يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «صديق المحبة في ثلاثة: يختار كلام حبيبه على كلام غيره، ويختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره، ويختار رضى حبيبه على رضى غيره»..الصديق، رفيق الإنسان، ليس في الدنيا فحسب، بل في الآخرة أيضاً.. ومن هنا تأتي أهمية الأصدقاء وخطورة انتخابهم , إذا كان الصديق يكشف عن هوية صاحبه، وعن موقعه في الحياة، حتى قيل: ((قل لي من تصادق أقل لك من أنت)) فإنه يأتي سؤال يقول: هل كان الناس جديرين بالصداقة؟ وهل الأصدقاء كلهم على قدر متساو في ضرورة تكوين العلاقة معهم؟ إن الاسلام يجيب على ذلك بتوضيح حقيقتين، هما: أولاً : ليس كل الناس جديرين بالصداقة، بل يجب على الإنسان أن يختار الأصدقاء من بين الناس، كما يختار الطير الحب الجيد من الحب الرديء.. ثانياً: يجب على الإنسان أن يكون معتدلاً في صداقته، فلا إفراط ولا تفريط حتى مع الجيدين. يقول الحديث الشريف: أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما. وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما !! وهذه حقيقة مهمة في الحياة لأن الناس ليسوا جدراناً، أو أحجاراً، بل هم (بشر) تؤثر فيهم المؤثرات الاجتماعية، فمن كان منهم جيداً الآن فلا يعني انه سيبقى كذلك إلى الأبد.. ومن كان رديئاً، فلا يعني انه سيبقى كذلك إلى الأبد.. فلا يجوز أن تكون الصداقة مطلقة وبلا حدود.. بل يجب أن تكون بحدودها المعقولة، ومحدودة بمقاييسها الإنسانية. وهنا لا بد أن يتساءل كل منا؟ كيف هم أصدقاء الخير؟ وكيف هم أصدقاء السوء؟ وهنا لا بد من الإشارة إلى نقطة هامة وهي انه ليس الصديق من يحبك وتحبه فقط أو يثق بك وتثق به فحسب، بل الصديق الجيد هو من يجمعك وإياه هدف واحد، فليس الحبيبان من ينظر أحدهما إلى عيني الآخر .. بل الحبيبان من ينظر كلاهما إلى هدف واحد.. حيث صنف الإمام علي كرم الله وجهه) الإخوان إلى نوعين، فقال: الإخوان صنفان: إخوان الثقة .. وإخوان المكاشرة. فإخوان الثقة، كالكف والجناح، والأهل والمال. فإذا كنت في أخيك على ثقة فابذل له مالك، ويدك، وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، وأكتم سره، وأظهر منه الحسن. وإما إخوان المكاشرة، فإنك تصيب منهم لذتك، ولا تقطعن ذلك منهم، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه، وحلاوة اللسان وحسب هذا التصنيف، فإن الأصدقاء نوعين: النوع الأول : الأصدقاء الذين تتبادل معهم أواصر الثقة ولا تشوب علاقتك معهم أية شائبة، وهؤلاء في الحقيقة كف تضرب بهم العدو, و جناح تطير بهم في المجتمع ، وأهل تأنس بهم في الحياة, و رأسمال في وقت الحاجة . النوع الثاني: الأصدقاء الذين لا تربط بهم ثقة كاملة ، فباستطاعتك أن تحصل منهم على المشرب والمأكل، ولكن لا تقطعن ذلك منهم ، فإذا لم تحصل على إخوان الثقة، فلا يعني ذلك أن تعيش وحيداً في هذه الحياة بل تعامل مع هؤلاء كمعاملة التاج وابذل لهم ما بذلوا لك . خلاصة الأمر: لا تنس حينما يحتاج إليك الناس، إنك ستحتاج إليهم يوماً، ولا تبخل على نفسك بقضاء حوائجهم، لكي لا يبخلوا عليك، حين الحاجة إليهم.