تعد قصة توبة وليلى الأخيلية واحدة من مجموعة كبيرة من قصص الحب التي عرفتها كتب العشاق من الشعراء، فهل الحب هو الذي يجعل الإنسان شاعراً، أم أن الشعراء هم الذين يولعون بالعشق والحب أكثر من غيرهم، أم لأنهم هم أكثر الناس قدرة على التعبير فيصيغوا من مشاعرهم أجمل البيوت الشعرية، وينسجون منها أروع القصائد.وبالرجوع مرة أخرى لقصص العشق عند الشعراء نجد قصة توبة بن الحمير الخفاجي وهو أحد شعراء العصر الأموي والذي هام حباً بليلى الأخيلية أو ليلى بنت عبدالله بن الرحال، والتي كانت بدورها واحدة من الشاعرات المتميزات في عصرها ويقال عنها أنها لا يتقدمها في الشعر من النساء سوى الخنساء. عشق توبة ليلى وبادلته هي هذا العشق فكان يعرف توبة بالشجاعة والأخلاق الكريمة، كما عرفت هي بجمالها وفصاحتها ولكن منذ متى تكتمل قصص حب الشعراء بالنهايات السعيدة، فعندما تقدم توبة لوالدها لكي يتزوج بها رفضه والدها لما كان من انتشار أمرهما وذيوع قصة حبهما، فما كان من والدها إلا أن قام بتزويجها من آخر، وعلى الرغم من هذا استمر اللقاء بين توبة وليلى فقام قومها بشكواه إلى السلطان الذي قام بإهدار دمه. وفي إحدى المرات التي قدم فيها توبة لزيارتها ترصد له قومها في المكان الذي يتلاقيا فيه ولما علمت خرجت إليه مسفرة وكان هذا على غير عاداتها، حيث كانت معتادة أن تلقاه مبرقعة وهو الأمر الذي جعله يشك بوجود أمر ما خطير فسارع بالهروب فكانت ليلى سبباً في إنقاذ حياته. ظل توبة يهيم عشقاً بليلى وينشد فيها القصائد الشعرية حتى آخر يوم في حياته، ويقال أن ليلى تزوجت مرتين ولكن ظل حبها لتوبة يحتل مساحة من قلبها. يقال أن توبة خرج في إحدى الغزوات وأصابه الضعف وتم قتله ويقال أن قتله كان على يد بنو عوف بن عقيل. ومما قالته ليلى في توبة: أيا عَيْنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ بسَحٍّ كَفَيْضِ الجَدْوَلِ المُتَفَجّرِ لِتَبْكِ عَلَيْهِ مِنْ خَفَاجَةٍ نِسْوَةٌ بماءِ شُؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحَدِّرِ سَمِعْنَ بِهَيْجا أزهَقَتْ فَذَكَرْنَهُ ولا يَبْعَثُ الأَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ كأنَّ فَتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَسِرْ بِنَجْدٍ ولَمْ يَطْلُعْ مَعَ المُتَغَوِّرِ ومما قاله توبة فيها: نأتْكَ بليلى دارُها لا تَزورها وشطّت نواها واستمَّر مريرُها وخفت نواها من جَنوب عُنيزةٍ كما خفّ من نيلِ المرامي جفيرُها وقال رجال لا يَضيرُكَ نأيُها بلى كلَّ ما شفَّ النفوسَ يضيرها أليس يضير العينَ أنْ تكثرَ البُكا ويمنعَ منها نومُها وسُرورُها وفاة ليلي في إحدى المرات والتي كانت ليلي فيها قادمة من سفر ومعها زوجها أرادت أن تتوقف عند قبر توبة لتسلم عليه ولكن كان زوجها يمنعها، فأصرت على موقفها قائلة: «والله لا أبرح حتى أسلم على توبة» فتركها زوجها تفعل ولما دنت من القبر وقفت أمامه قائلة: «السلام عليك يا توبة» ثم قالت لقومها ما عرفت له كذبة قط قبل هذا فلما سألوها عن ذلك: فقالت أليس هو القائل: ولو أنَّ ليلى الأخيليةَسَلّمت عليَّ ودوني جَنْدلٌ وصفائحُ لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أوزقا إليها صدىً من جانبِ القَبر صائحُ فما باله لم يسلم عليّ كما قال؟ وكانت بجانب القبر بومة فلما رأت الهودج فزعت وطارت في وجه البعير الذي يحمل ليلى مما أدى إلى سقوطها ودق عنقها فكانت وفاتها ودفنت بجانب قبر توبة.