكة طرق غير منظمة يضاف إلى قائمة مشاكل مدينة البيضاء عدم وجود شبكة طرق داخلية منظمة على الرغم من وجود بعض مشاريع الطرقات على مستوى المحافظة إلا أنها لا ترقى إلى حجم مشاريع الطرقات في بعض المحافظات الأخرى والتي وصلت إلى حد الترف علما بأن بعض مراكز مديريات المحافظة لم توصل بشبكة الطرق الرئيسية. وحتى نكون منصفين يعتبر قطاع الطرق يكاد يكون هو القطاع الوحيد في المحافظة له نشاط ملموس حيث نفذت عدد من المشاريع والعمل جار في أكثر من مشروع وبشكل متواصل، وهذا يدل على أن هناك اهتماما في هذا الجانب. أيضا هو القطاع الوحيد الذي يوجد من يشيد به من المواطنين ومن قيادة المحافظة, ومن خلال ما شاهدناه من مشاريع في مجال الأشغال والعامة والطرق المنفذة والجاري تنفيذها وأيضا المستقبلية إذا تم تنفيذها ولم تتعثر بلا شك سوف تحدث نقلة نوعية وستغير صورة المحافظة إلى صورة أجمل مما هي عليه حاليا. العشوائية وسوء التخطيط من يزور مدينة البيضاء يلاحظ العشوائية وسوء التخطيط في صورة واضحة في المدينة والشارع العام دليل ذلك. ومظاهر العشوائية تسيطر عليها في مختلف المجالات, وخصوصا في الحركة التجارية والبيع والشراء والحركة المرورية, الشارع الرئيسي في المدينة تتركز فيه الحركة بنسبة كبيرة فيه حيث تتواجد أكبر وأكثر المحلات التجارية وهو الطريق الرئيسي لحركة ومرور السيارات وحركة البيع والشراء, والسبب عدم وجود البديل المناسب رغم وجود شوارع دائرية للمدينة إلا أنها لم تحل المشكلة البعض قال إنها ليست مناسبة, ولهذا طغت عليه العشوائية في الحركة وسير الأعمال, هذه المشكلة لفتت نظرنا فور وصولنا إلى مركز المحافظة. وترجع العشوائية إلى غياب التخطيط التي تعاني منه مدينة البيضاء، فهي مع الأسف الشديد صغيرة في المساحة الجغرافية والسكان في تزايد مستمر فيها, إضافة إلى عدم وجود مخطط جوي مركزي من صنعاء، وهو الأمر الأدهى والأمر , بحسب قول مسئولي مكتب الأشغال، لايوجد سوى أربع وحدات جوار وتخطيط وحدات الجوار يتم مركزياً, ولا يوجد إسقاط جوي لمدينة البيضاء, ولايوجد مستر بلان للمدينة رغم المطالبة المستمرة لوزارة الأشغال العامة والطرق على المستوى المحلي والمركزي بضرورة إسقاط جوي وعمل مخطط حتى لخارج المدينة لكي يتم تلافي انتشار العشوائية، ولكن لا توجد استجابة حد قولهم. ومدينة البيضاء محصورة جغرافياً، وهناك إقبال شديد على المدينة والسكن فيها , وهذا يسبب الازدحام السكاني، وكلما زاد عدد السكان زاد الطلب على الخدمات والاحتياجات والمدينة لاتملك إلا شارعاً واحداً وهذا الشارع سبب مشاكل كبيرة, لهذا لابد من عمل شوارع جديدة، وهذا ما هو مخطط ويجري تنفيذه حسب قول مسئولي الأشغال في المحافظة. سوء النظافة من المظاهر السلبية التي لاحظناها في مدينة البيضاء سوء النظافة وهذه مشكلة شاهدناها أثناء تجولنا في عدد من أحياء وشوارع المدينة، وكأنه لا يوجد عمال نظافة رغم وجود صندوق محلي خاص بالنظافة والتحسين الذي يعتبر من أهم الجهات الإيرادية في المحافظة وقد نتج عن مشكلة سوء النظافة بيئة ملوثة استفحل خطرها وأصبحت تزعج ساكنيها وزوارها فالواقع المعاش يوضح مدى الإهمال والتسيب الذي تعانيه جل الشوارع والأزقة بمختلف المناطق السكانية حيث تنتشر القمامة وتتكاثر الحشرات والقوارض وغيرها من الملوثات الخطرة التي تهدد حياة المواطن الذي ما يزال يعيش في حالة من اللامبالاة مع البيئة ضارباً بالقوانين والتشريعات البيئية عرض الحائط والجهات المسئولة عن حماية البيئة ما تزال غائبة عن دورها المناط بها حيال حماية البيئة. فأكثر من مواطن قال إن أكوام القمامة حولت حياة ساكني المدينة إلى جحيم وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن هناك تقصيرا ملحوظاً من ناحية الاهتمام بالنظافة والبيئة، خاصة فيما يتعلق بانتشار القمامة وتكدسها في غير مواقعها المخصصة لها. والسؤال الذي يطرح نفسه أين دور صندوق النظافة والسلطة المحلية من هذه المشكلة، أن انتشار القمامة وتكدسها أصبحت ظاهرة مشينة تزيد يوماً بعد يوم وبشكل عشوائي وخطير، وسيتفاقم خطرها إذا لم يوجد الحلول الجذرية لها. الثأر وانتشار السلاح أيضا من المشاكل والظواهر السيئة التي تعاني منها مدينة البيضاء انتشار حمل السلاح والتجوال به داخل المدينة رغم أنها عاصمة المحافظة ورغم أن الكثير من أبنائها يقولون إن السلاح والثأر ظواهر سيئة في المدينة ويتمنون القضاء عليها. يشار إلى أن محافظة البيضاء تعد من المحافظات التي يوجد فيها أسواق لبيع وشراء السلاح تتوافر فيها كل أنواع الأسلحة بدأ من “المسدسات والرشاشات الكلاشنكوف ، ومرورا بالقنابل والبازوكا والصواريخ المحمولة على الكتف والمدافع والمضادات الأرضية وحتى قذائف الكاتيوشا وقذائف الدبابات والمدافع”. وتعتبر مدينة البيضاء أقل مناطق المحافظة ينتشر فيها السلاح نظرا لوجود حملات أمنية مستمرة لمنح حمل السلاح، بالإضافة إلى أن أبناءها وساكنيها الكثير منهم مع منع حمل السلاح ويتمنون أن تكون مدينة خالية من السلاح وأن تعيش في أمن واستقرار وطمأنينة. أيضا يعتقد الكثير أن النقاط العسكرية في مداخل المدينة لها دور كبير في الحد من السلاح، وقد وجدنا في الطريق من مدينة ذمار إلى مدينة البيضاء ثماني نقط عسكرية للتفتيش. اهتمام غائب عدم الاهتمام بهموم واحتياجات المواطنين هي أيضا مشكلة مهمة يعتبرها أبناء وساكنو مدينة البيضاء يقول أحد المواطنين: لا أحد من المسئولين في البيضاء يهتم بآهات وأوجاع الناس، ولكن ذلك لا يعني أن نحبط ونسلم بذلك لأنه ذلك مما صنعته أيدينا وأيدي من قبلنا وليس قدرا من عند الله ذلك، لأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم أحدا. ويعتقد مواطن آخر أن 95% ممن لهم الكلمة وصوتهم مسموع في محافظة البيضاء لا يعملون إلا لمصلحتهم الشخصية. في حين قال مواطن ثالث: محافظة البيضاء مثل بقية المحافظات تعاني من مشاكل قصور في الخدمات ومن الفساد والفاسدين، لكن الأمر بيد أهل المحافظات هم من ينتخبون المجالس المحلية ومجلس المحافظة والمحافظ والأمين لذلك فلن يراعي الناس ضمائرهم ويخافوا من ربهم وينتخبوا الأفضل والأصلح والأجدر. بعض المواطنين يرون بأن محافظة البيضاء تعاني من تهميش الحكومة ونظرة المسئولين إليها بدليل شحة المشاريع بالمحافظة حد قولهم. وفي الأخير نتمنى أن نزور محافظة البيضاء وهي في حال أفضل مما هي عليها وأن يتم حل جميع المشاكل التي تعاني منها وأن تعم جميع مناطقها مشاريع التنمية والخدمات والأمن والاستقرار والطمأنينة.