كشفت مصادر مقربة من الزعيم الليبي معمر القذافي أن “هناك قنوات حوار سرية وغير معلنة تتم في الخفاء وبعيدًا عن أعين وسائل الإعلام، بهدف التوصل إلى حل سياسي وسلمي للأزمة الليبية، وذلك رغم أن القذافي وكبار مساعديه يبدون عبر وسائل الإعلام العالمية والرسمية تشدداً. وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية نشرته أمس أن أبو زيد عمر دوردة، رئيس جهاز المخابرات الليبية، والبغدادي المحمودي رئيس الحكومة الليبية، وشكري غانم رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، إلى جانب عبد العاطي العبيدي وزير الخارجية الليبي، يسعون للتوصل إلى حل يؤدي إلى وقف إطلاق النار وإيقاف حلف شمال الأطلنطي (ناتو) قصفه الصاروخي والجوي على القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية للعقيد القذافي. وأضافت المصادر أن العبيدي أجرى خلال زيارته الأخيرة في تونس محادثات مع مسؤولين من الحكومتين البريطانية والفرنسية، بهدف استكشاف إمكانية إبرام اتفاق لخروج القذافي ونظام حكمه، مشيرة إلى أن المفاوضات ما زالت في مراحلها الأولى، ولم تسفر بعد عن بلورة أية صيغة. وكشفت المصادر النقاب عن أن القذافي معني عبر مبعوثيه وكبار مسؤولي نظام حكمه بالبحث عن خروج مشرف من السلطة يضمن عدم ملاحقته هو وأي من أفراد أسرته وكبار مساعديه، إلى جانب تعهد المجتمع الدولي بعدم السعي إلى اعتقاله لاحقاً بأي شكل أو تحت أي ذريعة. ومن جهته أكد مسؤول ليبي للصحيفة وجود تفاوت في وجهات النظر داخل عائلة القذافي ودائرة المقربين منه، وأن هناك من يدعوه إلى استكمال المعركة حتى آخر طلقة وآخر نفس، وهناك من يقول إنه حان الوقت للرحيل. وقال المسؤول الليبي: إن “القذافي يميل إلى البقاء، لكن ما فهمته في الأحاديث الجانبية أنه مستعد للمغادرة إذا ما تلقى ضمانات كافية لإقناعه بأمنه وأمن أسرته لاحقًا”. وتابع المسؤول: “ضمن عائلة القذافي هناك من يقول له دعنا نرحل وكفى، وأن ابنه الأكبر محمد يتبنى هذا الخط، لكن المعتصم وهانيبال والساعدي يقفون في الجهة المقابلة ويرفضون الرحيل، بينما موقف سيف الإسلام الابن الثاني للقذافي يتراوح بين هذا وذاك”، لافتا إلى أن القذافي وعائلته مشغولون الآن بالتفكير في ماذا سيقول عنهم التاريخ، وأن القذافي لا يريد أن يكون مجرد صفحة في تاريخ الشعب الليبي تم طيها، لأنه معني بشكله وبنظرة الناس إليه طوال الوقت. إلا أن مسؤولين آخرين مقربين من القذافي قالوا في المقابل للصحيفة أنه ليس صحيحا على الإطلاق أن القذافي يفكر في الاستسلام وقبول ما يطرحه المتمردون (الثوار) بشأن إمكانية التجاوز عن ملاحقته، إذا ما قرر الخروج باتجاه إحدى الدول الإفريقية. وقال مسؤول التقى القذافي قبل بضعة أيام: “لم أسمع منه كلمة واحدة عن اختياره التنحي، ومعظم الوقت يتحدث عن المقاومة ورفض أي محاولات لإجباره على الرحيل، وهو يعتقد أنه من بنى ليبيا ومجدها وقدم لليبيين الكثير، مقابل أخطاء يراها بسيطة ويمكن التجاوز عنها”. من جهه أخرى قصفت طائرات تابعة لسلاح الجو البريطاني وأخرى تابعة لحلف شمال الاطلسي (الناتو) مقر باب العزيزية الذي يقيم فيه معمر القذافي في بعض الاحيان. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) عن متحدث باسم الجيش البريطاني ان هذه الغارة ارسلت رسالة واضحة إلى قيادة النظام بأنها لا تستطيع ان تختفي خلف جدران عالية. وأكد اللواء جون لوميير ان مقر العزيزية لم يكن يستخدمه القذافي لغرض السكن فقط بل يتضمن مقر القيادة العسكرية والجهاز الأمني وجهاز الاستخبارات التابع للنظام. وذكرت الهيئة ان بريطانيا اعلنت في السادس والعشرين من مايو الجاري عزمها ارسال مروحيات من طراز (أباتشي) إلى ليبيا مضيفة ان بريطانيا تشارك في الغارات الجوية بطائرات من طراز (تايفون) تنطلق من قاعدة جوية جنوبي ايطاليا. ويتنامى الضغط الدولي على نظام القذافي مع تصريح الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف بأنه “لم يعد يملك الحق في ان يكون على رأس الدولة الليبية”. كما دمرت مقاتلات حلف شمال الاطلسي (ناتو) على مدى ال 24 ساعة الماضية مستودعا للسيارات في طرابلس ومقر قيادة وسيطرة بالقرب من العاصمة الليبية. وقال حلف ناتو في بيان أمس ان العمليات العسكرية التي يقوم بها الحلف استهدفت مستودعا للذخيرة بالقرب من مدينة (سرت) ومستودعا اخر بالقرب من مدينة (مزدة) اذ دمرا بالكامل. وقصفت المقاتلات موقع مدفعية بالقرب من مدينة (مصراتة) ومستودع ذخيرة ودبابة بالقرب من مدينة (زنتان) ومنشاة لدعم الصواريخ ودبابة بالقرب من مدينة (الخمس) بالاضافة إلى مستودع للسيارات بالقرب من مدينة (نالوت) ودبابة بالقرب من مدينة (بريقة). ومنذ بدء العمليات العسكرية للحلف في ليبيا 31 مارس قامت مقاتلات الحلف ب 8729 طلعة جوية.